أغلى مكان للموت في العالم.. ضريبة جديدة تهز عرش لندن المالي
في تحول وصفه مراقبون بـ الدراماتيكي، تواجه حكومة حزب العمال البريطاني موجة نزوح غير مسبوقة من أصحاب الثروات، على خلفية إلغاء الامتيازات الضريبية المعروفة باسم non-dom، وما ترتب عليه من فرض ضرائب على الثروات العالمية والميراث.
أغلى مكان للموت السريع
كانت لندن لعقود من الزمن وجهة مفضلة للأثرياء، خصوصًا الروس، بفضل مرونتها الضريبية، لكن تغييرات العامين الأخيرين قلبت الصورة. فقد غادر أكثر من 10,800 مليونير المملكة المتحدة خلال عام 2024، مع توقّعات بارتفاع العدد إلى 16,500 خلال 2025، وفق شبكة CNBC.
الشرارة انطلقت بإلغاء الحكومة البريطانية وضع غير المقيم ضريبيًا، الذي كان يتيح للأثرياء تجنّب دفع ضرائب على أصولهم الخارجية.
وزاد الضغط مع قرار المستشارة المالية رايتشل ريفز بإلغاء الإعفاءات على الصناديق الخارجية، ما يجعل ثروات هؤلاء عرضة لضريبة الميراث بنسبة 40%.
ومن بين أبرز من غادروا: ناصف ساويرس، وريتشارد جنود نائب رئيس جولدمان ساكس، وقطب الشحن جون فريدريكسن، بينما يُقال إن لاكشمي ميتال يدرس خيار المغادرة.
التداعيات لا تقتصر على الضرائب المفقودة، بل تمتد إلى قطاعات العقارات الفاخرة، والخدمات القانونية، والضيافة، وحتى المؤسسات الثقافية التي تعتمد على تبرعات الأثرياء.
ورغم أن الحكومة كانت تأمل بتحصيل 2.7 مليار جنيه إسترليني سنويًا، فإن دراسات من Oxford Economics تُحذر من خسائر صافية قد تفوق تلك العائدات.
وتعود جذور الوضع الضريبي الذي أُلغي إلى عام 1799، وكان يسمح للمقيمين غير الدائمين بدفع ضرائب فقط على دخلهم داخل بريطانيا.
وهذه الميزة تمتّع بها نحو 74 ألف شخص في 2022-2023، من بينهم أكشاتا مورتي زوجة رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك.
لكن مع فوز حزب العمال في انتخابات يوليو 2024، تمضي وزيرة المالية الجديدة في فرض ضرائب على الثروات العالمية، وتحويل المملكة المتحدة – حسب تعبير البعض – إلى أغلى مكان للموت في العالم.
تراجع في مبيعات العقارات
وتظهر بيانات شركة لونريس أن مبيعات منازل الأثرياء في لندن انخفضت بنسبة 36% في مايو 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024.
كما أظهرت سجلات الشركات مغادرة أكثر من 4,400 مدير خلال العام الماضي، وسط توقعات بخروج أكثر من 30% من غير المقيمين خلال عامين.
لندن تتراجع في قائمة المدن المفضلة للمليونيرات بعد خسارة 11,000 مليونير
ورغم شعبية خطاب "العدالة الضريبية"، إلا أن الضغوط تتصاعد لإعادة النظر في السياسات الأخيرة، خاصة مع قرب بدء العام الدراسي، ما يدفع الكثيرين للتسريع في قرارات المغادرة.
لكن التحدي الأكبر، وفق مراقبين، يكمن في كيفية التراجع من دون الإقرار بالفشل، خصوصًا مع المخاوف من أن تتحول تلك السياسات إلى كارثة اقتصادية صامتة تهز أسس الجاذبية الاستثمارية في المملكة المتحدة.
