هل كانت تايتانيك "غير قابلة للغرق" فعلًا؟ وثيقة عمرها قرن تعيد كتابة القصة
لأكثر من قرن من الزمان، ارتبط اسم السفينة البريطانية آر إم إس تايتانيك RMS Titanic بأسطورة السفينة "غير القابلة للغرق"، وهي العبارة التي تكررت على ألسنة المؤرخين وصُنّاع الأفلام وحتى الصحف الكبرى بعد المأساة البحرية التي وقعت في 15 أبريل 1912.
ورغم ذلك السؤال ظل قائمًا: هل وُصفت السفينة بهذا اللقب قبل أن تبحر من ساوثهامبتون في رحلتها الأولى؟
تفاصيل جديدة عن غرق تايتانيك
الإجابة جاءت مؤخرًا من وثيقة تاريخية تعود إلى عام 1911، أي قبل عام من غرق السفينة، حيث ورد فيها أن هاتين السفينتين الرائعتين – في إشارة إلى تايتانيك وشقيقتها الأولمبيك – صُممتا لتكونا "غير قابلتين للغرق".
,هذا التصريح، الذي نُشر في مجلة ذا شيب بيلدر The Shipbuilder المتخصصة، يناقض بشكل مباشر ما يُتداول في العديد من المصادر الحديثة، التي تزعم أن وصف غير قابلة للغرق لم يُطلق رسميًا على تايتانيك إلا بعد غرقها. ويقول المؤرخ البحري جوشوا ألين ميلفورد إن هذا الاعتقاد الخاطئ بدأ في الانحسار مع ظهور الوثائق التي تعكس رؤية تلك الحقبة.
ويضيف: "عندما اصطدمت شقيقتها الأولمبيك بسفينة HMS Hawke في سبتمبر 1911 ونجت، ترسخت في أذهان الناس فكرة أن تايتانيك أيضًا غير قابلة للغرق، وهو ما زاد من الترقب والحماس قبل انطلاقها".
ووفقًا لميلفورد، لم يكن الاعتقاد مقتصرًا على الجمهور أو الصحافة، بل إن شركة هارلاند آند وولف Harland & Wolff، المصنّعة للسفينة، كانت تُفاخر بتصاميمها وتصف السفينتين بأنهما عمليًا غير قابلتين للغرق.
كما دعّم هذا المفهوم تصميم تايتانيك الذي تضمّن نظام مقصورات مانعة لتسرب المياه وأبوابًا إلكترونية تُغلق تلقائيًا – ميزات قادت الصحافة في ذلك الوقت، مثل "الأخبار الإيرلندية وصحيفة بلفاست"، إلى وصف السفينة بأنها شبه غير قابلة للغرق.
حتى القبطان إدوارد سميث نفسه – الذي لقي حتفه في الحادث – سبق أن قال عام 1907: "لا يمكنني أن أتخيل أي ظرف قد يؤدي إلى غرق سفينة حديثة... لقد تجاوزت صناعة السفن ذلك العصر".
بيع آخر رسالة من السفينة تايتانيك بمبلغ 119 ألف جنيه استرليني
لكن ما حدث بعد اصطدام تايتانيك بجبل جليدي في شمال الأطلسي في 14 أبريل 1912، ووفاة أكثر من 1500 شخص، قلب هذه الثقة إلى أسطورة مأساوية خالدة، تغذت عليها الثقافة الشعبية لعقود.
اليوم، وبعد أكثر من 110 أعوام، تُعيد هذه الوثيقة التاريخية تصحيح الرواية. فهي تثبت أن الإيمان بقدرة تايتانيك على مقاومة الغرق لم يكن مجرد خرافة وُلدت بعد الكارثة، بل اعتقاد راسخ سابق لها، ساهم في تضخيم المأساة عندما تحولت الأسطورة إلى مأتم عائم.
