تاريخ من التحدي والإبداع.. كيف صنعت Bugatti هالتها الأسطورية؟




الهالة الأسطورية التي تتمتع بها سيارات "بوجاتي Bugatti" اليوم، لم تأتِ فقط من الأرقام القياسية التي سُجلت على مضمار يسمح بتسجيل سرعاتٍ عالية، ولا من برامج تخصيص تكتفي بطلاء يدعي الحصرية، أو مادة غريبة جرى استخدامها في كساء مقصورة نسخة واحدة من سيارة فاخرة، ولكنها ناجمة عن فكرة قديمة / جديدة ولدت في مخيلة سليل عائلة فنية عريقة، عشقت التميز منذ قديم العصور.
إنه "إيتوري بوجاتي"، الذي ولد في مدينة ميلانو الإيطالية، لأب متمرس بتصميم المجوهرات والأثاث الفاخر، وجد مهندس معماري ونحات، الأمر الذي دفعه لنقل جوهر هذه الفنون الجميلة إلى عالم وسائل النقل، وأبرزها السيارة التي كانت وقتها، ذاك الاختراع الجديد، الذي من شأنه أن يغير العالم.
سيارات بوجاتي
وللإضاءة على الإرث الذي بناه "أيتوري بوجاتي" والحالة التي يتمتع بها اليوم، نستعرض لك عزيزي القارئ عددًا من السيارات البارزة في تاريخ Bugatti، الذي يمتد لأكثر من مائة عام.
بوجاتي TYPE 13

هي أول سيارة تُنتج تحت تسمية Bugatti، مع تأسيس الشركة في العام 1910، واستمرت على خطوط الإنتاج حتى العام 1920، إذ أُنتج منها 435 نسخة، واستخدمت معظم سيارات الطرق محركات مجهزة بثمانية صمامات، مقابل خمس نُسخ مخصصة للسباق، مزودة برؤوس أسطوانات بستة عشر صمامًا، وعُرفت سيارات الطرق بعبارة "Pur-Sang" الفرنسية، التي تعني الدماء الأصيلة، تماشيًا مع رغبة "إيتوري بوجاتي" في التباهي بتصاميمه.
بوجاتي Type 41Royale

ولدت فكرة هذه السيارة بسبب تعليقات سيدة بريطانية، قارنت فيها سيارات "بوجاتي Bugatti" بسيارات "رولز-رويس Rolls-Royce"، الأمر الذي لم يُرضي السيد "بوجاتي" المعتز بنفسه، وبسياراته التي كان يرى فيها قمة ما توصلت إليه الصناعة الميكانيكية آنذاك، لذا قرر تصميم وإنتاج سيارة مخصصة للملوك، تحمل تسمية Type 41 Royale.
بالإضافة إلى الأبعاد الكبيرة التي تفرض بطبيعة الحال هيبة فائقة على الطريق، تمتعت Royale بتصميم فريد، مع مقصورة قيادة مكشوفة، منفصلة عن مقصورة الركاب الخلفية، ذات السقف الصلب والأثاث المطعّم بمنحوتات خشبية تحاكي ما يتوفر في الأثاث الفاخر.
وتُعتبر Bugatti Royale اليوم من أكثر السيارات قيمةً، علمًا أنه وبالإضافة إلى الهدف الأساسي لإنتاجها، والذي كان يتمثل بالتفوق على سيارات "رولز-رويس" على صعيد الفخامة والحجم والسرعة، كان السيد "إيتوري" ينوي بيعها حصرًا إلى العائلات المالكة، ولكن تزامن إطلاق السيارة مع أوضاع اقتصادية سيئة في أوروبا، ما منع العائلات المالكة في القارة العجوز من الحصول عليها.
بوجاتي Type 57 SC Atlantic Coupe

إنها ليست مجرد واحدة من أساطير Bugatti، بل ربما أعظمها، فقد أنتج منها أربع نسخ فقط بين عامي 1936 و1938، ولا تزال ثلاث من هذه السيارات الكوبيه الاستثنائية موجودة.
تُعتبر هذه السيارات من أغلى السيارات في العالم، ولعل ما يعزز مكانتها الأسطورية أكثر وأكثر هو الغموض الذي يحيط بالنسخة الرابعة، التي لا يعرف أحد ما حصل لها منذ أكثر من 80 عامًا.
يمتلك عملاق الأزياء الأمريكي "رالف لورين" أحد نسخها الثلاث المتبقية، والتي استمرت لفترة طويلة متربعة على عرش أغلى السيارات الكلاسيكية، حتى أتت نسخة من طراز Ferrari 250 GTO لتحل محلها.
اقرأ أيضًا: سيارة Lexus LX.. رائدة الفخامة القادمة من الشرق
بوجاتي EB 110

تمثل EB110 مرحلة بارزة في تاريخ الشركة، وهي المرحلة العصرية التي تألق فيها اسم Bugatti مرة أخرى، على يد الصناعي الإيطالي الجريء "رومانو أرتيوللي"، مع سيارة تتمتع بخطوط خارجية رياضية عصرية، ولكن مع الحفاظ على ارث الشركة شكلًا ومضمونًا.
فعلى صعيد الشكل، تمتعت السيارة بسمات مميزة تعكس عظمة التصاميم الإيطالية، أما على صعيد المواصفات فقد أتت السيارة مع محرك من 12 أسطوانة، مع أربعة شواحن هواء، الأمر الذي وفر لها اهتمامًا كبيرًا من قبل عشاق السيارات الرياضية المميزة لسنوات، قبل إنتقال ملكية الشركة لمجموعة "فولكس فاجن Volkswagen".
بوغاتي فيرون Veron / Chiron

في كنف مجموعة "فولكس فاجن Volkswagen"، عرفت Bugatti محاولات لإعادة إحياء فكر المؤسس "أيتوري"، فنجحت إلى حدٍ كبير في مجالات لتخفق في مجالات أخرى.
فإذا أخذنا مسألة الأداء، اشتهرت Bugatti Veron ومن بعدها Chiron بأنهما أسرع سيارة في العالم، ولكن في الخط المستقيم فقط لا على حلبات السباق ذات المنعطفات المتتالية، كونهما تمتعتا بمكونات ميكانيكية تسمح لهما بأن تصلا إلى سرعاتٍ عالية، ولكن دون أن تتمكن المكونات الميكانيكية الأخرى كجهازي التعليق والتوجيه، والمكابح وحتى الإطارات من ضبط اندفاعة السيارة، وتوجيهها نحو اجتياز منعطف بأمان.
وبالتالي تكون Veron ومن بعدها Chiron قد استجابت لفكر السيد "أيتوري" في مجال الأداء العالي، ولكن بعيدًا عن عالم السباقات، الذي تألقت فيه Bugatti في الماضي، وما يتطلبه من قدراتٍ عالية في مختلف جوانب حلبة السباق لا مقاطعها المستقيمة حصرًا.
أما على صعيد التصميم الخارجي، فهذه مسألة تخضع للذوق الشخصي لكل فرد، ولكن الغالبية العظمة من متذوقي فن تصميم السيارات يجمعون على أنّ سيارات "بوجاتي" الأساسية، التي تنتمي لحقبة Volkswagen كانت تفتقر للأناقة، فرغم أنها نجحت في عكس روح العظمة التي لطالما كانت رديفة لسيارات الصانع الفرنسي، إلا أنها لم تكن تتمتع بنفس مستوى جاذبية وسحر أسلافها.
بوجاتي Tourbillon

مع Tourbillon تفتتح Bugatti حقبة جديدة في تاريخها، ضمن تحالف مع مجموعة Rimac، مع سيارة لم تكتفي بمستويات أناقة عالية تتوفر لها، من خلال تصميم أضاف جرعات عالية من السلاسة إلى لغة التصميم، التي اعتمدتها الشركة خلال السنوات العشرون الأخيرة من عمرها، بل عززتها بمواصفات ميكانيكية هجينة عالية الأداء.
وتحت جسم أرستقراطي المظهر، تتمتع Tourbillon بمحرك يتألف من ستة عشر أسطوانة سعة 8.3 لتر، يعمل بسحب الهواء طبيعيًا، ليولد قوة 1000 حصان، قبل أن يساعده نظام كهربائي قادر على توليد قوة تبلغ 800 حصان، ليصبح إجمالي القوة 1800 حصان.
من الداخل، تتمتع مقصورة القيادة بلوحة عدادات ثابتة خلف المقود المتحرك، والتي تتكوّن من ثلاثة أقراص كبيرة تعرض جميع المعلومات، بدءًا من سرعة السيارة وسرعة دوران المحرك وكمية الوقود ودرجة حرارة المحرك وغيرها الكثير.
ودائمًا على صعيد التصميم، تم صقل جسم السيارة الخارجي منذ البداية بطريقة تسمح بتطبيق تركيبة الألوان المزدوجة المميزة لسيارات Bugatti بسلاسة، دون أن تبدو مسألة ازدواجية الألوان وكأنها أمر جرى استدراكه في اللحظات الأخيرة.