أسطورة الشجاعة والتضحية.. من هو "رامبو"؟

في عالم مليء بالصعاب والتحديات والصراعات، يظهر أبطال في التاريخ يتركون بصماتهم من الشجاعة والإخلاص والتفاني في الدفاع عن الوطن، ومن هنا يبرز لقب "رامبو"، الذي ارتبط بشخصيات جسدت القوة والإقدام في المواقف الصعبة، لذلك يتساءل عديد من الناس: من هو "رامبو العرب"؟ ولماذا لُقب بهذا الاسم؟ وهل هو شخصية حقيقية نقابلها ونراها ونتعامل معها في عالمنا الواقعي؟ أم هو شخصية خيالية لا نشاهدها سوى في الأعمال الدرامية سواء كانت سينمائية أو تليفزيونية، أو نسمع عنها في الأساطير والخرافات؟
شخصية "رامبو"
"رامبو" لقب يطلق على أشخاص تميزوا بشجاعتهم الاستثنائية، وقدرتهم على مواجهة الصعاب بمفردهم، تمامًا كما اشتهر البطل الخيالي "رامبو" في السينما الأمريكية، ورغم أن الاسم يرتبط بالخيال السينمائي، إلا أن الواقع العربي شهد شخصيات حقيقية تستحق هذا اللقب، نظرًا لتمتعها بعديد من الصفات، منها: الإقدام وعدم الخوف أو التردد من التصدي للأعداء، والقدرة على أداء المهام حتى النهاية، وتحمل الظروف الصعبة سواء كانت مناخية أو جغرافية، فيما لديه تخطيطات قتالية ذكية، ولا يعتمد على قوته الجسدية، بل على الذكاء الذي مكنه من تجاوز العقبات وتحقيق الانتصارات، والتضحية بحياته من أجل الدفاع عن وطنه وشعبه.

اسم رامبو الحقيقي
في عام 1982، أطلق الفيلم الأول من السلسة وحمل عنوان "فيرست بلود"، الذي استند إلى قصة من كتابة الكندي "ديفيد موريل" في عام 1972.
وقد أطلق "موريل" اسم "رامبو" على الشخصية الرئيسية في القصة، وذلك استنادًا إلى نوع معين من التفاح تم قطفه في القرن السابع عشر، على يدي مستوطن سويدي يدعى "بيتر جونارسون رامبو"، وأضيف لقب "جون" إلى الشخصية في الفيلم.
وفي مقابلة مع الكاتب "موريل"، ذكر أنه كان يعجز عن إيجاد اسم لشخصيته في الفيلم، وبينما كان جالسًا يقضم تفاحة مذاقها شهي، سأل عن نوعها واسمها، فأخبرته زوجته حينذاك أنها تدعى "رامبو"، فاستوحى اسم شخصيته من اسم التفاحة.

رامبو شخصية حقيقية
استند الكاتب "ديفيد موريل" في كتابه إلى شخصية حقيقية ظهرت في الحرب العالمية الثانية، وهو جندي أمريكي يدعى "أودي مورفي"، وقد نال هذا الجندي 33 وسامًا وميدالية بفضل شجاعته اللافتة، إذ تمكن من قتل 240 جنديًا ألمانيًا وجُرح ثلاث مرات.
وإثر انتهاء الحرب، كان عمره لا يتجاوز 21 عامًا، وفور انتهاء الحرب ظهر "مورفي" في فيلم يحكي سيرته الذاتية، وكان بعنوان "الذهاب نحو الجحيم والعودة منه"، وقد خاض غمار التمثيل أيضًا، لكن القدر لن يمهله طويلًا، إذ توفي في تحطم طائرة في عام 1971، بعد ذلك، قرر الكاتب الكندي إعادة إحياء هذه الشخصية في كتاب سرعان ما تحول إلى سلسلة.
"سيلفستر" يرفض "رامبو"
حين نقول "رامبو"، أول ما يتبادر إلى الذهن صورة النجم "سيلفستر ستالون"، إلى درجة بات يصعب التفريق بين الممثل والشخصية الأيقونية، والمثير للدهشة أن "ستالون" رفض الدور عندما عرض عليه، ويعود السبب إلى انتقال حق إنتاج الفيلم من شركة إلى أخرى، وقد شهد العمل تغييرات عدة، حتى اشترى الحقوق منتجان مستقلان هما "ماريو قصار" و"أندرو فاجنا".
ورغم توقيع عقود مع عديد من النجوم، لكنهم سرعان ما انسحبوا لأسباب مختلفة، ومنهم: "ستيف ماكوين"، "بول نيومان"، "كلينت ايستوود"، "آل باتشينو"، "روبرت دي نيرو"، "نك نولته"، "جون ترافولتا"، "داستن هوفمن".
عندما وقع الاختيار علي المخرج "تيد كوتشيف"، عرض الفيلم على "ستالون"، لكنه رفض الدور بسبب عرضه على العديد من الممثلين قبله، ولاعتقاده أن الفيلم لن يخرج إلى النور أبدًا.
لكنه تراجع عن رأيه وقبل العرض، عندما منح فرصة إعادة كتابة المشاهد التصويرية لقاء 3،5 مليون دولار، لكي يتم تعديل الشخصية، وجعلها أكثر قربًا من الجمهور.
اقرأ أيضًا: رحلة سينمائية لا تُنسى.. أفضل الأفلام الأجنبية في التاريخ حسب اللغات
قبل تصوير الفيلم، خضع الممثل "سيلفستر ستالون" لتدريب مكثف استمر 8 أشهر، لكي يتمكن من تجسيد دور "رامبو" في سبتمبر، كما أنه حافظ على هذا النظام الصارم حتى عند بدء التصوير، كان يستهل يومه بأربع ساعات من التمارين الرياضية، قبل أن ينتقل للتصوير بين 10 ساعات إلى 12 ساعة في اليوم.
من هو رامبو العرب؟
هناك عديد من الشخصيات على مر العصور لقبت بـ"رامبو العرب"، منها: "علي النعيمي"، الملقب أيضًا بأسد الجزيرة، وقد عرف ببطولاته في ميادين القتال، وبخاصة في الحروب التي خاضتها دول الخليج.
الشهيد المصري "أحمد المنسي"، الذي قاد وحدات الصاعقة المصرية ببسالة خلال المواجهات ضد الإرهاب.
وفي الفن النجم "فريد شوقي" لقبه البعض بـ"رامبو العرب"، ولكن في الحقيقة يوجد أحد الأشخاص من أصل عربي أطلق عليه لقب "رامبو الإليزيه"، وهو "لحسن بنلحية"، الذي قيل إنه الاسم الحقيقي لـ"ألكسندر بينالا"، أحد أفراد حماية الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون".
وغيرهم من الشخصيات التي تثبت جسارة في الحياة، فرامبو يرمز إلى القوة والصمود، ويذكرنا بالأبطال الموجودين في الواقع، وليس فقط من يظهرون في الأفلام، حيث يلهمون الأجيال القادمة لتحمل المسؤولية، كما فعل الأبطال الذين حملوا هذا اللقب، فيما سيظل سؤال من هو رامبو العرب مطروحًا، بحسب وجهة كل شخص والزمان والمكان الذي ظهر فيه، والإنجازات التي قام بها.