كوثر خليل الدليبي الرئيس التنفيذي لشركة أنامل جودي: والدي أوقد لي الشموع .. ونجاحي حفرٌ بالصخر

حلمت بالفن والجمال، وقادها شغفها إلى التصميم والإبداع، خططت عبر دقائق الأثير لتصنع مجدها الذي رسمته في خيالها، وسعت لتحقيقه على أرض الواقع.
كوثر الدليبي، سيدة أعمال سعودية تخرجت في جامعة الملك سعود، قسم إدارة الأعمال، وحققت نجاحات بارزة في عالم الديكور والأثاث، حيث أسست أحد أعرق مصانع الأثاث في المملكة.
منصة "الرجل" التقت بسيدة الأعمال الدليبي للحديث عن مسيرتها التي بدأتها بدعم من والدها، ثم افتتحت مصنعًا صغيرًا ما لبث أن توسع ونما، متجاوزة التحديات بالإصرار والمثابرة، مستلهمة أفكارها من تجاربها العالمية، خصوصًا في الصين، حيث وجدت الإبداع والجمال.
من هي كوثر الدليبي؟
إنسانة بسيطة، وأم عاشت الأمومة بكل تفاصيلها الإيجابية والسلبية مع عملها الدؤوب. واجهت صعوبات الحياة مع تربية الأطفال، وابنة رجل أعمال أعطاها الكثير، ومهد لها الطريق، وأوقد لها الشموع، ورصف لها المسار، فامتلأت روحها بالحكمة، ووقف بجانبها لتكون تلك المرأة القوية التي عززت هوايتها وحققت حلمها بالعمل التجاري والفني كونها عاشقة للفن والديكور.
التحديات ودعم والدي
الخطوات الأولى في حياتك، كيف سارت، ومن ساعدك؟
لم يكن طريقي ممهدًا بالورود مطلقًا، بل كان صعبًا في ظل قوانين صارمة، لم تكن للمرأة السعودية حرية الاختيار في الدراسة والعمل آنذاك. فزرع والدي فيَّ بذرة العمل التجاري الجاد قبل بلوغي الثامنة عشرة من عمري وأعطاني ثلاثة كيلوغرامات من الذهب، دخلت بها سوق الذهب وتاجرت من خلال البنك، لأن تلك التجارة لم تكن ميسّرة إلكترونيًّا مثل اليوم، فكانت أوراقًا يجري توقيعها فقط. لذلك وضعت آلية للبيع والشراء من خلال المتابعة الحثيثة لاختلاف أسعار الذهب، متى يرتفع ومتى ينخفض حسب السياسة المحكوم فيها الذهب. من خلال الأخبار أشتري وأبيع دون مساعدة أحد وحققت دخلًا ممتازًا لمسيرتي الجامعية.
ماذا أكسبتك هذه الخبرة؟
اكتسبت فكرًا تجاريًّا قويًّا بدراسة السوق، لأن الديكور ليس فنًا فقط بل تجارة حقيقية أولًا وأخيرًا.
تجارة وفن معًا
لماذا لم تستمري في التجارة كونه اختصاصك؟
قررت الجمع بين هوايتي واختصاصي العلمي كوني أميل للتجارة فترجمت عملي التجاري بالفن والديكور والأثاث الذي أعشقه لاكتمال العمل بأسلوب مميز وحضاري.
هذا التآلف بين الفن والتجارة وعالم العقار، كيف وضعتِ اللبنة الأولى؟
حين كنت في الثانوية العامة سمعت نصيحة من والدة صديقة قالت حينها: "عليكن بالعقار بيعًا وشراءً، فاستوطنت الفكرة في رأسي، وظلت تدور إلى أن امتلكت رأس المال، ودخلت عالم العقار شراءً وبيعًا وتاجرت به في المملكة العربية السعودية، وسخّرت هذا النجاح التجاري في عملي الفني الذي سار بخطى متوازية ومتوازنة نظرًا لارتكازه على حلم كبير لا بد من تحقيقه بجودة عالية في كل المجالات.
ألا تكفي الموهبة وحدها لتحقيق هذا النجاح؟
مطلقًا، يجب أن تكون الموهبة مدعومة ومصقولة بالفكر الاقتصادي والتجاري ليكون الناتج أفضل والنجاح في القمة، وهذا ما غرسه الوالد رحمه الله في فكري. وضعته نصب عيني حتى وصلت إلى مصاف سيدات الأعمال.
انحنيت للريح
هل كان من السهل عليك دخول مجالي الديكور والعقار؟
مجال عملي كان حكرًا على الرجال، وظهوري لم يكن سهلًا كون المرأة السعودية في ذلك الوقت ممنوعة من دخول عالم الديكور وعالم العقار. عاندت الظروف وانحنيت للريح، لأمرّ بسلام بين ظروف عملية وعائلية كأم لأربعة أولاد، حفرت بالصخر ونجحت.

معرض صغير
متى بدأ المشروع الأول؟
منذ عشرين عامًا ونيف بدأت بمعرض فني صغير، وبعدها أسست ورشة صغيرة للتصميم والديكور، واستوردت مفروشات جاهزة من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وفرنسا، ومن الصين تحديدًا كوني زرتها بعمر الثامنة عشرة فرسخت في ذهني تلك الزيارة قبل عشرين عامًا وتشبعت منها، وعدت بأكثر من شحنة تجارية، وتتالت المشاريع الكبيرة بعد ذلك.
ماذا استفدت من زيارة الصين؟
أعجبت بدولة الصين وبشعبها الرائع، تعلمت منه المثابرة على العمل الشاق في أي وقت، وإن استدعى الأمر يعمل ليلًا حتى الصباح وخارج نطاق الدوام، فهو شعب مكافح يختلف عن كل شعوب الأرض، منتج بكل المجالات الزراعية والصناعية والعلمية.
صعوبات وتحديات
بدأ مشروعك صغيرًا وكبر، ما هي الصعوبات التي مررت بها؟
من أصعب الأمور التوفيق بين الحياة الأسرية والاجتماعية والعملية، وتأديتها على أكمل وجه دون التهاون بأي جزئية منها، وغير مسموح بها. بالرغم من أنني مررت بلحظات شاقة، لكنني تابعت العمل وتحديت الظروف لأكون على رأس عملي الذي يتطلب وجودي بشكل دائم. إضافة لكوني أمًّا لأربعة أطفال ذكور يجب عليّ التوفيق الجيد بين تربيتهم ودراستهم وبين عملي، فتحديت نفسي واستمررت، وتحد آخر تمثل في عدم وجود اليد العاملة الجيدة آنذاك، والمشكلة الكبرى كوني رئيسة لمجموعة تطلب منهم العمل الجاد والجيد باستمرار، فكان الوضع صعبًا نوعًا ما كوني سيدة.
اقرأ أيضًا: الجواهرجية دانة العلمي: أعشق الألماس الأصفر.. وروح الإنسان تلمع أكثر من الذهب
التنسيق الجيد
ما الآلية التي اتبعتها في السوق السعودية؟
التنسيق بين العمال والموظفين بشكل جيد وفهم نفسياتهم جميعًا، وترتيب العمل بين العمال والموظفين والعملاء يتطلب جهدًا كبيرًا ومدروسًا بآلية جيدة، واستقبال البضائع على نحو جيد، والإصرار والتحدي على مواصلة الدرب مقرونًا برضا الله ورضا الوالدين.
ما شعورك بعد انتهاء المشروع؟
أستمتع جدًّا وأفرح، وتسعدني خطابات الشكر كثيرًا، وتمنحني طاقة إيجابية كبيرة.
ماذا أكسبك هذا العمل؟
معرفة الناس على اختلافهم وتنوع أفكارهم ورضاهم على التنفيذ بجودة عالية وضمير حي، أقرأه مرسومًا على الوجوه، ما يعطيني قوة ويمنحني سعادة، ويزيد من اهتمامي لمواصلة العمل.
افتتاح مصنع الأثاث
متى جرى فتح مصنع الأثاث؟ ولماذا لجأت للتصنيع؟
منذ فترة قررت فتح مصنع للأثاث لأستبدل بالاستيراد التصنيع نظرًا للصعوبات التي قابلتها في السوق، وأصبح لدي مشاريعي الخاصة والمميزة وغير الموجودة في السوق السعودية، تناسب ذوق العميل بالتصميم والتصنيع.
ما الذي ساعدك على ذلك؟
زياراتي المتعددة لمعارض عالمية في إيطاليا وفرنسا وأمريكا أثرت تصاميمي وأعطتني سعة في الأفق، ومساحة واسعة للعمل الإبداعي في التصميم والديكور.
تمكين المرأة
بين الأمس واليوم كيف تقرأ كوثر وجود المرأة في السوق السعودية؟
أصبح العمل سهلًا وبعيدًا عن أي تعقيدات، بفضل عراب الرؤية الحكيمة 2030 الأمير محمد بن سلمان الذي أكد تمكين المرأة وفتح المجال أمامها للعمل بأريحية مطلقة، فامتلكت زمام الأمور، وأصبح وجودها قويًّا في السوق السعودية.
وبفضل الرؤية 2030 وصلت المملكة العربية السعودية إلى مصاف الأمم وأصبحت السعودية كعكة العالم، الكل يبحث عن فرص للعمل فيها.
دعم والدي
هذا النجاح مَن وراءه؟
عملي وراثة وليس دراسة، فالبيئة هي أكبر معلم لي ولها أكبر الأثر في تربيتي. الوالد -رحمه الله- رجل أعمال منحني كل شيء ودفعني لأكون تلك السيدة التي تحدّت وأصرّت ونجحت بجدارة.
هل من نصائح تقدمها كوثر لرواد الأعمال؟
لديهم فرص كثيرة للإبداع، أكثر مما كنا عليه، ومتاحة أمام الجنسين وما عليهم إلا العزيمة والإصرار واختيار الطريق المناسب.
ما الذي تسعى إليه كوثر اليوم لتبقى على قيد الألق؟
الاطلاع المستمر على كل ما هو جديد في الداخل والخارج، من تصميم وتنفيذ وإخراج.
أمنيات للمستقبل
ما الأهداف التي لم تتحقق بعد، وتسعين لتحقيقها؟
أتمنى أن يواصل أبنائي هذا النجاح، ويكملوا مسيرة النجاح، وابني الكبير يعمل معي بحب واقتناع.
البطاقة التعريفية
الاسم: كوثر خليل الدليبي
الحالة الاجتماعية: أم لأربعة أبناء
الشهادة: علوم إدارية/ قسم اقتصاد/ جامعة الملك سعود
المهنة: الرئيس التنفيذي لشركة أنامل جودي للصناعة
مكان وتاريخ الميلاد: الرياض 19-9