رائدة اليوغا السعودية نوف المروعي: التوازن يبدأ من الداخل.. وطموحي أن تدخل اليوغا كل بيت
من قلب مكة المكرمة إلى منصات التكريم العالمية، استطاعت نوف المروعي أن تحول تجربتها الشخصية مع المرض إلى قصة إلهام ونجاح، لتصبح مؤسسة اليوغا في السعودية والعالم العربي، وأول امرأة سعودية تتولى رئاسة الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا. إنها رحلة بدأت عام 1998 بحثًا عن العافية، وتحولت إلى مسيرة عالمية تمزج بين الرياضة، والروح، والعلم، والسلام، جعلتها رمزًا عربيًا في واحدة من أعرق الممارسات الإنسانية وأعمقها أثرًا على الجسد والعقل.
من هي نوف المروعي؟ وكيف بدأت رحلتك مع اليوغا؟
نوف المروعي، مؤسسة اليوغا في السعودية والعالم العربي، بدأت رحلتي عام 1998 حين اكتشفت في اليوغا علاجًا روحيًا وجسديًا بعد إصابتي بمرض الذئبة الحمراء، فوجدت فيها توازنًا أعاد إليّ العافية وقوة الإرادة وتنقلت لأكثر من 12 عامًا بين السعودية والهند لأتعمق في أنواع اليوغا وأساليبها، وأعمل مع منظمات دولية لنشرها وتطوير معاييرها عالميًا.
عام 2010 أصبحت عضوًا في الاتحاد الدولي لليوغا، ثم مستشارة للاتحاد الآسيوي عام 2015، قبل ترؤسه لأكون أول امرأة تتولى هذا المنصب. وبفضل الله كان لي دور بارز في إدراج اليوغا رياضةً رسمية في المملكة ورئاسة اللجنة السعودية لليوغا منذ تأسيسها تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية ووزارة الرياضة بين عامي 2021 و2024. واليوم أشغل ثلاثة مناصب دولية رفيعة، إذ أتولى رئاسة الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا، ورئاسة اللجنة العربية لليوغا تحت مظلة الاتحاد العربي للرياضة للجميع، فضلًا عن كوني الرئيس الفخري لاتحاد الكومنولث لليوغا في كندا، لأصبح أول سعودية وعربية تجمع بين رئاسة اتحادات قارية وإقليمية في آن واحد.
من المرض إلى العافية
ما الذي شجعك على ممارسة اليوغا خصوصًا بعد معاناتك الصحية؟
اليوغا تركت أثرًا عميقًا وإيجابيًا على جودة حياتي، خصوصًا مع معاناتي مرضًا روماتيزميًا، فهي رياضة لطيفة وغير عالية الشدة، تجمع بين القوة والمرونة والتوازن الحركي والاسترخاء العقلي والصفاء الذهني، ما جعلها خيارًا مثاليًا يساعد بشكل كبير في تحسين الحالات المرتبطة بالمشكلات العضلية والهيكلية.
كيف تعاملتِ مع التحديات الأولى، حين لم تكن اليوغا بعد مفهومة أو معترفًا بها رسميًا في المجتمع السعودي؟
كان التحدي الأكبر هو فهم طبيعة اليوغا ومدارسها المتعددة واختيار ما يلائم الثقافة العربية والقيم المجتمعية في إطارها الرياضي والصحي، خصوصًا مع انتشارها الواسع عالميًا وفي العالم العربي والسعودية، لذلك سعيت إلى التعريف بها وتأهيل المدربات منذ عام 2004، وأسست "المؤسسة العربية لليوغا" لنشر ثقافة اليوغا وأهميتها للصحة الجسدية والنفسية.
رفع نسبة النساء
ما هي أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها خلال مسيرتك؟
منذ تعييني بالتزكية في نوفمبر 2024، حقق الاتحاد إنجازات بارزة، أبرزها رفع نسبة مشاركة النساء من 2٪ إلى 38٪، وتوسيع الوعي العربي برياضة اليوغا بانضمام دول عربية جديدة. كما أُنشئت اللجنة الأفروآسيوية واللجان الوطنية في الإمارات والكويت والبحرين وفلسطين ومصر والجزائر والعراق وسوريا.
نظمنا معسكرات تدريبية في دبي، والبطولة الآسيوية السابعة في الفجيرة برعاية سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، والدورة الدولية في القاهرة بمشاركة 70 متدربًا، ونعمل حاليًا على تنظيم معسكر دولي في شرم الشيخ مطلع 2026 لتعزيز التعاون العربي والدولي في مجال اليوغا.
كيف ساهمت في نشر اليوغا في الدول العربية خصوصًا تأسيس اللجان العربية لليوغا ودعمها؟
جاءت هذه الجهود ثمرة تعاون بين الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا وعدد من الاتحادات الرياضية، أبرزها الاتحاد الإماراتي للرياضة للجميع برئاسة سعيد العاجل، والاتحاد العربي للرياضة للجميع برئاسة عماد البناني، وتحت مظلته أُسست اللجنة الأفروآسيوية لليوغا.
من خلال هذا التعاون، جرى دعم دول عربية وآسيوية وإفريقية بتنظيم معسكرات وورش تدريبية في الإمارات، خصوصًا دبي، بدعم من وزارة الرياضة، إلى جانب ندوات افتراضية بالتعاون مع خبراء من الهند واتحادات دولية.
وفي مايو 2025، أُقيم معسكر تدريبي في دبي جمع رؤساء اللجان العربية لليوغا لتبادل الخبرات ومناقشة سبل نشرها بما يتناسب مع الثقافة العربية، بمشاركة ممثلين من السعودية والإمارات والكويت وقطر وفلسطين ومصر وسوريا.
جوائز رفيعة المستوى
كم عدد الجوائز الدولية والقارية التي حصلت عليها؟
منحني الله الفرصة لأن أكون صوتًا عربيًا في عالم اليوغا، ومسيرتي كانت ثمرة شغف وإصرارٍ على أن يكون للعرب حضور مميز في هذا المجال العالمي. في عام 2018، كان شرفًا عظيمًا أن أحصل على رابع أعلى وسام مدني في الهند بادما شري (Padma Shri) من فخامة رئيس الهند، وهو وسام يُمنح تقديرًا للنبل والسلام والعطاء الإنساني، كانت لحظة مؤثرة عندما تسلمته من القصر الرئاسي، كأول عربية تنال هذا الشرف في تاريخ اليوغا. وفي العام نفسه، نلت جائزة جوهرة اليوغا من الاتحاد الآسيوي لليوغا، وهي جائزة قارية مرموقة تمثل اعترافًا دوليًا بجهودنا في نشر اليوغا ثقافيًا وصحيًا. كما حصدت جائزة تمكين المرأة في دبي، وتعني لي الكثير لأنها تكرم المرأة الطموحة القادرة على إحداث فرق حقيقي.
وعام 2024 كان عامًا مميزًا، إذ حصلت على جائزة إنجازات المرأة من نائب رئيس جمهورية الهند خلال مهرجان "هي في القوة"، وهو احتفاء بالنساء الملهمات حول العالم، كما تشرفت بالحصول على لقب "سفيرة آسيا لليوغا" من الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا، وهي مسؤولية كبيرة أسعى من خلالها إلى تعزيز حضور اليوغا كرسالة سلام، وتوازن، وتواصل إنساني بين الشعوب.
كيف حصلت على التقدير الدولي مثل جائزة "Padma Shri" من الهند، وماذا تعني لك هذه الجائزة؟
هي جائزة تُمنح من رئيس جمهورية الهند على شكل وسام في مجالات متعددة مثل الرياضة والأدب والفنون والعمل المجتمعي. وتتطلّب أن يكون المرشّح قد قدّم إسهاماتٍ في مجاله لأكثر من عشرين عامًا. تمثّل هذه الجائزة بالنسبة إليّ قيمة كبيرة، إذ تُعد من أرفع الجوائز في آسيا، وتُمنح تقديرًا للتميز والإنجاز. كما أن رياضة اليوغا، بوصفها ممارسة تقليدية عريقة، تحظى باهتمام خاص من خلال هذا النوع من الجوائز التي تُعد بمثابة اعتراف رسمي وتكريم رفيع من المؤسسات المختصّة، يمنح الحاصل عليها مكانة مرموقة في مجال اليوغا.
وضع معايير عالمية
ما هو دورك في الفعاليات العالمية، مثل مجموعة عمل المجتمع المدني في قمة العشرين، وما أثر هذا الدور؟
يكون غالبا دوري في تمثيل المؤسسة التي دعيت لأمثلها، بالنسبة لمشاركتي في مجموعة المجتمع المدني في قمة العشرين كان بدعوة من الجهات الرسمية في الهند لأمثل المملكة في البرنامج، وحيث إنني أحمل Padma Shri تتم دعوتي للعديد من البرامج في الهند والفعاليات التي تقيمها الحكومة الهندية.
هل شاركتِ في وضع معايير عالمية لليوغا؟
مازلتُ عضوًا في لجنة معايير اليوغا التي أسستها وزارة اليوغا الهندية ومنظمة الصحة العالمية منذ عام 2018، وشاركت في لجنة معايير اللياقة بمعهد إعداد القادة بوزارة الرياضة بين 2019 و2021، كما أعمل ضمن لجنة آسيوية تضم خبراء من الهند وآسيا بخبرة تتجاوز 20 عامًا في مجال اليوغا.
ركيزة للعافية
ما الذي تأمل نوف المروعي أن تحققه في السنوات القادمة لتطوير اليوغا في السعودية والعالم العربي؟
أتمنى أن تحظى اليوغا بدعم أكبر من المؤسسات الدولية، خصوصًا بعد اعتراف المجلس الأولمبي الآسيوي بـ"اليوغاسانا" كلعبة رسمية في 2024، فهي ليست مجرد رياضة بل ممارسة مجتمعية تعزز الصحة الجسدية والعقلية وتناسب جميع الأعمار، لذا يجب توحيد الجهود الدولية لنشرها باعتبارها ركيزة أساسية للعافية وجودة الحياة.
اليوغا روحية ورياضية
كيف ترين التوازن بين اليوغا كممارسة روحية وعلاجية، وبين كونها رياضة ترفيهية؟
اليوغا عالم واسع يجمع بين أربع مدارس رئيسة: التقليدية، والروحانية، والعلاجية، والتنافسية (اليوغاسانا)، فالمدرسة التقليدية هي الأشهر وتشمل معظم الممارسات الجسدية المنتشرة عالميًّا، بينما تركز الروحانية على التأمل والفلسفة، وتُعنى العلاجية بتأثير اليوغا على الصحة الجسدية والنفسية. أما اليوغاسانا فهي الوجه الرياضي التنافسي لليوغا، ولها بطولات ومسابقات دولية، وتحقيق التوازن يكمن في فهم هذه المدارس وممارسة ما يناسب كل فرد بين العافية، والتأمل، والتحدي الرياضي.
ما هو دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في آسيا في تعزيز اليوغا، وهل هناك مشاريع للتعاون معها؟
تؤدي اليوغا دورًا محوريًا في دعم البحث العلمي والدراسة حول تأثيرها الإيجابي على صحة الإنسان، ومن هذا المنطلق نعمل في الاتحاد الآسيوي لليوغا على عدد من المشاريع النوعية، من خلال لجان متخصصة للجامعات والمدارس والتعليم، ونعمل حاليًا على تأسيس لجنة للبحث العلمي في هذا المجال. كما نتعاون بشكل مستمر مع المؤسسات التعليمية، وسنعلن قريبًا عن مبادرات واعدة تعزز حضور اليوغا كعلم وصحة وأسلوب حياة.
البطاقة التعريفة
الاسم: نوف بنت محمد المروعي
مكان وتاريخ الميلاد: مكة المكرمة – 21 مايو 1980
الهوايات: اليوغا والسباحة
التخصص الدراسي: علم النفس العيادي
المناصب الحالية:
رئيسة الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا
رئيسة اللجنة العربية لليوغا تحت مظلة الاتحاد العربي للرياضة للجميع
الرئيس الفخري لـ اتحاد الكومنولث لرياضات اليوغاسانا
مؤسسة المؤسسة العربية لليوغا وأكاديمية نوف الرياضية
المناصب السابقة:
رئيسة اللجنة السعودية لليوغا (2021–2024)
رئيسة اللجنة العربية لليوغا بالاتحاد الدولي لليوغا (2010–2015)
