كيف تكون قائدًا مرنًا في عالم متغير؟ (إنفوجراف)
في ظلّ عالم الأعمال الذي يتسم بالتقلبات وعدم اليقين، يصبح الحفاظ على التوازن بين الرؤية الاستراتيجية والمرونة التشغيلية أمرًا بالغ الأهمية لنجاح المؤسسات والشركات، فيما يتطلب العصر الحديث، حيث تتغير الظروف بسرعة، وتتعرض الأسواق لتقلبات مستمرة، نوعًا من التخطيط الذي يجمع بين القدرة على التكيف السريع والتوجيه الاستراتيجي طويل الأجل.
ويشير "نيلسون تيبفر"، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "ProCFO Partners"، إلى هذه التحديات الملحة، ويشدد في مقالاته على أهمية المرونة في مواجهة الظروف غير المتوقعة.
أهمية المرونة في التخطيط الاستراتيجي
يواجه العديد من المؤسسات تحديات كبيرة في تنفيذ استراتيجياتها، عندما تتغير الظروف بشكل غير متوقع، سواء كانت هذه التغييرات ناجمة عن ظروف اقتصادية، أو تكنولوجية، أو حتى جيوسياسية.
ويشير "تيبفر" إلى أن الشركات التي تتمتع بمرونة أكبر، تكون في وضع أفضل للتكيف مع تلك الظروف، وتعديل استراتيجياتها بما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة.
اقرأ أيضًا:الخطوط السعودية تفوز بجائزة "أفضل طاقم مقصورة" في حفل "مسافر الأعمال 2024"
وهذا ينطبق بشكل خاص على الشركات التي تعتمد على خطط ثابتة، تستند إلى افتراضات مستقبلية، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة في ظل عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل بدقة.
وفي كتابه "مفارقة الاستراتيجية The Strategy Paradox"، يتناول "مايكل راينور" هذا التحدي الذي يواجه الشركات، حيث يوضح أن العديد من الاستراتيجيات تعتمد بشكل كبير على توقعات ثابتة للمستقبل، وهو ما يمكن أن يوقع الشركات في مشكلات، عندما لا تتحقق تلك التوقعات، وهذا الأمر يفتح الباب للنقاش حول مدى فعالية تلك الاستراتيجيات، التي تُبنى على أساس افتراضات قد لا تكون دقيقة.
التكيف مع المتغيرات
في كثير من الأحيان، تواجه الشركات ضغطًا متزايدًا لتحقيق أهداف المبيعات والالتزام بالميزانيات، لا سيما عندما لا تكون النتائج متماشية مع التوقعات.
هنا يبرز السؤال: هل تعثر بعض الاستراتيجيات يعود إلى الإفراط في التخطيط أم إلى عدم التكيف مع المتغيرات؟ وهل المشكلة تكمن في الاستراتيجيات نفسها أم في الطريقة التي يتم تنفيذها بها؟
"نيلسون تيبفر" يؤكد من خلال خبرته أن الشركات التي لا تمتلك القدرة على التكيف مع التغيرات تجد نفسها في مأزق، وتصبح غير قادرة على مواجهة التحديات.
فيما يشدد على أهمية أن تكون الاستراتيجيات وثائق حيّة تتطور مع مرور الوقت، وليس مجرد خطط ثابتة لا تتيح مجالاً للتكيف مع المتغيرات، ويؤكد على ضرورة مراجعة الاستراتيجيات باستمرار لضمان ملاءمتها مع الظروف الحالية.
اقرأ أيضًا:مبيعات الأعمال الفنية بمزاد فيليبس تحقق 54 مليون دولار
العلاقة بين التحليل والتكيف
من منظور آخر، يؤكد الخبير الإداري "هنري مينتزبيرج" أن التخطيط الاستراتيجي غالبًا ما يركز على التحليل، بينما يجب أن تركز الاستراتيجية على التكيف مع الظروف المتغيرة.
هذه العلاقة بين التحليل والتكيف يمكن أن تساعد الشركات على تجنب الجمود، الذي يصيب بعض المؤسسات التي تعتمد بشكل كبير على التخطيط، دون الاهتمام بمتابعة التغيرات المستمرة في الأسواق.
إشراك جميع الأطراف المعنية
من العوامل المهمة في تنفيذ استراتيجيات ناجحة هو إشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية التخطيط الاستراتيجي، ويشدد "تيبفر" على أهمية أن تكون الاستراتيجيات مبنية على توافق ودعم من جميع الأقسام داخل المؤسسة، وليس فقط من قبل القادة التنفيذيين، فإشراك جميع الأطراف يضمن أن يتم فهم الرؤية الاستراتيجية من قبل الجميع، وبالتالي يتم تنفيذها بطريقة متسقة.
علاوة على ذلك، يمكن أن يسهم إشراك العاملين في الصفوف الأمامية في تقديم رؤى جديدة، قد لا تكون متاحة للمديرين التنفيذيين، وهذه الأفكار قد تساعد في تطوير الاستراتيجيات بشكل أفضل، وجعلها أكثر واقعية وقابلة للتنفيذ.
أهمية المساءلة ومؤشرات الأداء الرئيسية
المرونة وحدها ليست كافية لتحقيق النجاح، إذ يجب على المؤسسات أن تتبنى أيضًا آليات لقياس الأداء، وتحديد مدى تقدمها نحو تحقيق أهدافها، وهنا تأتي أهمية مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، التي تساعد على قياس التقدم على المدى القصير، وتسمح للشركات بتعديل استراتيجياتها إذا لزم الأمر.
وهذه المساءلة تضمن أن تكون الاستراتيجيات قابلة للتنفيذ وواقعية، وتساعد في الحفاظ على التوازن بين المرونة والهيكلية.
اقرأ أيضًا:أفضل قطاعات ريادة الأعمال (إنفوجراف)
التقييم المستمر والتغذية الراجعة
التغذية الراجعة المستمرة هي جزء أساسي من نجاح أي استراتيجية، فمن الضروري أن يتم مراجعة الأداء بشكل دوري، وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين أو تعديل.
ويشير "تيبفر" إلى أن المراجعات المستمرة تساعد المؤسسات على تحديد ما إذا كانت استراتيجياتها لا تزال ملائمة للسوق أو تحتاج إلى تحديث، هذا الحوار المستمر حول الأداء يعزز من مرونة المؤسسة، ويساعدها على التكيف بسرعة مع التغييرات.
في نهاية المطاف، يؤكد "نيلسون تيبفر" أن التخطيط الاستراتيجي ليس مجرد تحديد أهداف ثابتة، بل هو عملية ديناميكية تتطلب التكيف مع الواقع المتغير.
من خلال الجمع بين رؤية المؤسسة والاستجابة السريعة للظروف الجديدة، يمكن للشركات بناء استراتيجيات قوية تجمع بين المرونة والبنية الصلبة، التكيف مع المتغيرات، إشراك جميع الأطراف، وتحقيق التوازن بين المرونة والمساءلة هي العوامل الرئيسية لنجاح أي استراتيجية طويلة الأجل.