ليس خيالًا.. شلال عملاق في قاع البحر يتحكم بمناخ العالم (فديو)
عندما نتحدث عن الشلالات، غالبًا ما تتجه مخيلتنا نحو مناظر ساحرة لمياه متدفقة من أعالي الجبال، مثل شلال نياجرا أو شلال أنجل الشهير في فنزويلا. لكن ماذا لو علمت أن أعظم شلال على كوكب الأرض لا يُرى بالعين المجردة، ويقع في أعماق المحيط؟!
نعم، هذا ليس خيالًا علميًا، بل حقيقة مذهلة اكتشفها العلماء، ويتعلق الأمر بـ "شلال مضيق الدنمارك"، الذي يقع بين آيسلندا وجرينلاند، ويُعتبر اليوم أضخم شلال على كوكبنا من حيث العمق والحجم، رغم أنه يقع بالكامل تحت سطح البحر.
عملاق خفي في أعماق البحر
يبلغ عمق هذا الشلال البحري المذهل نحو 3500 متر، أي ما يعادل قرابة 11,500 قدم تحت سطح المحيط، متجاوزًا بكثير ارتفاع أي شلال معروف على اليابسة. ويمتد عرض الشلال إلى 480 كيلومترًا، بينما تصل منحدراته إلى نحو 600 كيلومتر في قاع البحر، ليشكل مشهدًا مائيًا ضخمًا يتدفق ببطء وهدوء في الظل، بعيدًا عن أنظار العالم.
لكن ما يميز شلال مضيق الدنمارك ليس فقط حجمه الخارق، بل الدور المحوري الذي يلعبه في تنظيم مناخ الأرض. فهو يشكل جزءًا أساسيًا من ما يُعرف علميًا بـ"الدورة الحرارية الملحية"، أو ما يُطلق عليه "الحزام الناقل المحيطي"، وهو نظام عالمي مسؤول عن نقل المياه الباردة والدافئة حول العالم، وتنظيم درجات الحرارة على الكوكب.
محور خفي للمناخ العالمي
ينقل هذا الشلال مياهًا باردة وكثيفة من شمال المحيط الأطلسي باتجاه الجنوب، حيث تهبط هذه الكتل المائية الثقيلة نحو قاع البحر، لتندمج لاحقًا في تيارات بحرية ضخمة تؤثر على مناخات قارات بأكملها، وتساعد في توزيع الحرارة وتنظيم أنماط الطقس.
رغم أنه يتحرك ببطء شديد مقارنة بالشلالات الأرضية، بسرعة لا تتجاوز 0.5 متر في الثانية، إلا أن تأثيره لا يُستهان به، إذ يعتبر بمثابة نقطة مفصلية في توازن النظام البيئي العالمي.
رحلة الاكتشاف والدهشة
لكن كيف اكتشف العلماء هذا الشلال العجيب؟ لم يكن ذلك ممكنًا بالعين المجردة أو حتى بالأقمار الصناعية، بل بفضل أجهزة قياس حديثة تقيس درجات حرارة وملوحة المياه، إلى جانب استخدام نماذج حاسوبية متطورة. ومن خلال هذه الأدوات الدقيقة، تمكن العلماء من تتبع حركة المياه والكشف عن هذا العملاق النائم تحت الأمواج.
ويُعتقد أن الشلال تشكّل في نهاية العصر الجليدي الأخير قبل أكثر من 11 ألف عام، وهو من بقايا تلك المرحلة التاريخية التي أعادت تشكيل وجه الأرض والمحيطات.
اقرأ أيضًا: مسافرون يكشفون أكثر التجارب الثقافية غرابة في رحلاتهم
عجائب مخفية تستحق التأمل
يُعد شلال مضيق الدنمارك تذكيرًا قويًا بأن كوكبنا لا يزال يخفي الكثير من الأسرار تحت سطحه، وأن أعظم الظواهر الطبيعية قد تكون كامنة في أماكن لا نتوقعها. وفي زمن تتسارع فيه وتيرة التغير المناخي، يصبح فهم مثل هذه الظواهر أكثر أهمية من أي وقت مضى، ليس فقط للإبهار العلمي، بل لحماية مستقبل الأرض أيضًا.
