بين الخوف والطمع.. كيوساكي يحدد المعركة الحقيقية وراء بناء الثروة
قال المستثمر الأمريكي "روبرت كيوساكي"، مؤلف كتاب "الأب الغني والأب الفقير"، إن السبب الحقيقي وراء فشل الكثير من الأشخاص في تحقيق الثراء لا يعود إلى قلة التعليم أو ضعف القدرات العقلية، بل إلى غياب الذكاء العاطفي، أي عدم القدرة على التحكم في المشاعر مثل الخوف والطمع عند اتخاذ القرارات المالية.
وفي منشور له عبر منصة "إكس"، أوضح كيوساكي أنه كان يستعرض أمام أحد أصدقائه تطبيق "كوين بيس" الخاص بالعملات الرقمية، ليُريه الأرباح الكبيرة التي حققها من استثماره في "بيتكوين"، مشيرًا إلى أن قيمة محفظته وصلت إلى ملايين الدولارات بعدما كانت متواضعة قبل سنوات، وأنه يتوقع أن يتضاعف سعر "بيتكوين" ليصل إلى 200 ألف دولار خلال العام الحالي.
لكن المفاجأة كانت في رد فعل صديقه، الذي تجاهل الأرباح الكبيرة وركّز فقط على الخسارة الأخيرة التي بلغت مئات الآلاف من الدولارات.
واعتبر كيوساكي أن هذا التركيز على الجانب السلبي يعكس الفرق الجوهري في التفكير بين الأغنياء والفقراء، حيث يرى "الخاسرون" الخسارة فقط، بينما يركّز الناجحون على الصورة الكاملة والفرص المستقبلية.
أهمية الذكاء العاطفي في اتخاذ قرارات مالية ناجحة
يرى "روبرت كيوساكي" أن السبب الرئيس وراء تردد الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى في اتخاذ قرارات مالية جريئة يعود إلى سيطرة مشاعر الخوف عليهم، خصوصًا الخوف من فقدان المال. هذا الخوف، بحسب رأيه، يمنعهم من استثمار مدخراتهم في فرص قد تُحدث تغييرًا حقيقيًا في حياتهم. في المقابل، يتعامل الأغنياء مع الخوف من الخسارة باعتباره شعورًا طبيعيًا يمكن فهمه والسيطرة عليه، لا عائقًا يمنعهم من التقدم.
ويُوضح كيوساكي أن الفرق الجوهري بين الطرفين يكمن في طريقة التعامل مع الخسائر؛ فالناجحون يتعلمون منها ويستفيدون، بينما يهرب الآخرون منها ويتركونها تتحكم في قراراتهم.
ويضيف أن الأغنياء يدركون أن مشاعر مثل الخوف والجشع جزء من الطبيعة البشرية، ويختارون احترام هذه المشاعر والتعامل معها بوعي، بدلًا من السماح لها بالسيطرة عليهم.
WHY LOSERS lose:
I was showing a friend my coin base app, explaining that a few years ago it was pathetic. Today my app showed my friend I have millions in Bitcoin…. and I think Bitcoin will double in price this year…. Possibly a high of $200k.
Although my coin base showed I…— Robert Kiyosaki (@theRealKiyosaki) October 29, 2025
هذا النوع من الوعي النفسي، كما يصفه كيوساكي، يُعرف باسم الذكاء العاطفي (EQ)، وهو العامل الذي يتفوّق في تأثيره على الذكاء العقلي (IQ) في عالم المال والاستثمار. ويؤكد أن كثيرًا من أصحاب الشهادات العليا يعيشون حياة مالية محدودة، ليس بسبب نقص المعرفة، بل لأنهم لا يمتلكون الذكاء العاطفي الكافي لإدارة مشاعرهم في المواقف المالية الحساسة.
كيف يساعد الذكاء العاطفي على تحقيق النجاح المالي؟
يؤمن "روبرت كيوساكي" أن تحقيق النجاح المالي لا يعتمد فقط على التعليم الأكاديمي أو التفكير المنطقي، بل يتطلب أيضًا قدرة عالية على إدارة المشاعر. فالتوازن بين العقل والعاطفة، وفقًا لرؤيته، هو ما يمكّن الفرد من اتخاذ قرارات مالية جريئة ومدروسة، والتعامل مع الخسائر بثبات وثقة دون الوقوع في فخ الندم أو الانهيار.
ويستشهد كيوساكي بتجربة شخصية مؤثرة، قائلاً إن والده رغم ذكائه وتعليمه العالي عاش حياته فقيرًا لأنه كان يخشى الخسارة باستمرار، وهو ما منعه من استغلال الفرص المالية التي مرّت أمامه.
اقرأ أيضًا: الثراء لا يجلب السعادة.. بحث جديد يكشف سر أنانية الأغنياء
ويختتم كيوساكي رسالته بنصيحة مباشرة: إذا كنت تطمح إلى الثراء والسعادة، فعليك أن تطوّر ذكاءك العاطفي، لتكون أذكى من مشاعر الخوف والطمع، لا تابعًا لها.
بهذا الطرح، يعيد كيوساكي التأكيد على فكرة أساسية لطالما تناولها في كتبه، وهي أن بناء الثروة يبدأ من طريقة التفكير، لا من حجم المال المتاح. فامتلاك الذكاء العاطفي والسيطرة على الانفعالات يُعدان الخطوة الأولى نحو الاستقلال المالي وتحقيق النجاح الحقيقي.
