دراسة: السعي وراء الحياة النفسية الغنية يكشف جانبًا غير متوقع من رغباتنا
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Psychology & Marketing أن السعي وراء الحياة النفسية الغنية قد يكون السبب وراء اختيار البعض لتجارب غير مريحة أو غير تقليدية.
ويُعد هذا النوع من الحياة بُعدًا جديدًا للرفاهية، يختلف عن السعادة أو الإحساس بالمعنى، ويقوم على خوض تجارب متنوعة ومعقدة تُغيّر نظرة الإنسان للعالم.
الباحثون أشاروا إلى أن هذه الرغبة قد تفسر سلوكيات مثل مشاهدة أفلام الرعب، تناول أطعمة شديدة الحموضة، أو خوض تحديات جسدية قاسية، وهي تجارب تُعرف باسم "الاستهلاك المضاد للمتعة".
ورغم أنها لا توفر المتعة التقليدية، فإنها تمنح شعورًا بالتجدد والتطور الشخصي، وهو ما يميز الحياة النفسية الغنية عن غيرها من أنماط الحياة.
العلاقة بين التجارب الصعبة والنمو الشخصي
أجرت الدراسة سلسلة من عشر تجارب شملت أكثر من 2,200 مشارك، ووجدت أن من يسعون إلى الحياة النفسية الغنية يفضلون تجارب غير تقليدية. في إحدى التجارب، اختار المشاركون دخول بيت رعب بدلاً من حديقة هادئة، وفي تجربة أخرى، فضّلوا طبق دجاج شديد الحموضة.
حتى عند المقارنة بين تجارب ممتعة وأخرى مربكة، مال الباحثون عن الحياة النفسية الغنية نحو الخيارات التي تحمل تحديًا. هذه النتائج ظلت ثابتة حتى بعد التحكم في عوامل مثل حب المخاطرة أو البحث عن الإثارة، ما يشير إلى أن الحياة النفسية الغنية هي دافع مستقل وراء هذه التفضيلات.
الباحثون أكدوا أن هذه التجارب تُعزز الإحساس بالنمو الشخصي، وتُسهم في بناء منظور أكثر عمقًا للحياة.
كيف تؤثر الحياة النفسية الغنية على قراراتنا؟
أظهرت الدراسة أن التركيز على النمو الشخصي هو المحرك الأساسي وراء اختيار هذه التجارب غير المريحة. عندما طُلب من المشاركين التفكير في قرارات تعزز التطور الذاتي، زاد اهتمامهم بالأفلام المرعبة والأطعمة الغريبة.
كما أثبتت التحليلات أن الرغبة في تطوير الذات تفسر بالكامل العلاقة بين السعي وراء الحياة النفسية الغنية وتفضيل التجارب غير المريحة، بينما لم يكن لتكوين ذكريات عميقة نفس التأثير.
ودعا الباحثون إلى إجراء تجارب ميدانية مستقبلًا لفهم السلوك الحقيقي، مع مراعاة الفروقات الثقافية التي قد تؤثر على تقييم هذه التجارب كوسيلة للحكمة والنضج. في النهاية، يبدو أن الحياة النفسية الغنية لا ترتبط بالراحة، بل بالتحول الداخلي الذي يصنع فرقًا حقيقيًا في نظرتنا للعالم.
