"ليانغ ون فنغ".. ماذا نعرف عن العقل المدبر وراء "DeepSeek" الصيني؟
في تحول مذهل، أصبح ليانغ ون فنغ، مؤسس شركة DeepSeek الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، في غضون أسابيع قليلة، وجهًا بارزًا في صناعة التكنولوجيا الصينية وأملاً كبيرًا في التغلب على ضوابط التصدير الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين.
عبقري وراء الكواليس
ووفقًا لوكالة سكاي نيوز، ظل ليانغ البالغ من العمر 39 عامًا، بعيدًا عن الأضواء حتى وقت قريب، حيث كانت حياته المهنية تسير بعيدًا عن الأنظار، إلا أنه في خطوة مفاجئة، تم استدعاؤه من قبل الحكومة الصينية قبل عشرة أيام لإلقاء خطاب في ندوة مغلقة نظمتها الحكومة تحت إشراف رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ.
وفي تلك الندوة، برز اسم ليانغ باعتباره علامة فارقة في خطة بكين للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
والدعوة التي تلقاها ليانغ لمشاركة آرائه حول سياسات الحكومة الصينية في هذا المجال لم تكن مجرد تكريم شخصي له، بل كانت بمثابة إشارة على الدور المتزايد لشركة DeepSeek في تعزيز مكانة الصين كقوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأكدت الحكومة الصينية أن شركته تملك القدرات التي قد تقلب موازين القوى في هذه الصناعة لصالح بكين، منافسة بذلك شركات رائدة مثل OpenAI المالكة لـ ChatGPT.
اقرأ أيضًا: خسائر ضخمة لأغنى 500 شخص في العالم بسبب "ديب سيك" الصينية
الرؤية المستقبلية لـ "DeepSeek"
وتحت قيادة ليانغ، تطورت شركة DeepSeek لتقديم نموذج قد يتفوق على النماذج التي تقدمها الشركات الكبرى مثل OpenAI، حيث تهدف الشركة إلى الاستمرار في ابتكار نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي ستكون أساسًا لمنتجات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمستهلكين والمؤسسات.
ومن خلال هذه النماذج، يسعى ليانغ لتغيير قواعد اللعبة على مستوى البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي.
وفي مقابلة نادرة أجراها في يوليو 2024، صرح ليانغ قائلاً: "لا يمكن للذكاء الاصطناعي الصيني أن يظل في موقع المراقب للأبد"، وهو ما يعكس طموحاته الكبيرة لإعادة تشكيل مسار صناعة التكنولوجيا في الصين.
نقاط التحول في صناعة التكنولوجيا الصينية
وكشف ليانغ في تلك المقابلة عن اعتقاده بأن صناعة التكنولوجيا في الصين قد وصلت إلى نقطة مفصلية، مشيرًا إلى أن هذه الصناعة كانت تفتقر إلى الثقة في قدرتها على تحقيق اختراقات في البحث والتطوير، رغم توفر رأس المال اللازم.
وأضاف: "في السنوات الثلاثين الماضية، كان التركيز في الصين على جني الأرباح، بينما تم تجاهل الابتكار الحقيقي، والابتكار لا يأتي فقط من خلال الأعمال التجارية، بل يتطلب أيضًا الفضول والرغبة في الإبداع".
تأثير البيئة المحلية
ونشأ ليانغ في مقاطعة غوانغدونغ جنوب الصين، التي كانت في الثمانينيات والتسعينيات من أبرز المحركات الاقتصادية في البلاد، ودعمت تبني سياسة الرأسمالية السوقية.
وعلى الرغم من أن محيطه كان يفضل العمل التجاري، إلا أن ليانغ كان يميل إلى الجانب الأكاديمي، حيث التحق في سن 17 عامًا بجامعة تشجيانغ الرفيعة المستوى وتخصص في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، وبعد إتمام دراسته الجامعية، حصل على درجة الماجستير في هندسة المعلومات والاتصالات في عام 2010.
اقرأ أيضًا: مارك زوكربيرج يربح 4.3 مليار دولار رغم خسائر ظهور "ديب سيك"
مسيرته في التمويل والتكنولوجيا
وفي عام 2015، أسس ليانغ صندوق تحوط كمي يستخدم خوارزميات رياضية معقدة في التداول بدلاً من التحليل البشري، وحقق هذا الصندوق نجاحًا كبيرًا، حيث بلغ إجمالي محفظته أكثر من 13.79 مليار دولار بحلول نهاية عام 2021.
ويعتبر هذا النجاح في مجال التمويل بمثابة خطوة أولى مهمة ساعدت في تمهيد الطريق لمشروعه الحالي في مجال الذكاء الاصطناعي.
جذب المواهب المبدعة
واليوم تضم شركة DeepSeek فريقًا متميزًا من الخريجين وطلاب الدكتوراه من أفضل الجامعات الصينية، ويعتقد ليانغ أن ما يجذب هؤلاء المواهب هو التحديات الكبيرة التي تواجهها شركته في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال: "من الواضح أن ما يجذب أفضل المواهب هو القدرة على حل مشكلات العالم الكبيرة".
وتمثل قصة ليانغ ون فنغ نموذجًا ملهمًا لرائد أعمال استطاع في فترة قصيرة أن يصبح أحد الأوجه البارزة في صناعة التكنولوجيا الصينية، حيث إن رؤيته للذكاء الاصطناعي ليست مجرد استجابة لواقع الحال، بل هي دعوة لابتكار شامل يتجاوز مجرد الربح التجاري ليصل إلى آفاق الإبداع والتغيير العميق في العالم.
