من قديمة إلى كلاسيكية: كيف ترتفع قيمة السيارات بمرور الزمن؟

يميل البشر عادةً إلى تفضيل المنتجات الجديدة، فكل جديد في الغالب أكثر تطورًا، أكثر حداثة، أقل عرضةً للتلف، والأهم أنه خضع لمعالجة جميع المشكلات التي عاناها مستخدمو الإصدار الذي سبقه، فهذا هو المسار الطبيعي للأمور في مختلف مجالات الحياة.

والسيارات ليست بالمطلق بعيدة عن هذا الواقع، فالأحدث غالبًا أعلى أهمية، ومن ثم أعلى قيمة، إلا أنّ هناك دائمًا استثناء لأي قاعدة، والسيارات الكلاسيكية قد تكون أجمل هذه الاستثناءات، إذ تشهد ارتفاعًا لا يصدقه العقل أحيانًا في قيمة وسعر سيارة قديمة أكل الدهر عليها وشرب، فكيف يحصل هذا؟ وكيف تتحوّل سيارة ما أُنتجت في ستينيات القرن الماضي بتقنياته لتباع بسعرٍ لا يتجاوز حدود الـ 63 ألف ريال سعودي، إلى سيارة يتجاوز سعرها قيمة قصر فاخر مترامي الأطراف في أغلب عواصم العالم؟!

لماذا ترتفع أسعار السيارات الكلاسيكية القديمة؟

لتحديد أبرز العوامل التي تؤدي لارتفاع سعر السيارات القديمة، كي تتحوّل مع مرور الزمن وتستقطب جامعي السيارات الكلاسيكية، تحدثنا إلى خبير السيارات الكلاسيكية، مازن الخطيب، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "نوستالجيا للسيارات الكلاسيكية"، الذي لخص الأمر ضمن النقاط التالي:

ندرة السيارة

تُعد من أهم العوامل التي ترفع سعر السيارة، إذ تمثل السبب الأول الذي يجعل الطلب على سيارة أعلى من المعروض للبيع منها، وخير دليل على ذلك Ferrari 250 GTO التي أُنتج منها 36 نسخة فقط، Mercedes SLR Uhlenhaut التي أُنتج منها نسختان مرخصتان فقط للقيادة على الطرق، أو Bugatti Type 57 Atlantic.

العدد المتبقى من نسخ السيارة

بالإضافة إلى موضوع الندرة، هناك عنصر المحافظة على الحالة الفنية للسيارة: بقاؤها صالحة للاستخدام، أو أقله المحافظة على شكلها الخارجي كما خرجت من المصنع، إذ إنّ هناك العديد من السيارات التي قد يكون أُنتج منها عدد معيّن من النسخ، إلا أنه ومع مرور الوقت وتعرض بعض هذه النسخ لحوادث تؤدي إلى تلفها، يتناقص هذا العدد وتصبح السيارات المتاحة من الطراز المعيّن أعلى قيمة، والمثال على ذلك ما حصل مؤخرًا مع نسخة من طراز Ferrari F40.

اقرأ أيضًا: مجموعة نادرة من السيارات الكلاسيكية الأيقونية في مزاد مرتقب بميلانو

الشخصيات التي امتلكت السيارة

لهذا العنصر أهمية كبيرة، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، المباشر هو أن تكون السيارة المعروضة للبيع ضمن مزاد علني على سبيل المثال، قد جرت قيادتها أو امتلاكها من قبل شخصية عالمية كارول شيلبي، ألفيس برسلي أو عبد الحليم حافظ، فهنا ترتفع قيمة السيارة بشكلٍ كبير لأهمية هذا الأمر بالنسبة للعامة، ومنهم عشاق السيارات، وعشاق تلك الشخصية بشكلٍ خاص.

فمثلًا قد لا يكترث من هم خارج نطاق عشاق السيارات بسيارة رياضية نادرة، إلا أنهم قد يُقبلوا على دفع مبلغ مضاعف ثمنًا لها، متى علموا أنها كانت تُستخدم من قبل الشخصية التاريخية التي يعشقونها. 

أما بالنسبة لما هو غير مباشر، يكفي أن نذكر الاهتمام الذي بدأت تناله جميع نسخ Ferrari Testarossa البيضاء اللون، كونها تتشابه مع النسخ التي استخدمت من قبل التحري سوني كروكيت (أو الممثل الأمريكي دون جونسون الذي لعب الدور)، ضمن أحداث مسلسل ميامي فايس الشهير.

اقرأ أيضًا: ألعاب الكبار: سيارات سباق حصرية لعالم لا يعرف الحدود

التاريخ الرياضي للسيارة

مشاركة السيارة في سباقات عالمية وإحرازها لمراكز متقدمة، تعد من العناصر التي ترفع قيمتها بشكلٍ كبير، والمثال على ذلك سيارة Ferrari F399، التي حققت الفوز ببطولة العالم للصانعين ضمن سباق الفورمولا 1 في موسم 1999.

أصالة السيارة

بالإضافة إلى الندرة، تُعد الأصالة من أهم العناصر التي تؤدي لارتفاع سعر السيارة، والأصالة هنا لا تتوقف عند حدود تطابق رقم الهيكل مع رقم المحرك ورقم علبة التروس، ضمن التركيبة نفسها التي خرجت فيها السيارة في زمانها من المصنع، بل أيضًا مختلف مكوناتها، وطلاؤها الداخلي أو الخارجي. 

وهنا، وبما أنّ ما أفادنا به مازن الخطيب يشير إلى أنّ ما نسبته واحد في المائة فقط من جامعي السيارات هم ممن يرغبون بقيادتها فعلاً، فإنّ سيارة تتمتع بحالتها الأصلية، ولو كانت سيئة، هي أفضل من سيارة أُعيد ترميمها لتوفر راحة، عملية أو جودة أعلى في الاستخدام.