كيف تحصل على صحة جيدة في بيئة غير صحية؟
إذا عرضت على أحد مشكلتك أنّك تتواجد في بيئة غير صحية، وهذا يجعلك غير قادرٍ على التمتع بحياتك وصحتك. على الأغلب سيخبرك أنّ الشيء الأفضل فعله في هذه الحالة هو ترك هذه البيئة، وهذا سيؤدي إلى حل المشكلة للأبد. بالطبع يبدو هذا الحل مناسبًا جدًا، لكن الواقع يختلف عن ذلك تمامًا.
لا نملك دائمًا رفاهية ترك الأماكن حين نرغب في ذلك. في بعض الأحيان تحيط بنا البيئة غير الصحية من جميع الجوانب، وسنجدها أينما ذهبنا. وفي أكثر الأحيان، نحن نرتبط بظروف تمنعنا من المغادرة، مثل الالتزامات المالية والارتباطات التي تجعلنا مضطرين إلى البقاء. لا يمكن للشخص ترك كل هذا والمغادرة ببساطة، إذ لا يوجد أي ضمان لقدرته على النجاح في ذلك.
بدلًا من هذا، لماذا لا نفكر في حاجتنا إلى البقاء، ثم نبحث عن حلول تجعلنا قادرين على التكيف مع الوضع الموجود حاليًا؟ في جميع الأحوال نحن بحاجة إلى التحسن، وألّا نترك شيئًا يتحكم بنا، ويجعلنا مضطرين لقبول سيطرته وأثره السلبي على حياتنا. حتى إذا كنا سنغادر، فنحن بحاجة إلى التعافي قبل ذلك.
لذا، علينا تغيير طريقة التفكير الخاصة بنا، والتركيز على التعامل مع الوضع الحالي، البحث عن الدعم والمنافذ الأخرى للحفاظ على الصحة رغم الصعوبات الموجودة. على سبيل المثال، ما حدث في جائحة كوفيد-19 خلال العام الماضي، لم يكن وضعاً سهلاً على أحد، لكن رغم ذلك تمكن الناس من التعامل مع الأمر، وتطوير الحلول المناسبة لذلك.
لا نملك طوال الوقت رفاهية المغادرة، وقد نجد مشكلات شبيهة في البيئة الجديدة التي سنذهب إليها. في بعض الأحيان، نحتاج إلى إدراك أنّه لا يمكننا تغيير العالم، لكن في الوقت ذاته نملك القدرة على تغيير أنفسنا، والتكيف مع أي بيئة نتواجد بها، وهذا هو المطلوب. هناك أربعة طرق رئيسة تساعدنا على تحقيق ذلك، أيًا يكن الوضع في البيئة من حولنا.
كيف تحصل على صحة جيدة في بيئة غير صحية
الطريقة الأولى: تغيير طريقة الحوار الداخلي
مثلما ذكرنا في نهاية الفقرة الماضية، نظرتنا إلى الحياة هي ما تحدد أفعالنا تجاهها. إذا كنت في داخلك تردد جملًا مثل: لا يمكنني العيش مع هذا الوضع. ستكون النتيجة هي إقدامك على أفعال سيئة، وعدم حرصك على صحتك من الأساس، فتبدأ في نهج سلوكيات ضارة، تؤثر عليك سلبًا.
على الرغم من صعوبة الأمر، لكن هذا يحدث في الواقع، إذ طريقة رؤيتك للأشياء، هي ما تحفزك إلى القيام بخطوات من أجل ذلك. على سبيل المثال، من يخاف الموت، ستجده يحارب في المعركة بأشد شراسة من أجل الاحتفاظ بحياته، ذلك لأنّه يعرف من داخله أنّ هذا هو الحل الوحيد، وأنّه لا يمكنه الاستسلام.
عندما وجدنا أنفسنا مضطرين إلى البقاء في منازلنا، رغم صعوبة هذا الأمر في الحقيقة، قررنا جميعًا مواجهة هذا الوضع، وبدأنا التفكير في كيفية التعامل معه. هناك من نجح في تطوير حلول مبتكرة للترفيه، وهناك من نجح في الحفاظ على علاقاته مع الآخرين، وغيرها من الحلول، نتيجة وجود الرغبة في ذلك.
لذا، بدلًا من التسليم بالأمور، غيّر من طريقة تفكيرك داخليًا، قل لنفسك: سأواجه هذا التحدي تدريجياً. سأتعامل معها على أنّها وسيلة تساعدني على أن أصبح شخصاً أقوى في الحياة. يؤدي ذلك إلى نهج سلوكيات أكثر صحة، مما يجعلها ترسل إلى عقلك رسائل أقل تشاؤمًا في الحياة، وأكثر تفاؤلًا وأملًا في مواجهة الواقع الحالي، أيًا يكن الوضع.
الطريقة الثانية: وضع روتين ثابت لليوم
من أكثر الأشياء التي قد تثير الإحباط، هي شعورنا بعدم القدرة على التحكم في حياتنا. وفي ظل وجودنا في بيئة غير صحية، يزداد هذا الأثر من داخلنا، ويجعلنا نشعر بفقدان القدرة على التعامل مع الأمر. لكن هذه النقطة يمكن مواجهتها كذلك، من خلال وضع روتين ثابت لليوم باستمرار. لهذا الروتين أكثر من فائدة كالتالي:
1- التحكم في اليوم: بالتأكيد هناك العديد من المهام المطلوبة يومياً، ونحن بحاجة إلى تنفيذها. بدون وجود روتين لليوم، ستجد أنّك تعمل برتمٍ سيئ، وقد تستغرق يومك كاملًا في العمل. بالطبع ليس هذا شيئًا إيجابيًا على الإطلاق. لذا، بدلًا من ذلك، سيكون بإمكانك الاستفادة من الروتين، في الالتزام بالعمل في موعده، ووجود جزء من اليوم لك. يعطيك هذا إحساسًا بالتحكم في يومك.
2- الشعور بالإنجاز: نحن في حاجة إلى الشعور بالإنجاز في حياتنا باستمرار. إذ يخلق هذا حالة إيجابية لدينا، عن كوننا أشخاص منتجين نقدم إضافة حقيقية في الحياة لأنفسنا. في حالة عدم وجود روتين، يتحول شعورنا من الإنجاز إلى أننا نطارد المهام المطلوبة للانتهاء منها، وبالتالي حتى مع الانتهاء منها، لا نشعر بالإنجاز، بل بالتأخير، وهذا قد يصيبنا بالإحباط، ويؤثر على صحتنا.
الطريقة الثالثة: صناعة طرق للهرب
لا نقصد هنا الهروب أي ترك موقعنا والمغادرة، لكننا نتحدث عن الطرق الصحية التي يمكننا صناعتها، وذلك من أجل مغادرة الواقع قليلًا. الابتعاد عن الأشياء التي تسبب لنا الأذى والإرهاق خلال اليوم، وقضاء وقت جيد في أنشطة أخرى تجعلنا نشعر بالطاقة من جديد، وتشحن قدرتنا على العودة إلى مواجهة البيئة غير الصحية.
لا يوجد طريقة ثابتة لذلك، بل تعتمد في الأساس على طبيعتنا الشخصية، والأنشطة التي نفضلها. الجيد في هذا الأمر أننا لا نحتاج إلى أنشطة معقدة مثل السفر، بالطبع خيار السفر سيكون أحد الحلول المطلوبة أحيانًا، لكن هناك حلولاً أخرى بسيطة، يمكن تنفيذها.
على سبيل المثال، الذهاب إلى صالة التمرينات الرياضية، المشاركة في مجموعات الدعم، التواصل والخروج في نزهة مع الأصدقاء والعائلة والمقربين في وقتٍ معين من اليوم، الاستماع إلى الموسيقى، ممارسة هواية مفضلة مثل الرسم والكتابة، مشاهدة أفلام أو فيديوهات أو غيرها.
يمكنك تصميم هذه الأنشطة وفقًا لما يناسبك أنت، وبالتالي ستجد نفسك تحقق نتائج إيجابية جدًا ليومك، تساعدك على التعامل مع الضغط بطريقة إيجابية. عليك الالتزام بتنفيذ هذه الأنشطة باستمرار، حتى مع وجود ضغط في يومك، إذ هي مصدر الطاقة الذي يساعدك على المتابعة.
الطريقة الرابعة: التفكير في المستقبل
على الأغلب نفكّر جميعًا في المكان الذي نرغب في الذهاب إليه، عند خروجنا من هذه البيئة غير الصحية. بالطبع نحن لا نريد البقاء داخلها للأبد، لذا نحتاج إلى التفكير في المستقبل، وتخيل المكان الذي نود الذهاب إليه، المكانة التي نتطلع إلى الوصول إليها، أي شيء نراه هو الوسيلة لخروجنا من وضعنا الحالي.
إظهار هذا الأمر من داخلك، سيعطيك حافزاً أكثر للعمل، لأنّك تدرك عدم وجود شيء آخر ليقودك لتحقيق ما تريد سوى العمل، وكذلك سيمنحك الأمل في إمكانية تغيير الأمور مع الوقت، والحصول على مستقبل أفضل لحياتك.
على الرغم من بساطة هذه الطرق الأربع، إلّا أنّها تلعب دوراً رئيساً في منحك صحة جيدة في بيئة غير صحية، تساعدك على الاهتمام بذاتك، وتمنحك المفاتيح من أجل الحصول على أفضل روتين ليومك، والاستمتاع بما تقوم به، مهما كانت الظروف.