لعشاق الانغماس في الطبيعة.. أروع مسارات "الهايكينج" بالعالم العربي

رياضة المشي أو "الهايكينج"، عبارة عن مزيج يجمع بين النشاط البدني والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، فهي أكثر من مجرد رياضة، إذ توفر فرصة للانغماس في التاريخ والتقاليد المحلية، مع المساهمة في المحافظة على الأنظمة البيئة المتنوعة، ودعم الاقتصادات المحلية.
وتتميز مسارات "الهايكينج" في الدول العربية بالمناظر الطبيعية الخلابة، التي تختلف بشكل جذري من مسار لآخر، ومن دولة لأخرى، بل حتى داخل الدولة الواحدة، حيث تتنوع المسارات من الصحراوية إلى الجبلية، ولكل عاشق هذه الرياضة جمعنا أبرز المناطق الساحرة في دولنا العربية، التي تقدم فرصًا رائعة لاستكشاف كنوزها المخفية.
مسار سيناء - مصر
تضم "مصر" عديدًا من مسارات المشي المتنوعة، بيد أن "مسار سيناء" يعتبر الأفضل بينها، لكونه يوفر تجربة استثنائية متنوعة، تتباهى بالجمال الطبيعي والتراث والتاريخ الساحر لشبه جزيرة سيناء.
يبدأ المسار، الذي يمتد على مسافة 550 كيلومترًا، من "نويبع" المدينة الساحلية في "خليج العقبة"، وينتهي عند "جبل سانت كاترين"، وهو الأعلى في البلاد، بارتفاع يبلغ 2645 مترًا.
تستغرق الرحلة كاملة نحو 54 يومًا، وذلك وفق سرعة المتنزهين، فيما يتراوح مستوى الصعوبة بين المعتدل والصعب، وبطبيعة الحال ليس بالضرورة اعتماد المسار كاملاً، إذ أنه يتألف من 4 مسارات متصلة، ومن ثم يمكنك اختيار مسارات أقصر من المسارات المحددة بشكل مسبق، ومنها:
المسار الممتد بين "نويبع" و"وادي طر"، الذي يتميز بإطلالات ساحلية خلابة تنتهي بالصحراء، والمسار من "وادي طر" إلى "سانت كاترين"، حيث التضاريس الوعرة والحياة البرية، والمسار من "سانت كاترين" إلى "جبل سيناء"، حيث يتم الصعود إلى "جبل سيناء".
مسار تسلق جبل توبقال - المغرب
يضم "المغرب" العديد من مسارات "الهايكينج" في جميع إنحائه، وتتنوع بين مسارات الغابات والجبال والصحراء، ويعد "مسار جبل توبقال" من المسارات الأكثر شعبية، حيث يجذب المغامرين الساعين لتسلق أعلى قمة في شمال إفريقيا.
المسار الأيقوني هذا يمتد على مسافة 19 كيلومترًا، باتجاه واحد، وعادة ما تستغرق الرحلة للوصول إلى قمة الجبل، الذي يصل ارتفاعه إلى 4167 مترًا يومين.
ونقطة البداية هنا هي قرية "امليل"، التي تعتبر قاعدة للعديد من المتسلقين، وتبلغ المسافة للوصول إلى القمة نحو 19 كيلومترًا.
الجزء الأول من رحلة "الهايكينج" يستغرق 5 إلى 6 ساعات للوصول إلى "ملجأ توبقال"، عبر مسارات ترابية متعرجة ووديان صخرية، حيث يتم التخييم هناك ليلتقي العديد من المتسلقين حول النار، ويتبادلون حكايات مغامراتهم، على أن تبدأ رحلة الصعود إلى القمة في الصباح الباكر لليوم الثاني، وتستغرق بين 3 إلى 4 ساعات صعودًا، ومثلها هبوطًا للعودة إلى الملجأ مجددًا قبل حلول الليل.
يوفر المسار مناظر طبيعة خلابة من وديان خصبة، وقرى أمازيغية تقليدية وغابات العرعر الشهيرة، ومن القمة يمكن الاستمتاع بإطلالة بانورامية تخطف الأنفاس لـ"جبال أطلس"، ويمكن خلال الربيع والصيف رؤية السافانا.
مسار دانا - البتراء - الأردن
يعتبر "مسار دانا - البتراء" من أفضل مسارات "الهايكينج" في "الأردن"، إذ يتميز بجماله الطبيعي وتنوعه البيئي، حيث يمتد المسار عبر "محمية دانا الحيوية"، ويصل إلى مدينة "البتراء" الأثرية، ما يجعله تجربة فريدة من نوعها، تجمع بين الجمال الطبيعي والنشاط البدني، بينما يمثل فرصة للانغماس في العادات والتقاليد والتاريخ، في واحدة من أجمل المناطق في العالم.
نقطة البداية هنا من قرية "دانا"، التي تقع على حافة المحمية، ونقطة النهاية مدينة "البتراء"، إحدى عجائب الدنيا السبع، وتستغرق هذه الرحلة عادة بين 3 إلى 5 أيام، وفق الخطط الموضوعة مع القدرات البدنية للمتنزهين.
وينقسم المسار إلى عدة مراحل، ففي اليوم الأول يتم الانتقال من قرية "دانا" إلى "وادي فينان"، وتستغرق رحلة المشي تلك 6 ساعات، وفي اليوم الثاني يتم الانتقال إلى منطقة "بيضا"، حيث المناظر الطبيعية الخلابة، وفي اليوم الثالث يتم الوصول إلى "البتراء"، من خلال بابها الخلفي، ما يوفر تجربة فريدة بعيدة عن حشود السياح.
مستوى صعوبة هذا المسار يتذبذب بين المعتدل إلى الصعب، إذا يتنوع بين مسطحات سهلة وتسلق صعب، ما يعني الحاجة إلى لياقة بدنية جيدة، فيما يوفر فرصة للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، والإطلالات الرائعة على "جبال الحجر" والوديان العميقة، بالإضافة إلى رؤية أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات، وطبعًا المواقع التاريخية العديدة وعلى رأسها "البتراء".
اقرأ أيضًا: تجسد المغامرة والاسترخاء.. أفضل المنتجعات الشتوية الفاخرة
مسار درب الجبل اللبناني - لبنان
مسار "درب الجبل اللبناني" من المسارات الطويلة والمميزة في المنطقة، لجماله الطبيعي وطوله بالإضافة إلى الجانب الثقافي والتاريخي الذي يحتضنه، إذ يصل طول المسار إلى 470 كيلومترًا، يبدأ من "عندقت"، الواقعة في منطقة "عكار" الشمالية، وينتهي عند "مرجعيون"، الواقعة في الجزء الجنوبي من لبنان، وفيما يمر عبر أكثر من 76 بلدة وقرية، على ارتفاع يتراوح بين 570 و2073 مترًا فوق سطح البحر.
يترواح مستوى صعوبة المسار بين السهل إلى المعتدل، ما يجذب مجموعات مختلفة ومتنوعة من المتنزهين، فيما يشمل تضاريس متنوعة كالترابية والطرق المعبدة والمعابر النهرية، ولأنه يمر عبر هذا العدد الكبير من القرى والبلدات، يوفر فرصة للتعرف عن كثب على التراث الثقافي الغني للبنان.
حيث يمكنك الاستمتاع بالمعالم الطبيعة البارزة على طول المسار، فهنا تبرز غابات الأرز القديمة وبساتين الزيتون والشلالات والقرى اللبنانية التقليدية، بالإضافة إلى الجبال والوديان الخلابة كـ"وادي قاديشا"، المدرج على لائحة التراث العالمي لليونسكو، لكونه يجمع بين الجمال الطبيعي والتنوع الثقافي والتاريخي، كنتيجة للحضارات المختلفة التي مرت عليه.
يقسم المسار إلى 27 قسمًا، يترواح طول كل منها بين 9 و24 كيلومترًا، ويمكن إكمالها في يوم واحد، أو كجزء من رحلة طويلة تتوزع على عدة ايام.
كما يتم تنظيم فعاليات تمتد لشهر كامل خلال فصل الربيع من كل عام، وتغطي المسار كاملاً، كما تنظم رحلة الخريف التي تقام خلال شهر أكتوبر، ولأن ثقافة التخييم ليست شائعة بشكل كبير في لبنان، تتوفر أماكن إقامة على طول المسار من خلال بيوت ضيافة.
مسار حافة العالم - السعودية
هناك العديد من مسارات "الهايكينج" المختلفة والمتنوعة التي تنتشر في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، ولكن "مسار حافة العالم” يبرز بشكل كبير، وذلك لكونه يجمع بين المشي ورياضة تسلق الجبال.
ويقع "مسار حافة العالم" عند نهاية "جبال طويق"، التي تمتد على مسافة 800 كيلومتر، بارتفاع 1131 متراً، وبإطلالة لا نهاية لها، من حافة شاهقة منحته هذه التسمية الأيقونية.
يبعد منحدر "حافة العالم" نحو 120 كيلومترًا غرب مدينة الرياض، حيث نقطة البداية، ويتم القيادة عبر الطرق السريعة لنحو ساعة أو ساعة ونصف، ثم لاحقًا يتم الانتقال إلى الطرق الوعرة، التي تستغرق نحو 30 دقيقة، وتنتهي الرحلة بطبيعة الحال عند المنحدرات، حيث الإطلالة البانورامية على الصحراء، وهي عبارة عن ساعتين من المشي والاستكشاف.
مستوى الصعوبة يتراوح هنا بين معتدل إلى صعب، فالمسارات صعودًا وهبوطًا على المنحدرات تتطلب مستويات من اللياقة البدنية، فيما يوفر المسار فرصة للتعرف عن كثب على المزايا الجيولوجية الفريدة للمنطقة، بالإضافة إلى الإطلالة الخرافية، التي توحي وكأنك تقف عند "حافة نهاية العالم".