علماء يحدّدون موعد تفوق التكنولوجيا على البشر!
في تطور علمي أثار اهتمام الأوساط الأكاديمية والتكنولوجية حول العالم، كشف تقرير صادر عن مجموعة AIMultiple البحثية أن التفوق التكنولوجي، أي اللحظة التي تتجاوز فيها الآلات قدرات الإنسان الذهنية، قد يتحقق خلال فترة أقصر مما كان متوقعًا، وربما في غضون عقدين فقط، وسط تزايد الأدلة على التسارع المذهل في تطور الذكاء الاصطناعي.
ما هو التفرّد التكنولوجي؟
منذ نحو 300 ألف عام، احتفظ الإنسان العاقل بتفوّقه بوصفه الكائن الأكثر ذكاءً على الكوكب، غير أن التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي (AI) دفعت العديد من العلماء إلى التحذير من أن هذا التفوق البشري قد يكون في طريقه إلى الزوال.
ويُعرّف مفهوم «التفرّد التكنولوجي» بأنه المرحلة التي تتمكن فيها التكنولوجيا من تطوير ذاتها ذاتيًا بسرعة تفوق قدرة الإنسان على السيطرة عليها، ما يُمهّد لعصر جديد من الذكاء الفائق تتولى فيه الآلات قيادة مسار التطور العلمي والصناعي دون تدخل بشري مباشر.
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن مجموعة AIMultiple، استند إلى بيانات 8,590 عالمًا ورائد أعمال، فإن التقديرات المتعلقة بموعد حدوث هذا التحول تتغير بوتيرة متسارعة مع كل قفزة جديدة في قدرات الذكاء الاصطناعي. فبينما كان الخبراء في منتصف العقد الماضي يرجحون ألا تتجاوز الآلات الذكاء البشري قبل عام 2060، تشير بعض التوقعات الحالية إلى أن ذلك قد يحدث خلال بضع سنوات فقط.
ويقول جِم ديلمغاني، كبير المحللين في مجموعة AIMultiple، إن التفرّد التكنولوجي يمثل “حدثًا مفصليًا متوقعًا يؤدي إلى قفزة هائلة في ذكاء الآلات عندما تتمكن الأنظمة من الجمع بين التفكير البشري وسرعة المعالجة والذاكرة شبه الكاملة”.
وأضاف أن هذه المرحلة قد تشهد بداية ظهور وعي آلي جزئي، إلا أن غياب تعريف علمي دقيق لمفهوم الوعي يجعل من الصعب تحديد معاييره أو قياسه بشكل واضح.
وتتباين تقديرات العلماء وخبراء التكنولوجيا بشأن الموعد الذي قد يشهد فيه العالم تحقق التفرّد التكنولوجي، وهي المرحلة التي يُتوقع أن تتجاوز فيها الآلات القدرات الذهنية للبشر لتصبح قادرة على تطوير نفسها بشكل مستقل دون الحاجة إلى إشراف أو توجيه بشري مباشر.
فقد توقّع داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، في مقال بعنوان «آلات النعمة المحبة Machines of Loving Grace» أن التفرّد قد يحدث بحلول عام 2026، مشيرًا إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستكون حينها "أذكى من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل في معظم المجالات"، مع قدرتها على "امتصاص المعلومات وتنفيذ الأوامر بسرعة تفوق البشر بعشرات المرات".
مستقبل الذكاء الاصطناعي العام
أما إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي Tesla وxAI، فتوقّع في مقابلة أجراها عام 2024 أن يصل العالم إلى مستوى الذكاء الاصطناعي العام (AGI) — أي النظام القادر على التفكير واتخاذ القرار مثل الإنسان — "خلال عام أو عامين فقط".
وفي الاتجاه ذاته، كتب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI المطوّرة لتقنية ChatGPT، أن العالم قد يشهد ظهور "ذكاء فائق" خلال بضعة آلاف من الأيام، أي بين عامي 2027 و2030.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي أكثر إقناعًا من الأطباء في تقديم النصائح.. دراسة حديثة تكشف الأسباب
ويشير تقرير AIMultiple إلى أن قدرات النماذج الذكية تتضاعف كل سبعة أشهر تقريبًا، ما جعل العلماء يعيدون النظر في توقعاتهم السابقة، إذ يرى جِم ديلمغاني، كبير محللي المجموعة، أن هذا التسارع "قد يؤدي إلى انفجار معرفي مفاجئ يجعل لحظة التفرّد أقرب مما يتوقعه كثيرون".
ومع ذلك، حذّر ديلمغاني من أن بعض هذه التقديرات المتفائلة “قد تكون مدفوعة بأهداف استثمارية”، موضحًا أن الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي تسعى إلى جذب المزيد من التمويل وتعزيز ثقة المستثمرين، رغم أن معظمها لا يزال يسجل خسائر تشغيلية.
ورغم اختلاف الرؤى، أظهرت نتائج الدراسة — التي شملت آراء 8,590 خبيرًا — إجماعًا على أن التفرّد مسألة وقت لا أكثر، إذ يرى نحو 75% من العلماء أنه سيحدث خلال الثلاثين عامًا المقبلة، بعد بلوغ مرحلة الذكاء الاصطناعي العام (AGI) المتوقعة ما بين 2035 و2040.
ويؤكد الخبراء أن تحقق التفوق التكنولوجي سيُحدث تحولًا جذريًا في التاريخ البشري، إذ ستتمكن الأنظمة الذكية من تطوير نفسها دون تدخل الإنسان، ما يثير تساؤلات عميقة حول الرقابة والمسؤولية الأخلاقية في عالم تحكمه الخوارزميات.
واختتم ديلمغاني حديثه مازحًا: "إذا تحقق التفرّد العام المقبل فعلًا، فسأطبع تقريرنا وألتهمه". لكنه أوضح أن الذكاء الاصطناعي، رغم تقدمه السريع، لا يزال بعيدًا عن مستوى الوعي والإدراك البشري المعقد، محذرًا من أن التسارع الحالي قد يجعل ما كان يُتوقع حدوثه بعد نصف قرن واقعًا خلال عقد واحد فقط.
