"بانكسي" يعود للواجهة: جدارية تثير جدل الحريات في مهد العدالة البريطانية
أوضحت شرطة العاصمة البريطانية أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في عمل فني جديد للفنان الشهير "بانكسي Banksy"، بعد أن تم رش جدارية على جدار خارجي لمبنى "المحكمة الملكية للعدل Royal Courts of Justice" في لندن، المصنف من الدرجة الأولى ضمن المباني التاريخية.
الجدارية، التي تُظهر قاضيًا يضرب متظاهرًا بمطرقة القضاء، أُنجزت يوم الاثنين على جدار مبنى "كوينز بيلدينغ Queen’s Building"، قبل أن تُغطى بسرعة بألواح بلاستيكية سوداء وحواجز معدنية.
وأكدت شرطة العاصمة، المعروفة باسم Metropolitan Police، أنها تلقت بلاغًا عن "إتلاف جنائي" للمبنى، وأن التحقيقات لا تزال جارية.
ويُعد هذا التطور من أبرز الأحداث التي قد تُسهم في كشف هوية "بانكسي"، الذي حافظ على سرية شخصيته لأكثر من ثلاثة عقود، إذ سيكون ملزمًا بالكشف عن اسمه في حال مثوله أمام القضاء.
حرية التعبير في بريطانيا
نشر بانكسي صورة للجدارية على حسابه الرسمي في منصة إنستغرام، مرفقًا إياها بتعليق مقتضب: "Royal Courts Of Justice. London".
وتُظهر الصورة متظاهرًا ملقى على الأرض يحمل لافتة ملطخة بالدماء، بينما يقف القاضي مرتديًا الباروكة والرداء الرسمي، في مشهد رمزي يُعتقد أنه يُشير إلى حملة الاعتقالات الأخيرة بحق المتظاهرين.
وقد جاءت الجدارية بعد مظاهرة حاشدة نُظمت السبت الماضي في ساحة البرلمان Parliament Square وسط لندن، دعمًا لجماعة "Palestine Action"، حيث تم اعتقال نحو 890 شخصًا، في ما وصفته وسائل الإعلام بأنه أكبر عملية اعتقال جماعي في تاريخ بريطانيا.
وأدانت شرطة سكوتلانديارد Scotland Yard ما وصفته بـ"الإساءة غير المقبولة" التي تعرض لها عناصرها خلال المظاهرة، التي شارك فيها نحو 1500 شخص.
ومن جهتها، أشادت حملة "دافعوا عن هيئة المحلفين Defend Our Juries" بالجدارية، معتبرة أنها "تصوير قوي للوحشية التي أطلقتها وزيرة الداخلية السابقة إيفيت كوبر (Yvette Cooper)، عبر تصنيف جماعة Palestine Action كمنظمة إرهابية".
وأضافت الحملة: "عندما يُستخدم القانون كأداة لقمع الحريات المدنية، فإنه لا يُسكت المعارضة، بل يُقوّيها".
اقرأ أيضًا: بعد بيعها في مزاد علني.. لوحة بانكسي تحقق رقمًا قياسيًا جديدًا (صور)
أعمال "بانكسي" المثيرة للجدل
أعلنت "هيئة المحاكم والهيئات القضائية HM Courts and Tribunals Service - HMCTS"، أن الجدارية ستُزال من المبنى، مؤكدة أن المحكمة الملكية للعدل تُعد مبنى تاريخيًا، ويجب الحفاظ على طابعه الأصلي.
ويُعد إتلاف الممتلكات المصنفة من الدرجة الأولى جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات إذا تجاوزت قيمة الضرر 5,000 جنيه إسترليني، أو ثلاثة أشهر وغرامة تصل إلى 2,500 جنيه إذا كانت أقل من ذلك.
وتُضاف هذه الجدارية إلى سلسلة أعمال "بانكسي" المثيرة للجدل، والتي شملت في مايو الماضي عملًا فنيًا مخفيًا في مدينة "مرسيليا" الفرنسية، حمل عبارة "I want you to be what you saw in me"، إلى جانب رسم ظلي على الرصيف يُظهر منارة وهمية.
كما سبق له أن نفذ تسع جداريات في لندن العام الماضي، جميعها مستوحاة من عالم الحيوانات، وانتهت بجدارية تُظهر غوريلا تفتح بوابة حديقة الحيوانات لتحرير أسد البحر والطيور.
ومن أبرز لحظات بانكسي الفنية، قيامه عام 2003 بالتنكر في هيئة متقاعد وتعليق عمل فني داخل متحف "Tate Britain" في لندن، إضافة إلى حادثة تمزيق لوحته الشهيرة "Girl With Balloon" داخل قاعة مزادات "Sotheby’s" عام 2018، والتي أعيد تسميتها لاحقًا إلى "Love Is In The Bin"، وبيعت عام 2021 مقابل 18.6 مليون جنيه إسترليني، في أعلى سعر يُسجل لعمل من أعماله.
ورغم أن صحيفة "The Mail on Sunday" أجرت تحقيقًا عام 2008 وسمّت الفنان باسم "روبن غانينغهام" (Robin Gunningham)، إلا أن هوية بانكسي لا تزال غير مؤكدة حتى اليوم، ما يُبقي الغموض قائمًا حول الشخصية التي تقف خلف أشهر أعمال الفن الجرافيتي في العالم.
