الاحتفاء بالإبداع: أسبوع دبي للتصميم 2025 يجمع العالم على منصة الابتكار
أضحى أسبوع دبي للتصميم منذ تأسيسه، منصةً محورية للحوار الثقافي والتبادل الإبداعي، تجمع بين ممارسات التصميم الريادية من المنطقة والعالم في مساحة واحدة تتيح التفاعل والتأمل والإلهام.
وبفضل برامجه المتعددة التخصصات، أصبح الأسبوع يجسّد روح دبي، بوصفها مركز عالمي للفكر التصميمي، إذ يقدّم مشهدًا ثريًا يغطي مجالات العمارة والتصميم الداخلي وتصميم الأثاث والمنتجات والتصميم الجرافيكي والتجارب التفاعلية، ليؤكد مكانة المدينة كحاضنة للفكر والممارسة المبتكرة.
وفي هذا السياق العالمي المتنامي، تنطلق الدورة الحادية عشرة للأسبوع، خلال الفترة من 4 إلى 9 نوفمبر 2025، تحت رعاية الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، وبدعم من دبي للثقافة، وبالشراكة الاستراتيجية مع حي دبي للتصميم، التابع لمجموعة تيكوم.
تأتي هذه الدورة لتجدد الالتزام بمواصلة النمو المعرفي والثقافي، من خلال برنامج غنيّ بالمعارض والحوارات والأنشطة التفاعلية، التي تتيح للجمهور اختبار التصميم، بوصفه تجربة حياتية شاملة، لا مجرد ممارسة فنية.
انطلاقًا من هذا التوجه، أوضحت ناتاشا كاريلا، مديرة أسبوع دبي للتصميم، أن برنامج هذا العام يتبنى رؤية أكثر تأملاً تتجاوز الأفكار التقليدية حول التصميم، فبدلًا من اعتباره أداة للابتكار المادي فحسب، يُطرح هذا العام بوصفه قوة اجتماعية وثقافية تلامس جوهر العلاقة بين الإنسان ومحيطه، وتعيد التفكير في مفاهيم المعيشة والتواصل والرعاية.
أبرز فعاليات أسبوع دبي للتصميم 2025
ينطلق أسبوع دبي للتصميم 2025 وسط أجواء من الإبداع والتجديد، ليجمع تحت مظلته مجموعة متنوعة من الفعاليات التي تحتفي بالتصميم بكل أشكاله.
من المعارض التفاعلية إلى التركيبات الفنية وورش العمل، يشكّل الحدث منصة مفتوحة للمصممين والفنانين والجمهور، لاكتشاف رؤى جديدة تعيد تعريف العلاقة بين الفن، الثقافة، والمجتمع.
أبواب والأشغال المدنية: تصميم متجدد

يحمل برنامج أبواب في دورة 2025 طابعًا تحوليًا يعكس تطور فلسفة التصميم في المنطقة؛ إذ يتيح هذا البرنامج السنوي للمصممين من مشارب آسيا وإفريقيا مساحة للتفاعل التجريبي، مع موضوعات ترتبط جوهريًا بالتغيرات الثقافية المعاصرة.
وتَركّز النسخة الحالية على مفهوم "في التفاصيل"، ليدعو المشاركين إلى استكشاف الزخرفة بوصفها منظومة معرفية تتجاوز كونها زخرفًا بصريًا، فتغدو أداة توثيق تاريخي، ووسيلة لاستعادة الهويّات الثقافية، من خلال ابتكار حلول مكانية تدمج الذاكرة بالخيال الإبداعي.
يواكب هذا الفكر برنامج الأشغال المدنية، أحد دعائم أسبوع دبي للتصميم السنوية، حيث يُمنح المعماريون والمصممون منصة لاختبار النماذج المكانية في قلب الحياة العامة، وتحويلها إلى مبادرات اجتماعية مبتكرة.
وتبرز نسخة هذا العام من خلال تناولها لبنية "الفناء" الأصيلة، ساعيةً إلى إعادة صياغة وظيفته المعمارية والاجتماعية، عبر رؤية حديثة تجعل منه مساحة متجاوبة مع المتغيرات المجتمعية والمناخية.
وكان فوز استوديو "شكل من أشكال العمل" بمقترح "متى تصبح العتبة فناءً؟"، علامةً على تصعيد الحرفية المحلية والبحث الميداني إلى مرتبة مرجعية في إبداع تصاميم توازن بين الخصوصية والانفتاح، مع الاستناد إلى تراث الحوش الإماراتي، بوصفه ملتقى بين التقليد والتجديد.
معارض أسبوع دبي: منصات للفن والحوار
في إطار رؤيته الرامية لصياغة مشهد ثقافي متكامل، يقدّم أسبوع دبي للتصميم برنامجًا ثريًا من المعارض والمبادرات، التي تتجاوز مفهوم الفعالية التقليدية، حيث يتداخل فيها الإبداع المحلي مع العالمي، ضمن مناخ من التعاون العابر للحدود والتخصصات.
وتأتي معارض الأسبوع بوصفها تجربة فنية شاملة، تجمع بين الإرشاد، الحوار، وتبادل الرؤى، فتحتضن أعمال المبدعين الإماراتيين، بتركيز خاص على تطوير المواهب الشابة، في صيغ مبتكرة تواكب احتياجات سوق التصميم الناشئ.
إلى جانب ذلك، يبرز الملتقى الإقليمي للهندسة المعمارية، الذي يجمع خبرات المؤسسات الكبرى المحلية والدولية، بالشراكة مع المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين "ريبا"، ليؤسس منصة تفاعلية تربط بين التطور العمراني والتطلعات المجتمعية الحديثة.
وتتواصل رحلة الإبداع من خلال مشاريع متخصصة لعلامات دولية بارزة في مجالات الساعات، التكنولوجيا، وفنون الجواهر؛ حيث يشكّل معرض Jaeger-LeCoultre مثالًا على كيف يمكن للفنون التطبيقية أن تستعرض تاريخ المنتج من منظور هندسي وفني عميق، فيما يضفي معرض Asus بُعدًا تكنولوجيًا جديدًا يبرز تطور التصميم بين المادية والذكاء الاصطناعي، ويوفر للحضور تجارب غامرة.
في ذات السياق، تطلق مدرسة ليكول الشرق الأوسط معرضًا عالميًا للمرة الأولى، ليصوغ جسورًا ثقافية فريدة بين مدارس الجواهر الشرقية والغربية، ويعزز الحوار بين التراث المحلي وحرفية العالم.
حي دبي للتصميم: تركيبات فنية وورش ملهمة
في قلب حي دبي للتصميم يتحول الفضاء الحضري هذا العام إلى معرض مفتوح يتحدى حدود الابتكار، إذ تهيمن عليه أكثر من ثلاثين تركيبة فنية ضخمة، تمزج بين الفن والتكنولوجيا، وتعيد تعريف المشهد العام كمساحة تفاعلية نابضة بالحياة.
تبدأ الرحلة من الاستوديوهات المحلية، التي تقدم هياكل مبتكرة مصنوعة من مواد صديقة للبيئة، ليعكس كل عنصر التزاماً أصيلاً بقيم الاستدامة، فيما تواصل استوديوهات أخرى ريادتها عبر أعمال تستحضر الموروث المحلي، مثل تصور استوديو أجزال الحديث للمجلس المعتمد على حجر الشارقة وجلود الإبل المشغولة بعناية الحرفيين.
ولا تتوقف روح التجديد عند الحدود المحلية، بل تمتد إلى الأفق الدولي، مع حضور تركيبات من شركات عالمية تنسج حوارًا ثقافيًا من نوع جديد، فتستعرض Nikken Sekkei اليابانية براعة النجارين التقليديين، عبر هيكل خشبي استثنائي، فيما تبتكر Grimshaw البريطانية تجربة حسية مغمورة بالشفافية، بالتعاون مع الفنانة نورا زيد.
وحين تلتقي تقنيات النسيج العريقة مع معايير التصميم الحديث في منحوتة Designlab Experience، يصبح الزائر أمام مزيج فريد من الحرفة المعاصرة والتراث.
في موازاة هذه العروض البصرية، ينبض البرنامج الثقافي لورش العمل والمحاضرات بزخم حقيقي، إذ يتلاقى المبدعون من شتّى أنحاء العالم في فضاء تعليمي ديناميكي، بدءًا من جامعة الفنون في لندن ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وصولاً إلى صناع مستقلين وناشرين مرموقين من المنطقة كدار كاف للكتب.
داون تاون ديزاين: منصة التصميم الراقي
على مدار خمسة أيام من 5 إلى 9 نوفمبر، يعود معرض داون تاون ديزاين، باعتباره الحدث الرئيس والأبرز لأسبوع دبي للتصميم، ليكون منصة مخصصة تستعرض أحدث ابتكارات التصميم الراقي والمعاصر.
يجمع المعرض نخبة من أبرز العارضين من مختلف أنحاء العالم، حيث تتنوع الفئات المعروضة بين الأثاث، الإضاءة، المواد، وديكورات الإكسسوارات بلمسة عصرية مستحدثة، تلبي تطلعات السوق العالمي والمحلي.
ويتميز هذا العام بعودة أسماء بارزة مثل هُدى لايتنج، كارتيل، كوهلر، وبولترونا فراو، إلى جانب أسماء جديدة تفتح آفاقًا واسعة بالإبداع مثل روتش بوبوا وستيلار ووركس.
كما تلقى المشاركة الإقليمية اهتمامًا خاصًا، مع عروض مميزة لبيئة التصميم في منطقة الشرق الأوسط، يتصدرها بيت كوليكتيف اللبناني، وأول ظهور لستراتا للمصمم الباكستاني يوسف شباز، إلى جانب مبادرات من السعودية والإمارات.
ويضيف المعرض أبعادًا حيوية من خلال تجارب تفاعلية مبتكرة، حيث تتألق علامة Buccellati بتصميم ثنائي من ديفيد ونيكولا، فيما يقدم استوديو Styled Habitat مفاهيم جديدة تعكس توجهات شركة Nordic Homeworx.
وفي تكامل مع فعاليات داون تاون ديزاين، يبرز معرض إيديشنز بوصفه منصة مركزية تجمع الفن والتصاميم محدودة الإصدار، مقدمًا مجموعة استثنائية من الأعمال الفنية التي تشمل المطبوعات والتصوير والسيراميك وغيرها.
كما يشهد المعرض هذا العام، إطلاق العرض الإقليمي الأول للفن الياباني، عبر تعاون مع معرض Jack Art Gallery، فيما يسلط الضوء على أعمال الفنانة إيلا كولومبو، التي تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مشاركة مصممين عالميين بأعمال تمزج بين التراث والحداثة.
سوق التصميم: إبداع وتجارب حية
في ختام فعاليات أسبوع دبي للتصميم، ينطلق سوق مميز يومي 8 و9 نوفمبر في قلب حي دبي للتصميم، ليقدم منصة تسوق خارجية، تنتقل بالمستهلكين في رحلة فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة.
ويتيح السوق للشركات المحلية والحرفيين المستقلين من الإمارات والمنطقة عمومًا عرض منتجاتهم اليدوية الفنية، من أدوات المنزل والجواهر إلى الأزياء ومنتجات الحياة المستدامة، ما يثري التجربة بالتصاميم التي تحمل لمسات شخصية وروح الابتكار.
كما أنه لا يقتصر على التسوق فحسب، بل يمتد ليخلق فضاءً ينبض بالحياة عبر تجارب الطهي، الأنشطة الترفيهية للأطفال، والعروض الحية، مانحًا الجميع من مختلف الأعمار فرصة التفاعل والاحتفاء بالإبداع والإتقان في إطار مجتمعي نابض بالحيوية.
ويختتم السوق فعاليات أسبوع دبي للتصميم باحتفالية تجمع بين الثقافة، الحرف، والابتكار، مرسخًا مكانته كملتقى إبداعي يربط بين المبدعين والجماهير في أجواء ملهمة وممتعة.
