كيف تستمتع بالألعاب الإلكترونية وتحمي ظهرك ورقبتك من الألم؟
تمضي الساعات وقد تنسى نفسك بينما تحاوِل الفوز في لُعبة إلكترونية ممتعة، تسحرك برسوماتها وأدائها المذهِل وقصّتها الفريدة، وفي خضم ذلك قد تجد بعض الألم يتسلّل إلى رقبتك أو ظهرك أو يديك.
ربّما تُحقِّق الألعاب الإلكترونية مُتعة فريدة، لكن الجلوس لفترات طويلة للعب، قد يكون له أضرار كبيرة على ظهرك أو رقبتك، فما أهم هذه الأضرار؟ وما عدد الساعات المثالي للعب؟ وكيف تتعامل مع تلك التحديات الجسدية بينما تستمتع باللعب وتحافظ على صحتك؟
أضرار الجلوس الطويل للعب على الصحة الجسدية
الجلوس الطويل لممارسة الألعاب الإلكترونية، قد يضر صحة الرقبة والظهر، بل وحتى اليدين، وفيما يلي بعض هذه الأضرار:
1. آلام الظهر:
تُعدّ آلام الظهر من أكثر المشكلات الجسدية شيوعًا خلال ممارسة الألعاب الإلكترونية؛ إذ يبقى اللاعب جالسًا بنفس الوضعية لساعاتٍ طويلة، وقد تؤدِّي قلة الحركة بسبب ذلك إلى تيبّس وألم بالظهر، بل قد يتطوّر الأمر إلى مشكلات مزمنة في الظهر.
وتزداد احتمالية حدوث ذلك في حالة:
- الجلوس بوضعية خاطئة ابتداءً.
- استخدام مكتب مُصمَّم بشكلٍ سيئ، لا يراعِي الحفاظ على صحة الظهر أو الرقبة.
2. رقبة التكنولوجيا:
بينما تكون مندمجًا في اللعب، قد تظلّ رأسك ثابتة على وضعية مُعيّنة لساعاتٍ طويلة دون أن تشعر، بما قد يفضِي إلى آلام العضلات في الرقبة، ورقبة التكنولوجيا هو مُسمّى آخر لألم الرقبة الناجِم عن الضغط المتكرر على العمود الفقري في منطقة العنق.
وهذا الاسم مُستوحى من الاستخدام المستمر للهواتف المحمولة أو الشاشات أو ألعاب الفيديو، بما يُبقِي الرأس ثابتة ومائلة قليلًا للأمام لساعات، مما يجعل العضلات متوترة، ويُؤثِّر في الرقبة، مُسبِّبًا الألم.
لكن الألم ليس هو النتيجة الوحيدة، بل قد يعانِي بعض اللاعبين أيضًا الصداع أو شدًّا في الجزء العلوي من الظهر، وقد ينتشر الألم نفسه إلى إحدى الذراعين.
3. ألم الكتف:
قد يحدث ما يُعرَف بـ"كتف الماوس" لمن يلعبون ألعاب الفيديو على الحاسوب كثيرًا، وهو يحدث نتيجة الإفراط في استخدام العضلات، والاسم الحقيقي لهذه الحالة هو "التهاب وتر العضلة ذات الرأسين"، وهي إحدى العضلات الموجودة في الجزء الأمامي من العضد، والمسؤولة عن انقباضه.
وقد يظهر ألم الكتف من هذا النوع في صورة ألم في جانب واحد من الرقبة، يمتدّ إلى الكتف، وغالبًا ما يُوصف الألم على أنّه حارِق أو عميق، وهو مرتبِط أساسًا بالاستخدام المتكرّر أو المُطوّل للفأرة "Mouse".
اقرأ أيضًا:ألعاب الفيديو.. متعة بريئة أم طريق خفي نحو الاكتئاب؟
4. متلازمة النفق الرسغي:
لا تقتصر المشكلات الجسدية للجلوس ساعات طويلة في لعب ألعاب الفيديو على آلام الظهر أو الرقبة أو الكتف فحسب، بل قد تجد الألم بدأ يتسلّل إلى معصمك أو باطن يدك، فيما يُعرَف بـ"متلازمة النفق الرسغي"، التي تُعدّ من الأعراض الجسدية لإدمان الألعاب.
وتحدث هذه المتلازمة نتيجة الضغط على العصب الرئيسي بين الساعِد واليد؛ إذ إنّ منطقة النفق الرسغي، هي المنطقة التي تمرّ خلالها الأعصاب والأوتار الرئيسة، ومِنْ ثمّ فإنّ أي ضغطٍ بها، قد يؤثِّر بشدّة في الأعصاب.
لذا فإنّ الإفراط في استخدام الفأرة قد يؤدِّي إلى تهيّج وتورّم، أو ألم في اليد أو حتى تراجُع نطاق الحركة لليد.
تؤكِّد ذلك دراسة منشورة عام 2023 في دورية "Medycyna Pracy"؛ إذ إنّ رياضيّي الألعاب الإلكترونية الذين استخدموا جهاز كمبيوتر مزودًا بلوحة مفاتيح وفأرة، كانوا أكثر عُرضةً لمتلازمة النفق الرسغي وألم اليد، لكن كانت الأعراض أخفّ مع استخدام وحدة تحكّم "ّذراع ألعاب" ومساند الأذرع.
وخلال الدراسة كان اللاعبون يقضون 5 - 10 ساعات في اللعب يوميًا، وخلصت الدراسة إلى أنّ رياضيّي الرياضات الإلكترونية، مُعرّضون لخطر الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي.
كيف تتعامل مع التحديات الجسدية للألعاب الإلكترونية؟
يمكن التخفيف من الآثار الجسدية للجلوس ساعات طويلة في لعب الألعاب الإلكترونية، وفيما يلي بعض النصائح التي يُقدِّمها دكتور "زهاب إحسان"، جرّاح العظام وأخصائي الطب الرياضي:
1. الحفاظ على الوضعية الصحيحة للجسم:
الوضعية الجيدة أمر بالغ الأهمية لمن يجلسون على مكتب لفترة طويلة من الوقت، خاصةً أنّ الوضعية السيئة يمكن أن تعرّضك لإصابات متكررة، بالإضافة إلى آلام الرقبة والظهر المزمنة.
لذا يجب التأكّد من إعداد مكتب أو مكان اللعب بشكلٍ مريح صحيًا، بحيث لا تضطر إلى مدّ ذراعَيك كثيرًا للوصول إلى لوحة المفاتيح، بالإضافة إلى أن تكون وضعية الجسم صحيحة ومستقيمة، بحيث تكون هناك محاذاة بين الرقبة والكتفين والعمود الفقري، فلا يكون أي منها مائلاً أو منحنيًا.
2. تغيير وضعية الجسم من وقتٍ لآخر:
ينبغي الحركة من وقت لآخر حتى لو كانت الحركة قليلة، لأنّ الجلوس لفترات طويلة ليس جيدًا للصحة الجسدية، ومما قد يساعد على تحقيق ذلك بسهولة مكاتب المشي "Treadmill desks"، خاصةً لمن يرغبون في تقليل الوقت الذي يقضونه جالسين أمام الشاشات.
3. أخذ فترات راحة بانتظام:
يتسبّب الجلوس لفترات طويلة في شدّ العضلات، خاصةً عضلات الساق الكبيرة والألوية، التي تُعدّ ضرورية للمشي والحفاظ على استقرار الجسم في أثناء النشاط.
لذا من الضروري أخذ فترات راحة بانتظام للنهوض والمشي ولو لبضع دقائق دون انجرافٍ وراء ساعات اللعب الطويلة، ويجب الانتباه إلى المدة التي تظلّ فيها جالسًا أمام الشاشات، وأخذ أوقات راحة بين الحين والآخر.
اقرأ أيضًا:من التغذية إلى ألعاب الفيديو.. طرق علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
4. تجربة تمارين تحمّل الوزن:
الحركة، مهما كانت طفيفة، لها عديد من الفوائد للصحة الجسدية والنفسية، فيما تساعد تمارين تحمّل الوزن على تحسين صحة العظام؛ فالنهوض من الكرسي أو الأريكة وممارسة برنامج منتظم لتمارين تحمل الأوزان، بما في ذلك رفع الأثقال، سوف يؤتِي ثماره لصحتك في المستقبل.
لكن يجب التدرّج في ممارسة التمارين وعدم رفع أوزان ثقيلة أو زيادة عدد مرات ممارسة التمارين فجأة، كما ينبغي استشارة مدرّب لياقة بدنية لمعرفة كيفية ممارسة التمارين بشكلٍ صحيح.
ما هو عدد ساعات اللعب المثالي للحفاظ على الصحة؟
يختلف عدد ساعات اللعب المناسب من شخصٍ لآخر، فما قد يكون طبيعيًا بالنسبة لشخصٍ قد يكون مختلفًا لغيره.
وحسب "جين توينج"، أستاذة علم النفس والباحثة بجامعة ولاية "سان دييغو"، فإنّ الحد الآمن للمراهقين هو ساعة إلى ساعتَين يوميًا.
وحسب دراسة للباحثة نشرت عام 2017، وأجرتها جامعة ولاية سان دييغو وجامعة ولاية فلوريدا، فإنّ قضاء المراهقين أكثر من 5 ساعات يوميًا في ألعاب الفيديو، يُعدّ أكثر من اللازم.
فيما ذكرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، أنّ الأطفال الذين تزيد أعمارهم على 6 سنوات، يجب ألّا يقضوا أكثر من 60 دقيقة في ممارسة الألعاب في أيام الدراسة، وساعتين في أيام الإجازات.
