دليلك لزيارة أبرز معالم المدينة المنورة في موسم الحج 1446 هـ
تحتضن المدينة المنورة، تلك الجوهرة الإسلامية المشعة، قلوب الملايين من الحجاج والزوار خلال موسم الحج، حيث تتزين بأنوار الإيمان وتستقبل ضيوفها بحفاوة لا تُضاهى، كعهدها الدائم إذ تمثل الملتقى للقلوب المؤمنة.
وفي هذا الموسم المبارك، تتألق المدينة بأجوائها الفريدة، حيث يمتزج عبق التاريخ الإسلامي مع نبض الحاضر، وتتجلى فيها معالم الإيمان من المسجد النبوي الشريف إلى جبل أحد وبئر غرس ومسجد قباء، وغيرها من المعالم الإسلامية والدينية الفريدة.
منصة الرجل تصحبك اليوم في رحلة إيمانية عبر المدينة المنورة، نستعرض فيها آداب زيارة المسجد النبوي وفضل الروضة الشريفة، وأبرز المعالم وخيارات الإقامة، لرسم صورة متكاملة للمدينة المباركة خلال موسم الحج 1446هـ.
زيارة المسجد النبوي: آداب وأحكام
زيارة المسجد النبوي واحدة من أعظم الأمنيات التي تراود قلب كل مسلم، حيث المكان الذي شهد خطوات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، والذي يحرص الحجاج والمعتمرون على زيارته، مستلهمين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى".
وعلى الرغم من أن زيارة المسجد النبوي ليست جزءًا من مناسك الحج ولا تتطلب إحرامًا، فإنها سنة مؤكدة تتيح للزائر الصلاة في مكان تعادل الصلاة فيه ألف صلاة في غيره من المساجد، باستثناء المسجد الحرام.
وعند وصول الزائر إلى المسجد النبوي، يبدأ رحلته الروحانية بخطوة مباركة، حيث يقدم رجله اليمنى عند دخول المسجد، مرددًا دعاء الدخول: "أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك".
وبعدها يُبادر بصلاة ركعتَي تحية المسجد، ويُفضل أن تكون في الروضة الشريفة إن أمكن، أو في أي مكان آخر داخل المسجد، وبعدها يتوجه الزائر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيقف بأدب وخشوع، ويسلم عليه بصوت منخفض قائلاً: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته".
وفي الخطوة التالية، ينتقل إلى قبري أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيُسلم عليهما ويدعو لهما بالرحمة والمغفرة.
ومن الضروري على الزائر تجنب بعض الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها بعض الزوار، مثل التمسح بشباك الحجرة النبوية أو استقبال القبر في أثناء الدعاء، إذ يُعد ذلك من البدع التي لم يفعلها الصحابة، والصواب هو استقبال القبلة عند الدعاء، وذلك وفقًا لما نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس".
كما يُستحب للزائر زيارة مقبرة البقيع، حيث يرقد العديد من الصحابة، بما في ذلك الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقبور شهداء أحد، ومنهم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب.
وعند زيارة هذه القبور، يُسن أن يقول الزائر: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية"، ولا تكتمل زيارة المدينة دون التوجه إلى مسجد قباء، أول مسجد بني في الإسلام، للصلاة فيه اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الروضة الشريفة: فضلها وكيفية زيارتها
في قلب المسجد النبوي تتألق الروضة الشريفة، كواحدة من أعظم الأماكن المقدسة التي يشتاق إليها الزوار، وهي تلك البقعة المباركة التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
وتمتد الروضة بين بيت السيدة عائشة رضي الله عنها والمنبر الشريف، بمساحة تقارب 330 مترًا مربعًا، بطول 22 مترًا وعرض 15 مترًا، وتحدها القبلة من الجنوب والخط الموازي لبيت السيدة عائشة من الشمال، وهذه البقعة ليست مجرد مكان، بل رمز للنقاء والبركة، حيث تتجلى فيها السكينة وتتفتح فيها القلوب للعبادة.
والصلاة في الروضة الشريفة لها فضل عظيم، خاصة في صلاة النوافل، إذ يحرص الزوار على اغتنام هذه الفرصة لأداء الصلاة في مكان يُعد من أفضل بقاع المسجد النبوي، ومع ذلك يُفضل أداء الصلوات المكتوبة في الصف الأول، حتى إذا كان خارج الروضة، لما في ذلك من أجر عظيم.
ونظرًا للإقبال الكبير على الروضة ومحدودية مساحتها، أصبحت زيارتها تتطلب تنظيمًا دقيقًا من خلال حجز موعد عبر تطبيق "نسك"، مما يضمن إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الزوار، حيث يتم تخصيص مواعيد محددة للرجال والنساء لضمان الراحة والتنظيم.
وبالنسبة للرجال، تتاح الزيارة من الساعة 12:30 صباحًا حتى صلاة الفجر، ومن 12:30 ظهرًا حتى صلاة العشاء، أما النساء فتتاح لهن الزيارة من 5:30 صباحًا إلى 11:00 صباحًا، ومن 9:30 مساءً إلى منتصف الليل.
المعالم الإسلامية في المدينة المنورة
تزخر المدينة المنورة بمعالم إسلامية تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا وروحانية لا تُضاهى، تجذب أنظار الحجاج والزوار خلال موسم الحج، حيث تتيح المدينة فرصة استكشاف مواقع أثرية تروي قصص الصحابة وأحداث السيرة النبوية، ومنها:
- بئر غرس:
يقع في حي العالية على بُعد 3 كيلومترات جنوب المسجد النبوي، وهذا البئر التاريخي، الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفضل ماؤه للشرب والوضوء، يحمل ذكريات الهجرة النبوية، حيث استضاف صاحبه سعد بن خيثمة النبي عند وصوله إلى قباء.
وبتصميمها الدائري المطوَّق بالحجارة البازلتية، تظل البئر شاهة على عظمة التاريخ الإسلامي، وقد تم ترميمها لتكون وجهة للزوار.
اقرأ أيضًا: ضوابط الحج الجديدة 1446: دليلك الشامل لرحلة إيمانية منظمة وآمنة
- جبل أحد:
يبرز كأحد أهم المعالم، فقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "أُحد جبل يحبنا ونحبه"، ويقع على بُعد 4 كيلومترات شمال المسجد النبوي، وقد شهد إحدى أعظم معارك الإسلام، التي استُشهد فيها 70 من الصحابة، منهم حمزة بن عبد المطلب.
ويمتد الجبل بطول 7 كيلومترات، وتتنوع صخوره بين الجرانيت الأحمر والأخضر الداكن، مما يُضفي عليه جمالًا طبيعيًا يتكامل مع أهميته التاريخية.
- مسجد قباء:
لا تكتمل زيارة المدينة المنورة دون التوجه إلى مسجد قباء، أول مسجد بُني في الإسلام، حيث وضع النبي صلى الله عليه وسلم حجر أساسه.
ويقع المسجد على بُعد 3 كيلومترات من المسجد النبوي، وتُعد زيارته سنة مؤكدة، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه ركعتين، كان كعمرة".
- مسجد القبلتين:
يبرز مسجد القبلتين كمعلم تاريخي فريد، حيث شهد تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة.
