دراسة حديثة: أزمة منتصف العمر تتراجع أمام تدهور صحة الشباب
أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة دارتموث الأمريكية أن ما يُعرف تقليديًا بـ أزمة منتصف العمر أو "منحنى التعاسة" لم يعد موجودًا بالصيغة التي وثقتها الدراسات السابقة.
هذه المرحلة كانت مرتبطة بزيادة القلق والتوتر والاكتئاب في سن يقارب 47 عامًا، قبل أن تتحسن مستويات السعادة مجددًا في أواخر العمر.
اقرأ أيضاً دراسة: الاكتئاب في منتصف العمر قد يمهد الطريق للإصابة بالخرف
الدراسة الجديدة، المنشورة في دورية PLOS One، اعتمدت على بيانات أكثر من 10 ملايين شخص و40 ألف أسرة ، وأكدت أن هذه "القفزة في التعاسة" لم تعد سمة مميزة للمنتصف العمري، بل انتقلت المشكلة إلى فئة الشباب.
تدهور الصحة النفسية لدى الشباب
أوضحت نتائج الدراسة أن الشباب اليوم هم الأكثر عرضة للتدهور النفسي مقارنة بمن هم في منتصف العمر. وأكد الباحثون أن معدلات الاكتئاب والقلق بين الشباب ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين، حتى صارت الصحة النفسية تتحسن تدريجيًا مع التقدم في العمر.
ويرى العلماء أن هذا التحول يمثل "أزمة جيل" تستدعي الاهتمام العاجل، بعدما كانت الأبحاث السابقة على مدى عقود تؤكد أن منتصف العمر هو ذروة التعاسة.
الأسباب متعددة، أبرزها أثر الركود الاقتصادي الكبير عام 2008 وما تبعه من تراجع في الأجور وتقلص فرص العمل للشباب، إضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد-19 التي فاقمت الضغوط النفسية.
كما أشار الباحثون إلى دور الهواتف الذكية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تخلق مقارنات مستمرة بين حياة الأفراد وصور أقرانهم، ما يعزز مشاعر الاستياء وعدم الرضا.
تحولات اقتصادية وتكنولوجية وراء اختفاء أزمة منتصف العمر
تذهب الدراسة إلى أن هذه النقلة في "منحنى التعاسة" تعكس تحولات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية عميقة. فمنذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، عانى الداخلون الجدد إلى سوق العمل من ركود في الأجور وتأخر فرص الاستقرار الاقتصادي، ما أدى إلى إحباط طويل الأمد.
اقرأ أيضاً كيف نتعامل مع أزمة منتصف العمر؟
ثم جاءت جائحة كورونا لتعزز هذا الاتجاه السلبي، عبر القيود الاجتماعية وتراجع فرص التعليم والعمل. أما السبب الثالث فيتعلق بتأثير الهواتف الذكية التي باتت وسيلة دائمة لعرض حياة الآخرين عبر شبكات التواصل، ما ساهم في ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب بين الشباب.
ويرى الباحثون أن هذه المعطيات تستدعي سياسات جديدة للتعامل مع أزمة الصحة النفسية، ليس فقط عند منتصف العمر كما كان معتادًا، بل لدى الأجيال الأصغر سنًا. ويؤكدون أن السؤال الأهم اليوم لم يعد: "كيف نتجاوز أزمة منتصف العمر؟" بل "كيف ننقذ الصحة النفسية للشباب من التدهور المستمر؟".
