بعد احتفائها بيوم التراث العالمي.. ما أبرز التجارب المميزة في القصيم؟

تتألق منطقة القصيم، القابعة في قلب المملكة العربية السعودية، كوجهة سياحية تراثية تجمع بين عبق الماضي وإبداع الحاضر، حيث تُعد واحدة من أكثر الوجهات السياحية التراثية تميزًا في المملكة.
وتحت شعار "التراث والمناخ" لهذا العام، نظمت هيئة التراث في القصيم فعاليات مميزة في بريدة، تضمنت عروضًا تفاعلية للحرف اليدوية وتجارب تعليمية للصغار والكبار، ما يعكس التزام المنطقة بالحفاظ على إرثها الثقافي العريق.
القصيم وجهة تراثية تحكي قصص الماضي
وتعرف القصيم بـ"سلة الغذاء" في السعودية، لكنها أيضاً كنز تراثي يروي تاريخاً يمتد من العصر الحجري إلى العصور الإسلامية وصولاً إلى تأسيس الدولة السعودية.
وتتميز المنطقة بتنوع مواقعها الأثرية، التي تشمل قرى تاريخية، وقصوراً طينية وأسواقاً شعبية، ومتاحف تعكس أصالة العمارة النجدية ونمط الحياة التقليدي.
وبفضل جهود هيئة التراث وتكاتف المجتمعات المحلية، تم ترميم هذه المواقع وتحويلها إلى وجهات سياحية جاذبة، وسواء كنت تتطلع إلى استكشاف النقوش الصخرية القديمة أو التجول في أزقة الأسواق الشعبية، فإن القصيم تقدم تجربة تراثية غنية تناسب جميع الأذواق.
جواهر القصيم التراثية
وتمتلك القصيم مجموعة من المزارات التراثية الرائعة، التي تحمل عبق الماضي، وتعكس حياة الأجداد، منها:
قرية المذنب التاريخية في المذنب
في محافظة المذنب، تقع قرية المذنب التاريخية، التي تعد نموذجاً حياً للقرية النجدية التقليدية التي يعود تاريخها إلى أكثر من سبعة قرون، حيث تم ترميم القرية بعناية بالتعاون بين هيئة السياحة والتراث الوطني وبلدية المذنب، لتحصل على جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني كأول مدينة تراثية متكاملة تشغل دون استخدام مواد حديثة.
وتتيح القرية للزوار فرصة السير في أزقتها الطينية، التي تحكي قصص الحياة اليومية في الماضي، والاستمتاع بمهرجانات موسمية تعرض الفنون الشعبية والرقصات الفلكلورية.
ويضفي سوق المجلس الشعبي، الذي يستضيف مزادات للقطع الأثرية ويعرض المشغولات اليدوية، لمسة خاصة على التجربة، بينما تقدم السيدات المحليات أطباقاً تقليدية تحضر بأساليب أصيلة.

بيت البسام التراثي في عنيزة
وفي محافظة عنيزة، يتربع بيت البسام التراثي كأيقونة معمارية تجسد فخامة العمارة النجدية، حيث بني هذا البيت عام 1955م على مساحة 3500 متر مربع، ويضم 30 غرفة موزعة على دورين، مصممة بعناية لتوفير التهوية الطبيعية والإضاءة المثالية.
ويتيح البيت للزوار فرصة استكشاف المجالس التقليدية وغرف النوم التي تعكس أسلوب الحياة النجدي، إلى جانب حضور فعاليات ثقافية ومعارض فنية تنظم بانتظام، وبفضل تصميمه الفريد، يعد البيت وجهة مثالية لعشاق التصوير الفوتوغرافي، حيث يجمع بين الأصالة والجمال المعماري.

اقرأ أيضًا: أفضل أماكن التخييم والكشتات في ربيع السعودية 2025
سوق المسوكف الشعبي في عنيزة
ويشكل سوق المسوكف الشعبي في عنيزة، الذي بني عام 2007م على أنقاض السوق القديم، معلمًا تراثيًا ينبض بالحياة، ويمتد على مساحة 5000 متر مربع، وتتألق أروقته الطينية بتصميم يحاكي الطراز التقليدي.
ويستقطب السوق الزوار خلال مهرجان المسوكف السنوي، الذي يقدم عروضاً للحرف اليدوية، والأطباق الشعبية مثل الكليجا والمعمول، والرقصات التقليدية.
كما يضم السوق متحفاً صغيراً يعرض قطعاً تراثية تحكي تاريخ المنطقة، ما يجعله وجهة مثالية للتعرف على الثقافة المحلية.

متحف الدبيخي التاريخي في بريدة
وفي بلدة القويع ببريدة، يقع متحف الدبيخي التاريخي، أحد أكبر المتاحف التراثية في القصيم، وكان هذا المبنى الطيني في الأصل قصراً لعائلة الدبيخي، ويضم اليوم أكثر من 3000 قطعة تراثية، تشمل أدوات الطهي، وأواني الري، وأدوات الزراعة، والملابس التقليدية.
ويتيح المتحف للزوار فرصة استكشاف تفاصيل الحياة اليومية في الماضي من خلال معروضاته، بالإضافة إلى جولات تعليمية تنظم للطلاب والزوار، بالإضافة لتجارب ثقافية تتضمن التعرف على الحرف التقليدية مثل النجارة وطحن الحبوب.

موقع شعيب الأدغم الأثري
وشرق القصيم، يبرز موقع شعيب الأدغم كأحد أهم المواقع الأثرية في المملكة، حيث يعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط "الحضارة الآشولية" قبل نحو 200 ألف سنة، ويضم أدوات حجرية نادرة تبرز تاريخ المنطقة العريق، ويوفر للزوار فرصة المشاركة في جولات أثرية بإشراف مختصين.
وبفضل تضاريسه الفريدة، يعد الموقع مثالياً لعشاق التصوير الطبيعي، كما يتيح التعرف على أقدم الحضارات التي سكنت شبه الجزيرة العربية.
سوق الحرفيين في بريدة
وفي وسط بريدة، يقع سوق الحرفيين، وجهة سياحية مميزة لعشاق الصناعات اليدوية، حيث يتميز بنمطه العمراني التراثي ومعروضاته التي تشمل الأواني الفخارية، والمنسوجات، وغيرها من المنتجات الحرفية.
ويتيح السوق للزوار مشاهدة الحرفيين في أثناء عملهم، مما يضيف بعدًا تفاعليًا للتجربة، كما يستضيف فعاليات موسمية تُبرز تراث القصيم، مما يجعله محطة أساسية في جولتك السياحية.
اقرأ أيضًا: موسم الدرعية.. ذاكرة البدايات ونبض الثقافة السعودية
تجارب سياحية في القصيم تأسر الحواس
وتتعدد التجارب السياحية في القصيم لتقدم مزيجاً من الثقافة والترفيه، حيث تستضيف المنطقة مهرجانات موسمية، مثل مهرجان المسوكف وقرية المذنب، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالعروض الفلكلورية، وورش العمل الحرفية، وتذوق الأطباق التقليدية.
كما تعد تجربة تحضير الكليجا والمعمول في ورش الطهي فرصة للتفاعل مع الثقافة المحلية، كما تتيح مواقع مثل سوق الحرفيين وقرية المذنب تعلم الحرف التقليدية، مثل النسيج والفخار، ما يمنح الزوار مهارات جديدة وذكريات مميزة.
ولعشاق التاريخ، تقدم الجولات الأثرية في مواقع مثل شعيب الأدغم وموقع ضرية، الذي بدأت هيئة التراث التنقيب فيه مؤخراً، تجربة استكشافية عميقة بصحبة مرشدين مختصين.
كيف تخطط لزيارتك التراثية في القصيم؟
وللاستمتاع بتجربة سياحية مثالية في القصيم، يفضل زيارة المنطقة بين أكتوبر وأبريل، حيث يكون الطقس معتدلاً ومناسباً لاستكشاف المواقع الخارجية، حيث يمكن تنظيم الجولات بحيث تشمل زيارة مواقع قريبة معاً، مثل بيت البسام وسوق المسوكف في عنيزة، ثم الانتقال إلى بريدة لزيارة متحف الدبيخي وسوق الحرفيين.
ولتجربة أعمق، استعن بمرشدين سياحيين محليين يمكنهم سرد قصص التاريخ والثقافة بأسلوب شائق.
جهود الحفاظ على التراث في القصيم
وتلعب هيئة التراث دوراً رئيساً في صون المواقع التراثية في القصيم من خلال مشاريع الترميم والتنقيب الأثري، وتنظيم الفعاليات الثقافية.
كما ساهمت المجتمعات المحلية في تأهيل هذه المواقع وفتحها للزوار، مما عزز مكانة القصيم كوجهة سياحية تراثية رائدة.
وتظل القصيم وجهة سياحية تراثية ساحرة تجمع بين التاريخ العريق والتجارب الثقافية المميزة، ومن أزقة قرية المذنب التاريخية إلى فخامة بيت البسام، ومن حيوية سوق المسوكف إلى أعماق التاريخ في شعيب الأدغم، تقدم المنطقة رحلة تأسر الحواس.
ومع استمرار جهود هيئة التراث في تعزيز السياحة الثقافية، تتربع القصيم ككنز سعودي يعد وجهة أكثر من رائعة لمحبي استكشاف التراث.