حب الذات.. قد يكون أهم ما تحتاج إليه في عيد الحب




يرتبط "الفالنتاين" بالاحتفال بالحب تجاه الآخرين: الزوج، والأصدقاء والعائلة، وفي خضم التخطيط وتقديم الأزهار والشوكولاتة والتعبير عن مشاعر الحب والتقدير، من السهولة بمكان نسيان العلاقة الأهم، وهي علاقتنا مع أنفسنا.
فالحب له أشكاله المختلفة والمتنوعة، وأحد أهم أشكاله هو حب الذات، فماذا لو قمت في عيد الحب هذا بتوجيه انتباهك كاملاً نحو نفسك وممارسة حب الذات؟

ما هو معنى حب الذات؟
حب الذات ليس مفهوماً أو نظرية أو "تريند"، بل مجموعة من الأفعال البسيطة التي لها تأثير كبير على مختلف جوانب الحياة، فهو تقدير ورعاية النفس من دون شروط، بما في ذلك معاملة النفس باللطف والاحترام والتعاطف الذي تظهره للآخرين، الذين تحبهم وتقدرهم.
ولعل البداية تكون بالاعتراف بأنكم تستحقون الحب والتقدير، اعتراف نابع من الداخل وليس من الخارج، ثم تنطلقون للاعتراف بقيمتكم، وتحديد ما تحتاجون إليه من دون الشعور بالذنب.
حب الذات لا يتمحور حول الكمال أو عدم ارتكاب الأخطاء، بل قبول الذات كما هي، وتعلم تقديرها ومعاملتها بلباقة ولطف، تماماً كما تتقبلون أخطاء من تحبون وتسامحونهم وتعاملونهم بلطف ولباقة، فحب الذات هو تقبل الذات بكل عيوبها والتعهد بمنحها السعادة.
أهمية حب الذات

محبة الذات بالغة الأهمية، لأنها تشكل الأساس لتفاعلكم مع العالم، وبناء العلاقات وإدراك قيمتكم الفعلية، فعندما تمارسون هذا الحب حينها تزرعون شعوراً صحياً بالثقة بالنفس، ما يسمح لكم بمواجهة التحديات بصلابة، ومن دون حب الذات سيكون هناك دائماً التشكيك بالذات ومشاعر عدم الأمان، والحاجة المستمرة للحصول على محبة وموافقة الآخرين.
ولعل جميع الدراسات التي أجريت تؤكد ضرورة وأهمية هذا النوع من الحب. ففي دراسة "حب الذات: الدرس الذي يتم من خلاله إدراك جميع الدروس"، التي نشرت في "إنترناشونال جورنال للعلوم الصحة"، تبين بأن حب الذات يؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية والعلاقات الشخصية، وبأنه سمة نفسية منفصلة عن السمات النفسية الأخرى، وله تأثيره الكبير على نوعية العلاقات الشخصية وعلى الرفاه الذاتي.
دراسة أخرى حملت عنوان "دراسة معمقة للعلاقات بين جوانب الترابط والرفاه"، درست العلاقة بين المحبة للذات والرفاه العام، وأجرت تحليلاً معمقاً للعلاقة بين الذات والآخرين، وبين الذات والمحيط، وخلصت الدراسة إلى أن حب الذات يرتبط بالازدهار والتقدم، ما يؤثر على الرفاه العام للأفراد، كما أن فهم الأفراد للمحبة الذاتية، وآلية تطبيقها تعزز الصحة النفسية والعاطفية، وتسهم في بناء علاقات صحية ومثمرة.
في المقابل تبرز فكرة محورية مفادها عدم القدرة على حب الآخرين، فإن لم تتمكن من محبة نفسك، أو على الأقل عدم القدرة على تصديق حب الآخرين لك، فلم تكن تملك القدرة على حب ذاتك.
الفكرة نابعة من مبدأ الكوب الفارغ لا يمكنه أن يروي العطش، فمحبة الآخرين تتطلب طاقة عاطفية، ولكن إن لم يكن بإمكانك تطبيقها على نفسك فكيف يمكنك تطبيقها على الآخرين؟!
إن محبتك لنفسك هي أيضاً الأساس الذي يشكل علاقتك بالآخرين، فالطريقة التي تعامل نفسك بها ستكون معياراً لكيفية معاملة الآخرين لك، فإن لم تقدر نفسك فلن يقوم الآخرون بتقديرك.
باختصار، فإن محبة الذات هي الأساس للثقة بالنفس، ووضع الحدود وتنمية علاقات صحية، والفخر بأنفسكم، ودونها ستجدون أنفسكم تنتقدون ذواتكم بشكل متكرر، وتسامحون سوء المعاملة، لأنكم لا تعتبرون أنكم تستحقون أكثر مما يمنح لكم، ما يدفعكم للقيام بخيارات خاطئة، فمحبة الذات هي أساس لحياة صحية، وحجر أساس لاتخاذ قرارات قد تؤثر على حياتكم بكل جوانبها.
حب الذات والنرجسية

حب الذات لا يعادل الأنانية، وبالتأكيد لا يعني النرجسية. فالأنانيون النرجسيون يعتقدون بأنهم أفضل من غيرهم، ويرفضون الاعتراف بأخطائهم أو تحمل المسؤولية، كما أنهم يبحثون بشكل دائم عن الحصول على اعتراف الآخرين بهم وبقدراتهم، رغم أنهم لا يملكون القدرة على التماهي والتعاطف، في المقابل، فإن حب الذات يقوم على مبدأ الاعتراف بكل الأخطاء ونقاط الضعف، من أجل التمكن من حب الذات كما هي من حيث المبدأ ورغم العيوب، وهذا وحده كفيل بجعله أبعد ما يكون عن النرجسية.
فعندما تحب نفسك فأنت لا تتوقف عن حب الآخرين، بل تسمح لنفسك بتجربة نفس المشاعر التي تختبرها تجاههم، وتوجهها تجاه نفسك أيضاً.
اقرأ أيضاً:هدايا عيد الحب المثالية من أوميغا
كيف أبدأ بحب ذاتي؟
حب الذات هو أسلوب حياة، ومن ثم يجب ممارسته خلال عيد الحب وخارجه، وهذه بعض الخطوات التي يمكن اعتمادها لتنميته:
التعاطف مع النفس: عاملوا أنفسكم باللطف والتفهم نفسه الذي تتعاملون به مع الآخرين، خصوصاً خلال الأوقات الصعبة، فأنتم كما الآخرين ترتكبون الأخطاء وتستحقون العطف والمغفرة.
وضع الحدود: يجب تعلم قول “لا”، ورفض كل ما يستهلك طاقتكم، ويقلل من قيمتكم ويستنزفكم عاطفياً.
العناية بالذات: شاركوا بأنشطة تعود بالفائدة على صحتكم العقلية والجسدية والعاطفية كالرياضة أو الهوايات.
احتفلوا بانجازاتكم: اعترفوا بما قمتم بتحقيقه، واحتفلوا بإتجازاتكم مهما كانت كبيرة أو صغيرة، وقوموا بمكافأة أنفسكم.
الإبجابية وقبول الذات: تعلموا أسس الحوارات الداخلية الإيجابية، وحين تفرض الأفكار السلبية نفسها قوموا بتحديها بصور إيجابية.
طلب المساعدة عند الحاجة: طلب المساعدة أو الدعم هو تعبير عن حب الذات.
اقرأ أيضاً: قصة عيد الحب الحقيقية وعلاقتها بالقديس فالنتين
عيد حب لشخص واحد أولاً

سواء كنت في علاقة أو لا في "عيد الحب 2025" سنقوم بالاحتفال والاحتفاء بك أولاً، في حال كنت في علاقة حب أو متزوجاً يمكنك تخصيص يوم لنفسك قبل العيد أو بعده لا فارق، ما يهم هو الاحتفال به.
في ذلك اليوم يمكنك مكافأة النفس والاستمتاع بتناول القهوة أو الحلويات المفضلة لديك في مكان مميز بمفردك، حيث تستمع بالوجبة، وفي حال لم تكن هذه الفكرة تروق لك يمكنك تدليل النفس بجلسة تدليلك أو يوم في سبا وحتى قصة شعر وجلسة عناية.
في المقابل يمكن القيام بنشاطات آخر تتطلب الحركة، نزهة في الطبيعة أو الشاطئ أو أي مكان يحفز المشاعر الإيجابية.
وللفئة التي تملك جانباً إبداعياً، وتبحث عن آلية تعبير مختلفة، يمكن التسجيل في صفوف فنية كالرسم أو النحت أو الموسيقى أو غيرها، فخيار التسجيل لحصة واحدة متاح.
أما الأفراد الذين لا يحبذون القيام بنشاطات بشكل منفرد، فيمكنهم تنظيم لقاء مع الأصدقاء أو الانصمام لورش عمل تركز على تطوير الذات واليقظة الذهنية.
ففي عيد الحب، وفي كل يوم من أيام حياتكم، تذكروا دائماً بأن حب الذات، هو ألطف مبادرة وأجمل هدية يمكنكم تقديهما لمن تحبون.