تقنية جديدة توسّع مجال الرؤية.. ماذا ترى كاميرات تحاكي «عين الأفعى»؟
نجح فريق من العلماء في معهد بكين للتكنولوجيا في تطوير نظام تصوير صناعي فريد مستوحى من إحدى أكثر قدرات الطبيعة إدهاشًا: الرؤية الحرارية لدى الثعابين. فبعض أنواع الثعابين، مثل أفاعي الحفر، تمتلك القدرة على استشعار الحرارة الصادرة عن فرائسها حتى في الظلام الدامس.
النظام الجديد قادر على التقاط صور بالأشعة تحت الحمراء (Infrared) بدقة 4K فائقة الوضوح (3840 × 2160 بكسل)، وهي دقة تضاهي كاميرات أحدث الهواتف الذكية الرائدة، ما يفتح المجال لاستخدام هذه التقنية مستقبلًا في أجهزة بحجم الهاتف المحمول.
كيف ترى الثعابين الحرارة؟
كل جسم في الكون تزيد حرارته عن الصفر المطلق (-273 درجة مئوية) يصدر نوعًا من الإشعاع الكهرومغناطيسي. حرارة أجسام الكائنات الحية، مثل الإنسان والحيوان، تقع في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهي أطوال موجية لا تستطيع العين البشرية رؤيتها.
بعض الثعابين تمتلك عضوًا فريدًا يُعرف باسم عضو الحفرة (Pit Organ)، يقع قرب فتحتي الأنف. يتكون هذا العضو من تجويف بداخله غشاء رقيق شديد الحساسية. وعندما تسقط الأشعة تحت الحمراء على هذا الغشاء، تُنشئ صورة حرارية تُنقل مباشرة إلى دماغ الثعبان، مما يمنحه قدرة شبه خارقة على تحديد موقع الفريسة بدقة عالية.
اعتمد الباحثون على هذا المبدأ البيولوجي لتطوير نظام تصوير صناعي متعدد الطبقات، مبني على قرص قطره 8 بوصات. تمر الأشعة تحت الحمراء عبر عدة طبقات متتالية، قبل أن تتحول في النهاية إلى صورة مرئية يمكن للعين البشرية رؤيتها.
ويعتمد النظام في طبقته الأولى على نقاط كمومية غروانية، وهي جسيمات نانوية دقيقة مصنوعة من ذرات الزئبق والتيلوريوم، قادرة على توليد شحنات كهربائية عند امتصاص الأشعة تحت الحمراء. ثم تنتقل هذه الشحنات عبر طبقات تقلل الضوضاء، وصولًا إلى طبقة باعثة للضوء تحوّل الإشارة الحرارية إلى ضوء أخضر مرئي.
في المرحلة الأخيرة، تلتقط مستشعرات الصورة النهائية، لتنتج نظام تصوير عالي الدقة يعمل في درجة حرارة الغرفة، دون الحاجة إلى أنظمة تبريد مكلفة كانت ضرورية في تقنيات مماثلة سابقًا.
خطوة ثورية في عالم الكاميرات
يُعد هذا النظام الأول من نوعه القادر على تحويل الأشعة تحت الحمراء قصيرة ومتوسطة الموجة (من 1.1 إلى 5 ميكرومتر) إلى صور فائقة الدقة دون تبريد خاص. ووفقًا للباحثين، فإن هذه التقنية توسّع نطاق الرؤية البشرية بأكثر من 14 ضعفًا مقارنة بالضوء المرئي.
كاميرات مزودة بهذه التقنية ستكون قادرة على كشف الأجسام الدافئة في ظروف صعبة، مثل الضباب، والدخان، والظلام التام، ما يجعلها مفيدة في مجالات متعددة.
أشار الباحثون، في دراستهم المنشورة في مجلة Light: Science & Applications، إلى أن التقنية يمكن إنتاجها بتكلفة منخفضة نسبيًا حتى عند استخدام عشرات الملايين من البكسلات، ما يجعلها خيارًا واقعيًا للكاميرات الاستهلاكية والهواتف الذكية مستقبلًا.
وتشمل التطبيقات المحتملة مجالات مثل فحص المنشآت الصناعية، وسلامة الغذاء، واستشعار تسربات الغاز، والزراعة الذكية، وأنظمة القيادة الذاتية، إضافة إلى تعزيز قدرات التصوير الليلي في الأجهزة المحمولة.
