تصوير هجمات الأفاعي السامة بتقنية الفيديو عالي السرعة لأول مرة (فيديو)
في إنجاز علمي غير مسبوق، تمكن فريق من الباحثين الدوليين من تصوير هجمات الأفاعي السامة على فرائسها بدقة فائقة وبطيئة الحركة، ما أتاح للمرة الأولى رؤية تفاصيل مذهلة حول كيفية انقضاض هذه الزواحف القاتلة وحقنها للسمّ في جزء من الثانية.
الدراسة التي نُشرت يوم 23 أكتوبر 2025 في مجلة Journal of Experimental Biology، وثّقت أكثر من 100 مقطع فيديو عالي السرعة لهجمات نفذتها 36 فصيلة مختلفة من الأفاعي، التُقطت من زوايا متعددة باستخدام كاميرات متطورة قادرة على تسجيل آلاف الإطارات في الثانية.
هجمات الأفاعي السامة على فرائسها
قالت سيلك كليورين، عالمة الأحياء في جامعة موناش بأستراليا والمشاركة في الدراسة: "لطالما عرفنا أن الأفاعي تهاجم بسرعة، لكننا لم نرَ من قبل تفاصيل العملية الدقيقة. الآن يمكننا فهم كيفية استخدام كل فصيلة لأنماط مختلفة من العضّ وحقن السمّ".
في السابق، كانت محاولات تصوير هجمات الأفاعي محدودة بسبب سرعة الاندفاع التي لا تتجاوز 0.1 ثانية، ما جعل الكاميرات القديمة عاجزة عن التقاط التفاصيل. أما اليوم، فقد استخدم العلماء بيئة مراقبة في منشأة "فينو وورلد" بباريس، حيث تُستخرج السموم من الثعابين والعقارب لأغراض طبية. هناك، ابتكر الباحثون فريسة وهمية مصنوعة من هلام طبي يحاكي نسيج العضلات البشرية، وعلّقوها أمام الثعابين لتوثيق الهجمات الواقعية في ظروف مضبوطة.
كشفت النتائج أن الأفاعي السامة تتبنّى ثلاث استراتيجيات رئيسية للهجوم:
العضّ السريع والدقيق — حيث تهاجم الأفعى وتغرس أنيابها خلال 0.1 ثانية فقط، أسرع من قدرة معظم الثدييات على رد الفعل.
العضّ المتعدد — بعض الأنواع، مثل الأفاعي العصوية، تعضّ الفريسة مرارًا، مما يُطيل فترة تدفق السم داخل جسدها.
العضّ المتأرجح — رُصدت ثعابين مثل Boiga dendrophila وToxicodryas pulverulenta وهي تستخدم أنيابها الخلفية لتحريكها ذهابًا وإيابًا، ما يُحدث جروحًا على شكل نصف قمر لتوصيل السم بكفاءة أكبر.
وأوضح الباحث المشارك ريمي كساس، من معهد فينو وورلد في باريس، أن بعض الأفاعي تغيّر زاوية هجومها أثناء العضّ إذا لم تحصل على الوضع المثالي: "رأينا أفاعي تسحب نابها وتعيد إدخاله من زاوية مختلفة لتحسين الحقن. هذه الدقة تُظهر أن الهجوم ليس مجرد رد فعل سريع، بل عملية مدروسة تطورت عبر ملايين السنين".
سرعة لدغات الأفاعي
وأظهرت المقاطع أن أنواعًا مثل أفعى الموت (Acanthophis rugosus) وثعبان المرجان الرأسي (Aspidelaps lubricus) تمتاز بسرعة خاطفة، بينما استغرقت أنواع أخرى أكثر من 0.3 ثانية للوصول إلى فريستها — وهي لا تزال سرعة خارقة بمعايير الطبيعة.
اقرأ أيضا: علماء يكتشفون "سلوكًا انتحاريًا" لدى الأفاعي بسبب حرارة الجو (فيديو)
تُسلّط الدراسة الضوء أيضًا على أن حجم الفريسة ونوعها قد يؤثران في أسلوب الهجوم، وهو ما سيُدرس لاحقًا في أبحاث مستقبلية تهدف إلى فهم تطور سلوك الأفاعي الدفاعي والهجومي، وربما تحسين تطوير مضادات السموم الطبية في المستقبل.
ويختتم الباحثون بأن هذه النتائج تفتح نافذة جديدة على أسرار واحدة من أسرع وأدقّ الضربات في مملكة الحيوان — ضربة الأفعى التي لا يمكن للعين المجردة ملاحظتها، لكن الكاميرات الحديثة جعلت منها مشهدًا علميًا مذهلًا يكشف عبقرية الطبيعة في أدقّ لحظاتها.
