معرض فن المملكة: الإبداع السعودي يفتح نوافذه على العالم
يطل "معرض فن المملكة" ليروي حكاية وطن ينبض بالإبداع، بمعروضاته الفريدة، حيث يمثل نافذة مفتوحة على روح المملكة، بينما يلتقي إرث الماضي بجرأة الحاضر، فكل لوحة ومنحوتة، تمثل همسة من فنان سعودي يدعو العالم للتأمل والحوار، ومن أرض الرياض إلى عواصم الكون، يمد المعرض جسورًا ثقافية تجمع الشعوب، معلنًا أن الفن السعودي صوت لا يعرف الحدود.
المعرض الذي تنظمه هيئة المتاحف، ليس مجرد عرض للوحات ومنحوتات، بل يمثل لوحة حية ترسم قصة شعب، يمزج تراثه العريق برؤية عالمية، وكجسر ثقافي، يأخذ المعرض زواره في رحلة ملهمة، من شوارع الرياض النابضة إلى عواصم العالم، ليروي حكاية الإبداع السعودي بلغة تتجاوز الحدود.
رحلة عبر الزمن والقارات
بدأت مغامرة "فن المملكة" في البرازيل، بالتزامن مع قمة مجموعة العشرين الماضية، حيث عرض المعرض أعمال فنانين سعوديين مثل أحمد ماطر وأيمن زيداني، والذي امتزجت فيها الألوان السعودية بروح أمريكا الجنوبية.
ولم يكن الحدث مجرد عرض فني، بل بوابة لتعريف العالم بالمشهد الثقافي السعودي المتطور، مع أعمال تحكي قصص الهوية والتحول الاجتماعي، وكما نقلت وكالة الأنباء السعودية، فقد لاقى الحدث صدى واسعًا بين الجمهور البرازيلي، حيث سلط الضوء على التطور الثقافي في المملكة، مع التركيز على قضايا الهوية والحداثة.
وبعدها عاد المعرض إلى جذوره في الرياض مطلع عام 2025، مستضافًا في المتحف السعودي للفن المعاصر بحي جاكس، قلب الفن النابض في العاصمة.
ومن المقرر، أن ينتقل المعرض في ختام عام 2025، إلى المتحف الوطني الصيني في بكين، في خطوة تعكس رؤية المملكة لبناء جسور ثقافية مع آسيا.
فيما سيقدم المعرض أعمالاً جديدة تتناول موضوعات عالمية مثل البيئة والهوية، موجهة لجمهور صيني يتزايد اهتمامه بالفنون العربية، وذلك لتعزيز صورة السعودية كوجهة ثقافية رائدة، قادرة على إلهام العالم.
حي جاكس قلب الفن المعاصر في الرياض
يعد حي جاكس في الرياض المحطة الرئيسية لمعرض "فن المملكة" في السعودية، وهو موقع يعكس الطموح الثقافي للعاصمة، حيث يضم الحي المتحف السعودي للفن المعاصر، الذي أصبح وجهة رئيسية لعشاق الفنون في المنطقة.
وخلال فترة المعرض، يتحول حي جاكس إلى مركز ثقافي نابض بالحياة، حيث تستضيف استوديوهات الفنانين جلسات تفاعلية وورش عمل، تتيح للزوار فرصة التعرف على العمليات الإبداعية وراء الأعمال الفنية.
كما يتضمن المعرض برنامجًا ثقافيًا غنيًا تحت عنوان "كيف نصنع عالم الفن؟"، والذي يناقش التحديات والفرص في قطاع الفنون البصرية، في حين تشمل هذه الفعاليات حوارات مع فنانين ومؤسسات فنية محلية ودولية، مما يعزز من مكانة الرياض كمركز للنقاش الفني العالمي.
ويتميز معرض "فن المملكة" بتقديم أعمال فنية تجمع بين الجذور الثقافية العميقة للمملكة، وروح الحداثة التي تعيشها.
ويمثل الفنانون المشاركون، مثل أحمد ماطر، أيمن زيداني، ومروة المقيط جيلًا جديدًا من المبدعين، الذين يستلهمون من التراث السعودي، سواء في العمارة التقليدية أو الخط العربي، أو القصص الشعبية، ليخلقوا أعمالًا تتحدث بلغة عالمية.
وتشهد الأعمال المعروضة تنوعًا كبيرًا في الأساليب، من اللوحات التجريدية إلى المنحوتات التفاعلية والفنون الرقمية، وهذا التنوع لا يعكس فقط الإبداع الفردي للفنانين، بل يبرز أيضًا التطور الذي يشهده القطاع الفني في المملكة، بدعم من مؤسسات مثل هيئة الفنون البصرية.
الفن السعودي وتعزيز الحوار العالمي
لعل ما يجعل معرض "فن المملكة" حدثًا استثنائيًا، هو دوره كجسر ثقافي يربط السعودية والفن السعودي بالعالم، حيث يقدم المعرض منصة للحوار بين الثقافات، ويتيح للجمهور الدولي فرصة فهم التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة.
ويتناول العديد من الفنانين في المعرض قضايا معاصرة مثل الهوية، والبيئة، والتكنولوجيا، مما يجعل الأعمال ذات صلة عالمية.
وفي بكين، من المتوقع أن يجذب المعرض اهتمام الجمهور الصيني، الذي يتطلع إلى استكشاف ثقافات جديدة، وكل ذلك يتم في سياق جهود المملكة لتعزيز التبادل الثقافي مع الصين، التي تشهد نموًا في الاهتمام بالفنون العربية.
اقرأ أيضًا: قطاع السينما السعودية يحقق: 846 مليون ريال وجوائز عالمية وأرقام قياسية (إنفوجراف)
فيما يأتي معرض "فن المملكة" كجزء من الجهود الطموحة لرؤية المملكة 2030، التي ترى في الثقافة والفنون رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا.
وتسعى المملكة من خلال هذه الفعاليات لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، تجذب عشاق الفنون والثقافة من مختلف أنحاء العالم، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الثقافي في المملكة نموًا متسارعًا، مدعومًا باستثمارات كبيرة في البنية التحتية الثقافية، مثل المتاحف والمعارض الفنية.
تعزيز الاقتصاد الإبداعي
يسهم المعرض كذلك في خلق فرص عمل للفنانين والمنظمين والشركات المحلية، مما يعزز من الاقتصاد الإبداعي، حيث يوفر منصة للشركات المحلية للتعاون مع الفنانين، سواء في تنظيم الفعاليات أو تقديم الخدمات اللوجستية، ما يعكس التكامل بين القطاعات المختلفة في تحقيق أهداف الرؤية.
ويحرص معرض "فن المملكة" على تقديم تجربة تفاعلية للجمهور، سواء من خلال المعارض الفنية أو الفعاليات المصاحبة، وتشمل هذه الفعاليات جلسات حوارية مع الفنانين وعروضًا حية وورش عمل تتيح للزوار تجربة الإبداع بأنفسهم، وهذا النهج يعزز من إشراك الجمهور خاصة الشباب، الذين يمثلون الفئة الأكثر تفاعلًا مع مثل هذه الفعاليات.
ومن البرازيل إلى الرياض، وصولًا إلى بكين، يواصل معرض "فن المملكة 2025" بناء جسور ثقافية تربط المملكة بالعالم، وهذه الرحلة ليست مجرد عرض فني، بل هي شهادة على قدرة الفن على توحيد الشعوب وإلهام الأجيال.
ويبقى هذا المشروع الطموح للفن السعودي صوتًا يروي قصة أمة تسعى لتشكيل مستقبل الإبداع العالمي، فيما يطمح القائمون على المعرض إلى توسيع نطاقه ليشمل مدنًا أخرى حول العالم، مثل لندن ونيويورك، مما سيسهم في تعزيز الحضور الثقافي السعودي عالميًا، كما يسعى المعرض إلى استقطاب فنانين دوليين للتعاون مع نظرائهم السعوديين، مما سيخلق حوارًا فنيًا أكثر تنوعًا.
معرض فن المملكة 2025 ليس مجرد حدث فني، بل تجسيد لرؤية المملكة العربية السعودية في بناء جسور ثقافية تربطها بالعالم. ومن خلال تقديم أعمال فنية مبتكرة وتفاعلية، يعزز المعرض من مكانة المملكة كمركز إبداعي عالمي، ويفتح آفاقًا جديدة للحوار بين الثقافات.
