كيفية إدارة العلاقة المعقدة بين القبطان ومالك اليخت
بين واجبات القبطان في إدارة اليخت وتوقعات وأهداف المالك، قد يكون هناك هامش كبير للخلافات، وربما لسوء الفهم والتقدير.
فالقبطان هو السلطة العليا على متن اليخت، وهو المسؤول عن الملاحة والتعامل مع التحديات والمشكلات، وضمان السلامة وإدارة الطاقم والحفاظ على الكفاءة التشغيلية، وهذه الأدوار قد تتعقد عندما تتصادم مع طموحات المالك ومتطلباته، التي قد تكون أحيانًا غير واقعية، ما يؤدي إلى التصادم حين لا تتم إدارتها بشكل صحيح.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القبطان لا يخضع فقط لرغبات المالك وأوامره، بل عليه الامتثال لمجموعة من العوامل الخارجية القانونية وغيرها، بالإضافة إلى مسؤوليته تجاه الطاقم، ومن ثم فإن على الطرفين العمل على بناء علاقة تحترم هذا التوازن الدقيق للغاية.
محددات علاقة القبطان بالمالك
يتربع القبطان على رأس هرم التسلسل الوظيفي على اليخت أو السفينة، وهو شخصية محورية وأساسية، لكونه أول شخص يقوم مالك اليخت بتوظيفه، ليتولى مهام توظيف جميع أعضاء الطاقم.
ودوره يشمل الإشراف على كل العاملين على متن اليخت، وتخطيط المسارات، ومراقبة خط الرحلة، وضمان سلامتها، بالإضافة إلى إدارة الميزانية، والإشراف على النفقات، والصيانة، والتعامل مع التحديات البحرية، وحسم القرارات التي تمتثل لأوامر صاحب اليخت، وتحترم في الوقت عينه القوانين.
الصورة بطبيعة الحال معقدة، المالك، وهو صاحب اليخت الذي يدفع راتب القبطان ليكون مسؤولاً عن كل شيء قد يتوقع، أحياناً يكون هو صاحب كلمة الفصل!
وهذه بالتأكيد مقاربة خاطئة، لأنها ستخلق صراعًا على السلطة بينهما، وهو صراع لا ينبغي أن يكون موجودًا من الأساس، لأن هناك وثائق موقعة من الطرفين تحدد وبوضوح حدود ومسؤوليات كل طرف.
اقرأ أيضًا| 4 أسابيع تحت الماء.. اليخت الغواصة يتسع لـ20 فردًا وطوله 165 مترًا
علاقة القبطان بمالك اليخت تقوم على الثقة، ومن دونها لا يمكن للطرفين العمل معاً، ولكن طبيعة الحياة على متن القارب، رغم كونها مؤقتة، تخلق تقارباً قد يكون حقيقياً أو وهمياً ومؤقتًا، فالمالك يمضي وقتاً طويلاً على متن يخته، وبما أن القبطان هو المشرف على كل شيء، فغالباً ما يجد نفسه "ضمن الدائرة" الخاصة.
العديد من القباطنة قد ينجرفون خلف سحر التواجد في هذا العالم، ولكن الأكثر حكمة وخبرة يدركون وبشكل مبكر أن عليهم المحافظة على مسافة ما، لأنهم يعرفون بأن هذا التقارب هش للغاية، ويمكنه الانهيار بسرعة من دون مقدمات، ولا نقول هنا بأن علاقة الصداقة بين القبطان والمالك مستحيلة، ولكنها في أفضل صورها "مؤقتة"، وفي أسوأها مبنية على "أوهام".
الصداقة حتى في إطارها المؤقت ليست مقاربة سيئة، لكونها مبنية على الثقة، ومن ثم يدعم المالك قرارات القبطان في إطار من المودة والاحترام، وهذه العلاقة ستنعكس بشكل إيجابي على الجميع، ما يعني تجربة إبحار سلسلة وناجحة بكل المعايير.
ولكن العلاقة الودية قد تجعل الحدود غير واضحة، وقد يبدأ المالك بالتدخل في القرارات التشغيلية، وهذا يعني تقويض سلطة القبطان أمام الطاقم، ما يعني الفوضى وتجربة إبحار سيئة.
ولمنع حدوث ذلك يجب تحديد الأدوار بوضوح منذ البداية، وعلى المالك الاعتراف بالقبطان كصاحب السلطة على متن اليخت، والمسؤول عن جميع القرارات التشغيلية بما في ذلك إدارة الطاقم.
اقرأ أيضًا| اليخت -الغواصة Migaloo M5 فخامة الأعماق والقيمة 7,3 مليار ريال
إدارة التوقعات وقنوات الاتصال
إن سألت أي قبطان عمل مع مالك يخت خاص عن التحدي الأكبر الذي يجب التعامل معه، ستكون إجابته الفورية دائماً: "إدارة التوقعات".
فمالك اليخت الذي استثمر ملايين الدولارات في اليخت الخاص به، وانتظر لسنوات طويلة لاستلامه، سيبني في مرحلة ما توقعات حول أداء اليخت ومسار الرحلة، وهذه التوقعات دائمًا ما تكون غير واقعية، ولا تتناسب مع الحقائق التشغيلية، وهذا ما يؤدي إلى خيبات أمل، وحتى تحميل القبطان المسؤولية!
في كثير من الأحيان قد تظهر مشكلات ناجمة عن قيود في التصميم أو التقنية، أو قد يطرأ عطل ما بسبب خلل في التصنيع، وليس بسبب أداء الطاقم أو سوء إدارة من القبطان، ولكن المالك سيحمل القبطان المسؤولية.
لذلك من الأهمية بمكان أن يقوم القبطان بخطوة استباقية توضح إمكانيات اليخت وحدوده بالتفصيل، وهذه الخطوة ضرورية لأنها لا تتمحور فقط حول الحد من خيبات أمل المالك، ومن ثم ردات الفعل السلبية، بل لأنها ضرورية لضمان السلامة العامة للجميع.
وفي حال أضفنا العلاقة "غير الرسمية" بين القبطان والمالك إلى المعادلة، فنحن أمام وضع كارثي، تخيلوا هذا السيناريو، حيث العلاقة بين الطرفين تجاوزت حدود المهنية، مع مالك مستاء للغاية من خلل ما، وقبطان يحاول التفسير، النقاش الذي سيدور في أفضل الأحوال سيكون عاطفياً بأسلوب انفعالي، وردات فعل غير مهنية من الطرفين!
هكذا مواجهات يمكن تفاديها، من خلال التحديثات المنتظمة، بدءاً من الحديث المفصل حول قدرات اليخت، وصولاً إلي التقارير الدورية حول الأداء التقني، وأداء الطاقم لتقليل نسبة سوء فهم.
اقرأ أيضًا: قبل أن تقتنيه.. ما التكلفة الفعلية لامتلاك يخت؟
التعامل مع الطلبات غير المعقولة!
قد تظهر تحديات ترتبط بالطلبات غير المعقولة أو غير المنطقية من مالكي اليخوت، وبعض هذه الطلبات قد تكون مرتبطة بتصور ما لمالك اليخت حول قدرة اليخت أو جاهزية كل جزئية فيه، وبعضها قد يرتبط بمسائل أخرى كالإبحار إلى منطقة معينة أو خلال طقس معين.
البداية كما ذكرنا تبدأ بتواصل واضح وصريح حول قدرة اليخت وقيوده، وعرض جميع الحقائق التشغيلية أمام المالك، وفي هذا الإطار يعد التوثيق هام للطرفين، فحينها المالك كما القبطان، يملك وثائق يمكن الرجوع إليها تثبت حدود التوقعات والمسؤوليات.
الطلبات التي لا يمكن تنفيذها يجب ربطها بالسبب، وشرحها للمالك بأسلوب مهني، بغض النظر عما إذا كانت العلاقة بين الطرفين صداقة أم مهنية بحتة، فالصداقة لا تعني عدم احترام سلطة كل طرف، وعليه فإن الاحترام المتبادل سيحد من الانفعالات العاطفية، وسيخلق علاقة عمل إيجابية.
تفضيلات المالك وتأثير العلاقة على الطاقم
تفضيلات المالك هي التي تحدد كل شيء على اليخت، البعض يفضل علاقة مهنية بحتة ضمن أطر من المسؤوليات المحددة مسبقاً، فهناك فئة تفضل طاقم يختفي في الخلفية، ولا يظهر سوى عندما تستدعي الحاجة، بينما هناك فئة أخرى تفضل علاقة أقل رسمية، وتسعى لخلق روابط مع العاملين.
فيما يفضل البعض ترك مهمة القرارات كلها للقبطان، وفئة أخرى تريد الإشراف أو العودة إليها في كل صغيرة وكبيرة.
ومجدداً ولتجنب النزاعات، فإن كل هذه الأمور يجب أن تحدد ضمن عقد العمل، فالتسلسل الهرمي الواضح هام جداً في عالم البحار والإبحار.
والعلاقة المنسجمة بين المالك والقبطان مهنية كانت أو قائمة على الود والصداقة، ستشكل بيئة داعمة لأعضاء الطاقم، ما يضمن سير الأمور بسلاسة، بينما التواترات الدائمة ستؤدي إلى عدم الانسجام.
وفي النهاية فإن الديناميكيات بين قبطان اليخت والمالك متعددة الأوجه ومتداخلة، فهي تؤثر وتتأثر ببعضها البعض، ولعل التوازن هو مفتاح الحل لخلق شراكة ناجحة، و"الشراكة" هي الكلمة السحرية في هذه العلاقة.
