مدينة مفقودة في أعماق المحيط.. هل نكتشف سر الحياة؟ (فيديو)
في اكتشاف يُعيد تشكيل فهم العلماء لنشأة الحياة على الأرض، عثر باحثون في أعماق المحيط الأطلسي على حقل حراري مائي يُعرف باسم "المدينة الضائعة" (Lost City)، وهو أقدم نظام من نوعه تحت سطح البحر.
يقع هذا الموقع الفريد على عمق يتجاوز 2,300 قدم، على منحدرات جبل بحري ضمن سلسلة جبال الأطلسي الوسطى، التي تمثل حدًّا بين الصفائح التكتونية ومركزًا للنشاط الجيولوجي.
يُقدّر عمر هذا الحقل الحراري بأكثر من 120,000 عام، مما يجعله الأطول عمرًا بين جميع الفتحات الحرارية المكتشفة.
وقد نجح العلماء مؤخرًا في استخراج عينة نادرة من صخور الوشاح العميق التي تغذّي النظام، ما يفتح الباب لفهم أعمق للتفاعلات الكيميائية التي تنتج هيدروكربونات في غياب الضوء أو الأوكسجين.
بيئة لا تشبه أي شيء على الأرض
تتميّز المدينة الضائعة بأبراج كربونات شاهقة، يصل ارتفاع بعضها إلى 200 قدم، تشكّلت عبر عملية تُعرف باسم "السربنتينية"، حيث تتفاعل مياه البحر مع صخور الوشاح لتُطلق غازي الميثان والهيدروجين.
داخل هذه الأبراج، تصل حرارة السوائل إلى 194 درجة فهرنهايت، ما يسمح بحدوث تفاعلات كيميائية تُنتج مركّبات عضوية تُعتبر اللبنات الأساسية للحياة.
الميكروبات هنا تعيش في الظلام التام ومن دون أوكسجين، معتمدة على هذه الغازات كمصدر وحيد للطاقة، بينما تتمسّك بعض الكائنات النادرة مثل الروبيان والقواقع وقنافذ البحر والثعابين بجدران الأبراج. ومع غياب ضوء الشمس ونُدرة الغذاء، نادرًا ما توجد كائنات كبيرة في هذا النظام.
اقرأ أيضًا: زوار أم مخربون؟ موجة انتهاكات جديدة تهز معالم الفن الإيطالي
كنز بيولوجي مهدد بخطر التعدين
يقع الموقع على بعد نحو تسعة أميال غرب محور الأطلسي، جنوب جزر الأزور، وقد ظل معزولًا عن أي نشاط بشري لآلاف السنين.
في عام 2017، منحت الهيئة الدولية لقاع البحار ترخيصًا للحكومة البولندية لاستكشاف منطقة تشمل الأراضي المحيطة بالمدينة الضائعة.
وعلى الرغم من أن الموقع لا يحتوي على معادن ثمينة، فإن الحقول المجاورة قد تُستخدم في استخراج الكبريتيدات متعددة المعادن، ما يثير مخاوف بيئية جدّية.
عمليات التعدين قد تطلق رواسب سامة تضر بالنظام البيئي المحيط، حتى من دون المساس بالموقع مباشرة.
وقد أُدرجت المدينة الضائعة كموقع بحري ذي أهمية بيئية أو بيولوجية (EBSA)، وتخضع حاليًا لمراجعة من اليونسكو للحصول على صفة التراث العالمي، وهي خطوة يرى العلماء أنها ملحّة لحماية أحد أندر الأنظمة البيئية على كوكب الأرض، والذي قد يحمل مفاتيح نشأة الحياة ذاتها، وربما يشير إلى وجودها على أقمار مثل أوروبا وإنسيلادوس.
