قوس تشيلو من صنع تورتي يحقق رقمًا قياسيًا عالميًا في مزاد بفرنسا (فيديو)
شهد دار مزادات فيشي إنشيريس في فرنسا حدثًا استثنائيًا في عالم الموسيقى الكلاسيكية، حيث بيع قوس تشيلو نادر من صنع الفرنسي فرانسوا كزافييه تورتي، بمبلغ قياسي بلغ 375 ألف يورو، أي ما يعادل تقريبًا 438,750 دولار، ليصبح الأغلى في تاريخ الأقواس المخصصة لآلة التشيلو.
القوس، الذي صُنع بين عامي 1815 و1820، يحمل نقوشًا باسم مالكه السابق، العازف الألماني كارل ألكسندر بنجامين أوبر (1783–1824)، ما يضيف قيمة تاريخية إلى القطعة.
هذا الإنجاز يعكس المكانة الاستثنائية لأعمال تورتي، الذي يُلقب بـ"أبو القوس الحديث"، حيث أسهم في تطوير الشكل والتوازن الذي لا يزال مستخدمًا حتى اليوم في صناعة الأقواس.
تفاصيل فنية وتاريخية للقوس النادر في مزاد فيشي
القوس مصنوع من خشب البيرنامبوكو المعروف بجودته العالية ومتانته، ويتميز بزر ثماني الأضلاع، ولوحة رأس فضية، وعين باريسية مطعمة بالأبنوس، وهي سمات تشير إلى بداية ما يُعرف بـ"الفترة الذهبية" لتورتي.
وهذه الخصائص الفنية جعلت القوس ليس مجرد أداة موسيقية، بل قطعة فنية نادرة، تعكس تطور صناعة الأقواس في القرن التاسع عشر.
أما مالكه السابق، أوبر، فقد كان من أبرز عازفي التشيلو في عصره، حيث بدأ جولاته الموسيقية في ألمانيا عام 1804، وهو في سن الحادية والعشرين، وحقق نجاحًا واسعًا.
كما تولى منصب قائد الفرقة الموسيقية في عدة فرق، وكتب أعمالًا موسيقية متنوعة، منها كونشرتو للتشيلو في سلم صول الكبير، أهداه لصديقه المؤلف الشهير كارل ماريا فون فيبر، بالإضافة إلى أوبريتات وأغنيات وموسيقى الحجرة.
أوبر كان أيضًا معروفًا بترجماته وتوزيعاته لأعمال كبار المؤلفين مثل موزارت وبيتهوفن، وهو ما يظهر في الطبعات الموسيقية والمراسلات مع دار نشر شوت ميوزيك.
البيع الأخير يضع قوس التشيلو تورتي في مصاف القطع الموسيقية التاريخية الأعلى قيمة، لكنه لا يزال أقل من الرقم القياسي العالمي لقوس الكمان، والذي بلغ 576 ألف يورو في مزاد أقيم أيضًا في فيشي إنشيريس عام 2017، وكان من صنع تورتي نفسه.
هذه الأرقام القياسية تؤكد أن أعمال تورتي تحظى بمكانة استثنائية بين جامعي التحف الموسيقية وعازفي الآلات الكلاسيكية، حيث تجمع بين القيمة الفنية والتاريخية.
المزاد الأخير يعكس استمرار الاهتمام العالمي بالقطع النادرة التي تحمل توقيع تورتي، ويعزز مكانته كأحد أعظم صانعي الأقواس في تاريخ الموسيقى الكلاسيكية.
كما يبرز المزاد الدور المتنامي لدور المزادات الأوروبية في تسليط الضوء على التراث الموسيقي، وتحويل الأدوات القديمة إلى استثمارات فنية ذات قيمة عالية، تجمع بين التاريخ والفن.
