بيغ سور.. أيقونة ساحرة ألهمت المبدعين عبر التاريخ

حين تطالع السيرة الذاتية للأديب الأمريكي الشهير "هنري ميلر"، الذي كان مثيرًا للجدل في حياته، وحتى بعد مماته، يمكنك أن ترى بوضوح كم أثرت فيه منطقة بيغ سور الأيقونية، وكيف دخلت في كل تفاصيل أدبه؟ وكيف شكلت حياته؟ وكيف كانت الطبيعة مشعلاً يضيء كلماته، إلى أن قرر أن يحرق رماده وينثر في هذه البقعة كدلالة على الذوبان في تفاصيلها!
"بيغ سور وبرتقالات هيرونيموس بوش" المذكرات التي كتبها "ميلر"، ونشرها لأول مرة في عام 1957، وتناول خلالها حياته في المنطقة الموجودة في كاليفورنيا، حيث أقام لمدة 18 عامًا، وهي ليست الدليل الوحيد على تأثر "ميلر" بهذه المنطقة وعبقها وسحر طبيعتها، وما زالت حتى الآن شاهدة على عديد من جوانب التفرد الذي عشقه هذا الأديب بينما ضمته مظاهر طبيعية غناء نادرة الوجود.
حيث تتباهى Big Sur بما تمثله من مرادف للتعبير الفني والإبداع، نظرًا لروعة طبيعتها وتباين تفاصيلها الرائعة، مع اشتمالها على كل عناصر التفرد، ومن ثم يمكن لأي عاشق للطبيعة أن يجد بغيته بين سحرها.
أين يبدأ وينتهي Big Sur؟

Big Sur يبدأ من امتداد طريق ساحل المحيط الهادئ، والذي يُعرف باسم بيج سور بشكل رسمي في مدينة كارمل باي ذا سي التي تقبع في الجنوب، فيما ينتهي في منطقة سان سيميون.
على جسر "بيكسبي" يمكنك أن تتمتع بروعة الوادي العميق الذي تحلق فوقه، والذي يبدو جزءًا من منظر مذهل يستحق أن تلتقطه بالكاميرا، كما أن تصميمه المعماري الحديث يجعله من أبرز الجسور المعلقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى ارتفاع 85 مترًا سترى مشهدًا طبيعيًا متفردًا، وستندمج وسط الطبيعة، لتتيقن أن لها سحرًا أخاذًا فاتنًا، قلّما يوجد له شبيه.
شلالات بيغ سور الفذة
هل تريد رؤية أعجوبة طبيعية فذة؟
سترى ذلك من خلال "شلالات ماكواي"، حيث تتدفق المياه من ارتفاع 80 مترًا، ساقطة في بركة غناء، ولعل الرائع في هذه الشلالات أن الوصول إليها يمر عبر أشجار كثيفة ونباتات برية، ما يجعل التجربة برمتها مزيجًا بين عنصرين طبيعيين، المياه والخضرة.
أشجار "السكويا" سترافقك أينما تجولت في هذه المنطقة، وصوت الماء الهادر من الشلالات سيطرب حواسك، وستكتشف أن جميع حواسك تنشد الإشباع في تلك البقعة الساحرة داخل بيغ سور.
الشاطئ الأرجواني الساحر

وللشطآن أيضًا نصيب، وهواة السياحة الشاطئية لا بُد أن يعلموا أن لديهم إطلالة ساحلية بديعة في تلك المنطقة الجبلية من ساحل كاليفورنيا الأوسط، وبالتحديد في شاطئ "فيفير" المذهل.
يتمتع شاطئ "فيفير" برمال أرجوانية أخاذة، ومياه زرقاء صافية نادرة المثيل، وأشعة شمس تجعله نقطة جذب رئيسة لهواة التصوير وسط الطبيعة الساحرة.
كما أن هواة ركوب الأمواج سيجدون في تيارات المياه ملاذًا ساحرًا لقضاء أفضل الأوقات، بينما تحتضنهم الطبيعة الساحرة من كل ناحية.
منارة بوينت سور

الإرث له مكان أيضًا في منطقة بيغ سور، وسيفيض بك المكان تراثًا حين تشاهد منارة "بوينت سور"، الواقعة على جرف يطل مباشرة على المحيط، وهي تملك أهمية تاريخية كبيرة.
فقد بنيت تلك المنارة في عام 1889، ولا تزال تعمل حتى اليوم، وبذلك تصبح من أقدم المنارات العاملة على الساحل الغربي، بارتفاع 115 قدمًا، وغرضها الرئيس تحذير السفن من الصخور الضحلة المحيطة بها في أثناء الإبحار.
بتلك المنطقة مرشدون سياحيون يجعلون جولتك فيها فرصة مثالية للنهل من عبق التاريخ، بينما تطل على إطلالات بديعة ومناظر رائعة للمحيط وأمواجه المتلاطمة.
اقرأ أيضًا: 8 وجهات جبلية فارهة تنتظر سياح الشتاء حول العالم
حدائق فايفر بيغ سور

الحدائق موجودة بكثرة أيضًا في تلك المنطقة، التي تم الاهتمام بها لاستيعاب كل الأذواق الطبيعية، وأبرزها حديقة ولاية فايفر بيغ سور، التي تعد من أبرز الحدائق في تلك البقعة الطبيعية الساحرة.
تمتد الحديقة على مساحة شاسعة من الغابات الكثيفة والشلالات، ما يجعلها تجمع بشكل مثالي بين شتى الأصناف الطبيعية.
التكامل يتحقق من خلال الحياة البرية، التي يمكنك رؤيتها بوضوح في بيغ سور، وبالتحديد في منطقة حديقة ولاية فايفر بيغ سور، حيث يمكن للزوار رؤية مجموعة متنوعة من الحيوانات البرية، مثل الغزلان والطيور، مما يجعل التجربة غنية ومثيرة، وبها تفاصيل متكاملة لهواة الطبيعة.
الإقامة الفارهة

من حيث أماكن الإقامة، تم تطوير مساحات إقامة فارهة لها علاقة بفنادق بديعة، مثل "بوست رانش إين"، الذي يعد من أفخم الفنادق في المنطقة، والذي يحيلك إلى إطلالات ساحرة على المحيط والبيئة الخضراء.
وكذلك فندق "أليلا فينتانا" المخصص للاسترخاء وسط الطبيعة، والاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية الساحرة، وهو خيار مثالي للعائلات أكثر منه للشباب وهواة السفر الفرادى.
كذلك توفر النزل الصغيرة والشقق الفارهة خيارات عديدة داخل بيغ سور، كونها أسهل في الوصول، وأكثر التصاقًا بالطبيعة، بما يشبه "التخييم" أكثر من الإقامة، وبالطبع أقل تكلفة.
اقرأ أيضًا: السياحة الحصرية الفاخرة.. كيف تبدلت أذواق الأثرياء في تجارب السفر؟
المأكولات الطبيعية

ولا يمكن الحديث عن الطبيعة بكل تكاملها في بيغ سور دون تناول تجارب الطهي الرائعة، الآتية من وسط هذه الطبيعة الغناء، حيث يمكنك الاستمتاع بمطاعم "نيفينثي" و"سييرا مار"، مع مأكولات شهية وأجواء فاخرة، وبيئة محيطة تشعرك بأنك جزء من سحر لا ينضب.
أفضل شيء في تجارب الطهي هو، أنك تتناول المأكولات المصنوعة بحرفية من زراعات المنطقة ونتاج أسواقها المحلية، كل شيء طازج، كل شيء في مكانه، كل شيء حولك يشير إلى روعة طبيعة منطقة بيغ سور وتكاملها الجمالي.
ولعل أفضل وقت لزيارة بيغ سور يتمثل في فصلي الربيع والخريف، حيث يكون الجو أكثر اعتدالًا، وتكون العناصر الطبيعية كافة في أبهى حلتها، بينما تكون التجربة برمتها جاهزة لإشباع كل حواسك.