هل يضاعف الإنتاجية أم الضغوط؟ دراسة توضّح علاقة الذكاء الاصطناعي بالاكتئاب
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Humanities and Social Sciences Communications أن إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى أماكن العمل قد يترك آثارًا نفسية غير متوقعة.
وتشير النتائج إلى أن الاعتماد المتزايد على هذه التقنيات يمكن أن يقلل شعور الموظفين بالأمان النفسي، أي إحساسهم بالثقة والاطمئنان عند التعبير عن آرائهم دون خوف أو قلق، ما قد يرفع من احتمالية إصابتهم بالاكتئاب.
ومع ذلك، أكدت الدراسة أن القيادة الأخلاقية داخل المؤسسات قادرة على تقليل هذه الآثار السلبية.
وقاد فريق من الباحثين الكوريين، وهم بيونغ-جيك كيم، مين-جيك كيم، وجولاك لي، دراسة موسعة لمعرفة كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الحالة النفسية للعاملين.
وركز الباحثون في دراستهم على الاكتئاب باعتباره من أكثر الاضطرابات انتشارًا في أماكن العمل، ومن أشدها تكلفة على المؤسسات.
كما طرحوا تساؤلاً محوريًا حول ما إذا كان استخدام الذكاء الاصطناعي يسهم فعلاً في زيادة حالات الاكتئاب بين الموظفين، وإن صح ذلك، فما الآلية التي تقف وراء هذا التأثير؟
أسباب قلق الموظفين من الذكاء الاصطناعي
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن العلاقة ليست مباشرة؛ فالذكاء الاصطناعي بحد ذاته لا يسبب الاكتئاب، لكنه يحدّ من شعور الموظفين بالأمان النفسي، وهو الإحساس بأنه يمكن التعبير عن الرأي أو طلب المساعدة دون خوف من الانتقاد أو الفشل، وعندما يتراجع هذا الإحساس، ترتفع احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
وشملت الدراسة 3 مراحل من الاستطلاع شملت 381 موظفًا من شركات متعددة؛ ففي المرحلة الأولى، طُلب من المشاركين تقييم مدى اعتماد مؤسساتهم على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الموارد البشرية، التسويق، التمويل، والإدارة، إلى جانب قياس درجة العدالة التي يتحلى بها قادتهم.
وبعد ذلك، جرى تقييم شعورهم بالأمان النفسي، ثم قياس مستويات الاكتئاب لديهم بعد مرور فترة زمنية محددة.
وتوصل الباحثون إلى أن الموظفين العاملين في بيئات تعتمد بشكل واسع على تقنيات الذكاء الاصطناعي يشعرون بانخفاض واضح في مستوى الأمان النفسي، مما يجعلهم أقل استعدادًا لطرح آرائهم بصراحة أو طلب المساعدة عند مواجهة الصعوبات في العمل.
ولاحظت الدراسة أن وجود قيادة أخلاقية داخل المؤسسة، تقوم على العدالة والشفافية والاهتمام بالموظفين، يسهم في تخفيف التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على الأمان النفسي.
فكلما شعر الموظفون بأن قادتهم منصفون ويتعاملون معهم بوضوح واحترام، تراجع لديهم القلق المرتبط بالتقنيات الجديدة، وأصبحوا أكثر استعدادًا لتقبل الذكاء الاصطناعي بوصفه وسيلة لتحسين كفاءة العمل وليس خطرًا على وظائفهم.
وحذر الباحثون من أن تجاهل الجانب النفسي عند تطبيق الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نتائج عكسية رغم التقدم التقني، مشيرين إلى أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد تساعد في تخفيف الضغط عبر أتمتة المهام المتكررة وتحسين الكفاءة.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على ضرورة أن تأخذ الشركات في اعتبارها الصحة النفسية للموظفين عند إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على بناء بيئة يسودها الحوار والثقة لضمان تبني ناجح ومستدام لهذه التقنيات.
