هل تسعى للكمال في الحب؟ دراسة تكشف مفاجأة
في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة Cyberpsychology, Behavior, and Social Networking، سلّط باحثون الضوء على أحد أشكال الوسواس القهري المرتبط بالعلاقات العاطفية، الذي يُعرف علميًا باسم اضطراب الوسواس العاطفي (ROCD). وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة وثيقة بين هذا النوع من الاضطراب وبين كل من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، وأسلوب التفكير القائم على السعي للكمال في اتخاذ القرارات، المعروف باسم maximization style.
ما هو اضطراب الوسواس العاطفي (ROCD)؟
يتميّز هذا الاضطراب بأفكار متكررة وملحّة تُشكك في العلاقة أو في صفات الشريك، مثل:
هل أحب شريكي حقًا؟
هل هو ذكي أو جذاب بما يكفي؟
هل يستحق أن أستمر معه؟
هذه الأفكار لا تكون مؤقتة أو ناتجة عن خلاف عابر، بل تتكرر بشكل قهري وتؤثر على جودة العلاقة والرضا العاطفي.
شملت الدراسة 211 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 19 و67 عامًا (بمتوسط عمر 30 عامًا)، جميعهم في علاقات عاطفية مستقرّة. طُلب منهم تعبئة استبيانات تقيس:
جودة علاقتهم (درجة التقارب، وجود صراعات، شعور بالأمان)
سلوكياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي (خاصة الإدمان السلوكي)
أسلوبهم في اتخاذ القرارات (هل يسعون دومًا لـ "الخيار الأفضل"؟)
كما تم استخدام مقاييس نفسية متخصصة لتقييم أعراض اضطراب الوسواس العاطفي بنوعيه:
الوسواس المتعلّق بالعلاقة نفسها
الوسواس المتعلّق بصفات الشريك
أبرز النتائج: كلما زاد الشك، قلّ الارتباط
توصل الباحثون إلى أن ضعف جودة العلاقة –مثل انخفاض الشعور بالتقارب العاطفي أو كثرة الخلافات– ارتبط بزيادة الأعراض الوسواسية، سواء كانت موجهة نحو العلاقة أو نحو الشريك نفسه.
كما أن الأشخاص الذين يدمنون استخدام منصات مثل إنستغرام وفيسبوك كانوا أكثر عرضة للتشكيك في علاقتهم، بفعل المقارنات المستمرة مع الصور المثالية للعلاقات التي يرونها يوميًا على الإنترنت.
اقرأ أيضًا: لماذا تنهار العلاقات فجأة؟ دراسة تكشف المرحلة "النهائية"
التفكير الكمالي.. عدو الاستقرار العاطفي
أكدت الدراسة أيضًا أن أسلوب السعي الدائم لاختيار "الأفضل" في كل قرار يُعد عاملًا محفزًا قويًا لأعراض ROCD، إذ يُغذي القلق ويُعمّق الشكوك. حتى في العلاقات الجيدة، يمكن لهذا النمط العقلي أن يقنع الفرد بأن هناك "أفضل مما لديه"، مما يُضعف الارتباط ويؤدي إلى عدم الرضا العاطفي.
أوصى الباحثون بأن تُستخدم نتائج هذه الدراسة في الجلسات العلاجية للمصابين بأفكار وسواسية في علاقاتهم، مع التركيز على:
تعليمهم تقبّل عدم اليقين
ضبط استخدامهم لوسائل التواصل
تعديل أنماط التفكير الكمالي تجاه العلاقات والشركاء.
