رحلة مخطوطة ليستر.. من عبقرية دافنشي إلى رؤية بيل غيتس المستقبلية
كشف الملياردير الأميركي بيل غيتس عن مشروع تفاعلي حمل اسم Codescope، يهدف إلى إتاحة مخطوطة ليوناردو دافنشي الشهيرة، مخطوطة ليستر (Codex Leicester)، أمام الجمهور بطريقة رقمية متطورة.
المشروع يعتمد على شاشات لمس تفاعلية تُمكّن الزائرين من تصفح المخطوطة كاملة، الحصول على ترجمة فورية للنصوص الإيطالية القديمة، وحتى مشاهدة نسخ متحركة للرسومات الأصلية التي تعود إلى القرن السادس عشر.
غيتس الذي أعلن المشروع في تدوينة خاصة، وصف Codescope بأنه "أفضل شيء بعد تقليب الصفحات التي خطّ عليها هذا الرجل العظيم"، في إشارة إلى أن المخطوطة الأصلية محمية خلف الزجاج ولا يمكن لمسها مباشرة.
اقرأ أيضًا: كلب جوني ديب يعرضه لمسائلة قانونية.. ماذا حدث؟
أغلى كتاب في التاريخ بين يدي غيتس
قبل إطلاق هذا المشروع بسنوات، وتحديدًا في نوفمبر 1994، كان غيتس قد أثار جدلاً واسعًا عندما دفع 30.8 مليون دولار في مزاد أقيم بنيويورك لاقتناء مخطوطة ليستر، لتصبح بذلك أغلى كتاب يُباع في التاريخ.
تعود المخطوطة إلى الفترة ما بين عامي 1506 و1510، وتتكون من 72 صفحة مكتوبة بالخط المعكوس الذي اشتهر به دافنشي، بحيث تُقرأ من اليمين إلى اليسار.
وتتناول نصوصها موضوعات علمية سبقت عصرها، أبرزها حركة الماء والمد والجزر والدوامات والسدود، إضافة إلى العلاقة بين القمر والأرض والشمس. وتحتوي أيضًا على نحو 300 رسمة بالحبر البني، رسمها دافنشي على هوامش الدفتر، رغم صعوبة فهمها لصغر حجمها وكثافة التفاصيل فيها.
من دافنشي إلى غيتس.. رحلة عبقرية
رحلة المخطوطة عبر الزمن لا تقل إثارة عن محتواها. فبعد وفاة دافنشي عام 1519، انتقلت إلى تلميذه فرانشيسكو ميلزي، قبل أن يفرّط بها ورثته وتتنقل بين أيدي هواة وجامعي فنون في إيطاليا وإسبانيا، ثم استقرت لقرون لدى عائلة ليستر الإنجليزية، ومنها أخذت اسمها الحالي.
اقرأ أيضًا: هل سيكون منزل جوني كارسون هو الأغلى في تاريخ ماليبو؟
وفي عام 1980، اشتراها رجل الأعمال الأميركي أرماند هامر مقابل 5.1 مليون دولار، فأطلق عليها اسم "مخطوطة هامر". وبعد وفاته، عُرضت مجددًا للبيع لينتهي بها المطاف بين يدي غيتس في منتصف التسعينيات. ومنذ ذلك الحين، أعيرت لعدد من المتاحف العالمية ضمن معارض عامة.
غيتس يرى في دافنشي مصدر إلهام دائم، إذ قال في مقابلة تلفزيونية عام 2013: "إنه لمصدر إلهام أن شخصًا واحدًا، يعمل بمفرده، جعل المعرفة غايته العظمى".
ويشارك غيتس دافنشي شغفًا لا يُشبع بالمعرفة والاستكشاف، وهو ما انعكس في توقعاته المستقبلية عام 1999، حين تحدث عن انتشار الأجهزة المحمولة الذكية وقدرتها على ربط البشر بالعالم في أي مكان، وهي رؤية تحققت لاحقًا بدقة مذهلة.
وهكذا، يجسد مشروع Codescope التقاء عبقرية الماضي مع طموح الحاضر، ليؤكد أن المعرفة تظل الجسر الأقوى بين العصور.
