من جدة إلى «ليغ 1».. كيف أصبح سعود عبد الحميد أول سعودي يقتحم ملاعب فرنسا على مر التاريخ؟
عشر دقائق فقط كانت كافية ليكتب سعود عبد الحميد صفحة ذهبية في تاريخ الكرة السعودية. من جدة إلى الهلال، ومن روما إلى لانس، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، لكنه كان مليئًا بالأحلام التي تحولت إلى حقيقة عندما أصبح الظهير السعودي أول لاعب في تاريخ المملكة العربية السعودية يشارك في الدوري الفرنسي (ليغ 1)، واحد من أبرز الدوريات الأوروبية وأكثرها تنافسية.
وعلى أرض بولار دولولي، وأمام أعين آلاف الجماهير، دخل سعود المستطيل الأخضر ليحفر اسمه بحروف من نور، ويمنح الكرة السعودية هوية جديدة في واحدة من أعرق البطولات الأوروبية.
بطاقة تعريف سعود عبد الحميد:
_ الاسم: سعود عبد الحميد.
_ تاريخ الميلاد: 18 يوليو 1999 (26 عامًا).
_ مكان الميلاد: جدة، المملكة العربية السعودية.
_ الطول: 1.75 م.
_ الجنسية: سعودي.
_ المركز: ظهير أيمن (مدافع أيمن).
_ القدم المفضلة: اليمنى.
_ النادي الحالي: لانس الفرنسي (إعارة من روما الإيطالي حتى نهاية موسم 2026/2025 مع خيار الشراء).
_ القميص: رقم 23.
من جدة إلى الهلال.. بداية الحلم
نشأ سعود عبد الحميد في مدينة جدة، حيث بدأ خطواته الأولى مع كرة القدم في الفئات السنية لنادي الاتحاد، وسرعان ما برز اسمه كأحد أبرز المواهب الدفاعية في المملكة العربية السعودية، بفضل سرعته وقدرته على قراءة الملعب ومساندة خط الهجوم.
وفي عام 2018، صعد إلى الفريق الأول للاتحاد، ليبدأ رحلته في دوري المحترفين السعودي.
اقرأ أيضًا: برونو فيرنانديز يرفض عرض الهلال السعودي الضخم
وقدّم سعود مستويات مميزة لفتت أنظار النقاد والجماهير، حتى بات مطلبًا للمنتخب الوطني، قبل أن ينتقل في خطوة بارزة إلى نادي الهلال السعودي في عام 2022، ليخوض مع الزعيم تجارب محلية وقارية أكسبته خبرة ثمينة، خصوصًا في دوري أبطال آسيا وكأس العالم للأندية.
بوابة روما.. محطة سعود الأوروبية الأولى
في صيف العام 2024، طرق سعود أبواب أوروبا من أوسعها عبر صفقة انتقال إلى نادي روما الإيطالي. ارتدى قميص الذئاب وشارك في موسم 2025/2024 في ثماني مباريات رسمية، موزعة بين الدوري الإيطالي والدوري الأوروبي، بمعدل 380 دقيقة لعب.
وخلال هذه التجربة، حقق إنجازًا غير مسبوق كأول لاعب سعودي يصنع هدفًا في الدوري الإيطالي (سيريا أ)، ثم أضاف بصمته بتسجيل هدف في الدوري الأوروبي، وهو ما جعل الإعلام الرياضي العربي يتحدث عنه كأحد رواد الكرة السعودية في القارة العجوز.
وأنهى روما الموسم خامسًا في ترتيب الكالتشيو برصيد 69 نقطة، ليضمن تأهله إلى الدوري الأوروبي 2026/2025، فيما كان اسم سعود حاضرًا كأول سعودي يتذوق منافسات هذا المستوى العالي في إيطاليا.
اقرأ أيضًا: رونالدو يحوّل النصر إلى ظاهرة عالمية على "إنستغرام"
إعارة سعود إلى لانس.. خطوة نحو فرنسا
في الثالث من أغسطس 2025، أعلن نادي لانس الفرنسي تعاقده مع سعود عبد الحميد على سبيل الإعارة من روما حتى نهاية الموسم 2026/2025، مع خيار الشراء.
ولم يكن الانتقال إلى فرنسا مجرد خطوة عابرة، بل كان خطوة استراتيجية، إذ يسعى لانس لتدعيم جبهته اليمنى بخيار دفاعي قادر على الجمع بين المهارة والالتزام التكتيكي. فيما رأى سعود أن التجربة الفرنسية قد تكون نقطة انطلاق جديدة تمنحه المزيد من الاحتكاك الأوروبي الذي يعزز من خبراته.
85' (0-1)
🔄 Troisième changement pour le Racing. Saud Abdulhamid fait souffler Ruben Aguilar.#RCLOL pic.twitter.com/i1WqkObXFP— Racing Club de Lens (@RCLens) August 16, 2025
سعود والمشاركة التاريخية الأولى ضد ليون
وجاءت اللحظة المنتظرة مساء السبت، ضمن الجولة الأولى من الدوري الفرنسي لموسم 2026/2025، عندما التقى لانس بضيفه أولمبيك ليون على ملعب بولار دولولي. وفي الدقيقة 86، قرر المدرب بيير ساج الدفع بالظهير السعودي بديلاً لروبن أغيلار.
دخل سعود عبد الحميد أرضية الملعب وسط تصفيق الجماهير، في وقت كان فريقه متأخرًا بهدف سجله جيورجيس ميكوتادزي في الدقيقة (45+1). وعلى الرغم من أن الدقائق المتبقية لم تتجاوز العشر، فإنها كانت كافية لتكتب التاريخ: سعود عبد الحميد أول سعودي في تاريخ الدوري الفرنسي.
ملخص سعود عبدالحميد في اول ظهور رسمي في الدوري الفرنسي مع لانس ضد ليون pic.twitter.com/pnX2zE2zdh
— عالم سعود عبدالحميد (@SaudWorld1) August 16, 2025
الأرقام والإحصاءات في أول ظهور
رغم قصر الوقت، إلا أن مشاركة سعود عبد الحميد جاءت واعدة:
_ نفذ 4 تمريرات صحيحة من أصل 4 بدقة بلغت 100%.
_ نجح في مراوغة واحدة من محاولتين.
_ أظهر جاهزية بدنية واضحة ورغبة في الاندماج سريعًا مع أسلوب اللعب الفرنسي.
وهذه الأرقام، وإن كانت بسيطة، إلا أنها منحت الانطباع بأن اللاعب قادر على المنافسة وحجز مكان في التشكيلة الأساسية مستقبلاً.
قيمة رمزية للكرة السعودية
وما يميز إنجاز سعود عبد الحميد ليس فقط أنه لعب في الدوري الفرنسي، بل أنه فتح الباب لجيل جديد من اللاعبين السعوديين للحلم بخوض تجارب أوروبية.
فالكرة السعودية، التي اعتادت على الاعتماد على نجوم أجانب في دوريها المحلي، باتت اليوم تُصدر لاعبًا يخوض منافسات كبرى الدوريات الأوروبية، وهذا التحول يضيف بعدًا جديدًا لصورة اللاعب السعودي، ويضع الاتحاد السعودي لكرة القدم أمام فرصة تاريخية لتطوير برامج الابتعاث الكروي.
سعود بين الدوري الإيطالي والفرنسي.. مسيرة ريادة
أن يكون اللاعب السعودي الأول الذي يصنع هدفًا في الدوري الإيطالي ثم يعود ليكون الأول أيضًا في الدوري الفرنسي، فهذا يعني أن سعود عبد الحميد لم يعد مجرد اسم محلي، بل رمز رياضي عابر للحدود.
وهذه التجارب المتنوعة بين إيطاليا وفرنسا تمنحه ميزة نادرة، إذ يجمع بين أسلوب المدرسة الإيطالية القائمة على الانضباط الدفاعي، والمدرسة الفرنسية المعروفة بالسرعة والقوة البدنية، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على مستواه في المستقبل، سواء مع الأندية أو المنتخب السعودي.
اقرأ أيضًا: كريم بنزيما يؤدي مناسك العمرة قبل انطلاق دوري روشن وتحضيرات الاتحاد للسوبر
مستقبل مع لانس.. وطموح أبعد
وتتضمن صفقة الإعارة إلى لانس خيار شراء، ما يفتح الباب أمام استمرار سعود في الملاعب الفرنسية إذا نجح في إثبات نفسه.
وكان الجهاز الفني للفريق قد أبدى ارتياحه لمستواه البدني والتكتيكي، ومن المتوقع أن يحصل على فرص أكبر في الجولات المقبلة. وإذا نجح في حجز مكان أساسي، فإننا قد نشهد تجربة طويلة المدى قد تغير مساره الكروي.
انعكاس على الكرة السعودية
ولا تُعد مشاركة سعود في "ليغ 1" مجرد خبر عابر، بل هي إنجاز يعكس حجم التطور الذي تعيشه الكرة السعودية في السنوات الأخيرة، سواء من حيث الاستثمارات الضخمة في الدوري المحلي، أو عبر تشجيع اللاعبين على خوض تجارب احترافية خارجية.
وبينما كان الحضور العربي في فرنسا مقصورًا على أسماء من الجزائر والمغرب وتونس، جاء سعود ليضيف المملكة العربية السعودية إلى القائمة، لتصبح ضمن الدول التي مثلها لاعب واحد على الأقل في هذه البطولة الكبرى، مثل العراق وليبيا والأردن وإيران.
سعود عبد الحميد معشوق جماهير لانس الجديد 💛🇸🇦 pic.twitter.com/etgchzk77V
— الدوري الفرنسي (@Ligue1_Arab) August 16, 2025
خطوة تاريخية تحمل آمال المستقبل
بهذه الدقائق العشر أمام أولمبيك ليون، دخل سعود عبد الحميد تاريخ الكرة السعودية من بابه العريض، ليصبح أول من يدون اسمه في سجلات الدوري الفرنسي، في لحظة رمزية كبرى تحمل في طياتها الكثير من الرسائل: أن الكرة السعودية باتت جاهزة للتصدير، وأن المواهب المحلية قادرة على مقارعة نجوم أوروبا، وأن الطريق إلى العالمية يمر عبر تجارب شجاعة كتجربة سعود.
وبينما يستعد الظهير السعودي لمواصلة مشواره مع لانس في قادم الجولات، يبقى الأمل معقودًا على أن يكون ظهوره في "ليغ 1" مجرد بداية لمسيرة أوسع، تفتح الطريق أمام لاعبين سعوديين آخرين ليحملوا الحلم إلى أبعد مدى.
