السيدة العرجاء والراقصة وعضوة حزب حاكم.. من هم أشهر الجواسيس في التاريخ؟
في بعض الأحيان قد تلجأ الدول إلى زرع الجواسيس في دول أخرى للوصول إلى معلومات قيّمة، أو الحصول على أخبار مهمة، خاصة إذا كان هناك صراع بين تلك الدول، أو نزاع، أو خلاف في المواقف ما يؤدي في النهاية إلى مشكلات لا تنتهي بسهولة.
وتعج سجلات التجسس في جميع وكالات الاستخبارات في العالم بأسماء جواسيس، لكن بعضهم أشهر من غيرهم. فلنستعرض معًا فيما يلي أشهر أسماء الجواسيس على مر التاريخ.
جوناثان بولارد
أُطلق سراح الجاسوس الأمريكي المدان "جوناثان بولارد"، 61 عامًا، من سجن فيدرالي بولاية نورث كارولينا في 20 نوفمبر عام 2015، بعد ثلاثين عامًا من القبض عليه وهو يبيع معلومات أمريكية سرية لإسرائيل، حليفة أمريكا. ويتوج إطلاق سراحه واحدة من أشهر قصص التجسس في التاريخ الأمريكي الحديث، وهي قضية تجسس غير عادية أدت إلى تعقيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
كان "جوناثان بولارد"، يهودي أمريكي، يعمل محللاً مدنيًا في الاستخبارات البحرية الأمريكية. وقد سُجن عام 1987 بعد إصدار حكم ضده بالسجن مدى الحياة في قضية تجسس بالاشتراك مع زوجته "إستر".
مٌنح "جوناثان" الجنسية الإسرائيلية وهو داخل السجن، وبالرغم من مطالبات رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" للحكومة الأمريكية أن يلحق "جوناثان" بزوجته ويعيش في إسرائيل، فإن الحكومة الأمريكية رفضت وقررت بقاءه في الولايات المتحدة ومنعه من السفر لخمس سنوات.
وهناك العديد من الداعمين لـ"بولارد" يعتقدون أن عقوبته كانت مبالغًا فيها، وأن أفعاله كانت لصالح حليف للولايات المتحدة. ومع ذلك، ما زال المسؤولون الأمريكيون مؤمنين أنهم كانوا على حق وأن الحكم عليه كان له مسوغاته.
واستُقبل "بولارد" في إسرائيل استقبال الأبطال، لدى وصوله في ديسمبر عام 2020.
سيسيل بيرل ويذرينجتون
ولدت "سيسيل ويذرينجتون" في باريس لأبوين بريطانيين، وأرادت لعب دور لمساعدة فرنسا على الهروب من السيطرة الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى. بدأت "ويذرينجتون"، في أثناء عملها مديرة تنفيذية مُدربة للعمليات الخاصة، في تهريب الأسلحة إلى فرنسا عن طريق البريد السريع عام 1943. وعندما قُبض على رئيسها، تولت قيادة قواته وقادت معركة استمرت 14 ساعة ضد الألمان. وكان مقاتلو فرقتها المسؤولين عن مقتل أكثر من 1000 جندي ألماني واستسلام 18000 آخرين. عرض النازيون مكافأة قدرها مليون فرنك لمن يقتلها، لكن هذه المكافأة لم يفز بها أحد، فقد عاشت "سيسيل ويذرينجتون" حتى عمر الـ 93.
ماتا هاري
واحدة من أشهر الجواسيس وأكثرهم مراوغة في التاريخ، مارغريتا غيرترويدا زيل، هولندية المولد، واسمها الفني "ماتا هاري"، عملت جاسوسة خلال الحرب العالمية الأولى.
جنّدها نقيب جيش يدعى "جورج لادو" وهي تعمل راقصة لتزويده بمعلومات عسكرية عن حكومتها الألمانية وعملائها العسكريين لينقلها إلى القيادة الفرنسية. واتهمت "ماتا هاري" بأنها عميلة مزدوجة، وتلقت حكمًا بالإعدام رميًا بالرصاص ونُفذ ضدها عام 1917.
اقرأ أيضًا:أحرق مليوني دولار لتدفئة ابنته! من هو بابلو إسكوبار "ملك الكوكايين" الأشهر؟
يوليوس وإثيل روزنبرغ
كان "يوليوس" مهندسًا وزوجته "إثيل" ممثلة طموح في منتصف القرن العشرين، وكان كلاهما عضوًا في الحزب الشيوعي الأمريكي، لكنهما تركا الحزب عام 1943 حتى يتمكن "يوليوس روزنبرغ" من ممارسة الجاسوسية بحرية.
عام 1950، أُلقي القبض على صهر "يوليوس" واتهامه بالتجسس، فوشى باسم "يوليوس" في اعترافاته، ما أدى إلى اعتقاله. وعلى الرغم من وجود بعض الشكوك حول ما إذا كانت "إثيل" بالفعل ضالعة في الأمر، فإنها اعتُقلت ووجه المسؤولون لها اتهامات بالتجسس، وذلك لأن السلطات اعتقدت أنه باعتقالها ستجبر "يوليوس" على الاعتراف، لكنهم كانوا مخطئين.
تمسّك الزوجان بأقوالهما والدفع بالبراءة، ونُفذ فيهما حكم الإعدام باستخدام الكرسي الكهربائي عام 1953. وبذلك يكونان الزوجان الأمريكيان الوحيدين اللذين أُعدما بتهمة التجسس خلال الحرب الباردة.
نانسي ويك
انضمت الصحفية النيوزيلندية "نانسي ويك" إلى المقاومة الفرنسية لمساعدة الجنود البريطانيين على الهروب من فرنسا في أوائل الأربعينيات. علم البوليس السري الألماني "الغيستابو" بنشاطها وطلب القبض عليها. أطلقت عليها المنظمة لقب "الفأرة البيضاء" بسبب طبيعتها المراوغة.
غادرت "نانسي ويك" فرنسا بحثًا عن الأمان في إسبانيا، متوقعة أن يتبعها زوجها "هنري فيوكا". وأثارت أنباء مقتل زوجها على يد "الغستابو" الرغبة في الانتقام لدى "ويك"، وعادت إلى فرنسا في عام 1944 لقيادة غارة على مقر "الغستابو" ومصانع الأسلحة الألمانية.
بعد تحرير فرنسا، حصلت "نانسي ويك" على عدة أوسمة شرف من فرنسا والولايات المتحدة.
ألدريش أميس
انقلب ألدريش أميس، عميل وكالة المخابرات المركزية السابق، ضد بلاده عندما مرّ بأوقات عصيبة. في الثمانينات، نقل "أميس" المعلومات إلى الاتحاد السوفييتي، وربما كان ليفلت من العقاب لولا شراء قصر وسيارات فخمة، بالإضافة إلى سجلات هاتفية مشبوهة. وتعتقد الحكومة الأمريكية أن تصرفات "أميس" أدت إلى اعتقال وإعدام المسؤولين الروس الذين تم تجنيدهم كجواسيس للغرب. ويقضي حاليًا عقوبة السجن مدى الحياة في سجن فيدرالي.
فرجينيا هول
ولدت "فرجينيا" عام 1906، في مدينة بالتيمور الأمريكية. في طفولتها تعلمت الصيد والرماية في مزرعة أسرتها ولغات عديدة في المدرسة. وبعد تخرجها في الجامعة سعت للحصول على وظيفة في الخارجية الأمريكية، لكن لم تكن النساء تُمنح وظائف من هذا النوع في ذلك الوقت فانتهى بها المطاف في وظيفة كتابية بالقنصلية الأمريكية في تركيا.
في تلك الأثناء وقعت حادثة مصيرية لـ"فرجينيا"، إذ إنه خلال رحلة لصيد الطيور في عام 1933، أطلقت الرصاص على قدمها بينما كانت تتسلق حاجز، ما نتج عنه إصابات شديدة أدت إلى غرغرينا في ساقها اليسرى أجبرت الأطباء على بتر نصف ساقها أسفل الركبة. حصلت "فرجينيا" على ساق صناعية لتصير بعد ذلك أكثر عزمًا على متابعة حياة مليئة بالمغامرة.
حاولت "فرجينيا" أكثر من مرة دخول السلك الدبلوماسي الأمريكي، ولكنها أُبلغت بأن السلك الدبلوماسي لا يقبل إلا طلبات "الأصحاء جسديًا"، ولما شعرت بالجزع بسبب رفضها في وطنها الأم سافرت إلى فرنسا؛ بحثًا عن فرصٍ عام 1939.
في مدينة ليون الفرنسية وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، استطاعت جمع معلومات استخباراتية من فتيات البغاء اللواتي قابلن أفراد القوات الألمانية. ونظمت مساعدات لمقاتلي المقاومة الفرنسية، وتوسعت إسهاماتها، فعلمت الشرطة الألمانية "الغيستابو" بشأنها وبدأت في البحث عن "السيدة العرجاء".
عام 1942 سيطر الألمان على فرنسا، وحددت مواقع أعضاء شبكة الجاسوسية والمقاومة التابعة لها "فرجينيا" وقُتلوا جميعا. وحينها قررت "فرجينيا" قطع جبال البرانس للعبور إلى إسبانيا. وعلى الطريق نجحت في العثور على كهفٍ لتأوي إليه، ثم أرسلت رسالة لاسلكية إلى لندن مفادها "كوثبرت مُتعِبةٌ، لكنها تستطيع التأقلم"، وكان "كوثبرث" هو الاسم الساخر الذي اختارته لساقها الخشبية. لم يفهم رؤساؤها أن "كوثبرت" كانت ساقها الصناعية، فقالوا لها: "إذا كانت كوثبرت مُتعِبةٌ تخلصي منها".
عندما وصلت "فرجينيا" إلى إسبانيا اعتُقلت على الفور لعدم حيازة جواز سفر. سُجنت "فرجينيا" لستة أسابيع، ولم يُطلق سراحها إلا بعد أن سلمت سجينة أخرى خرجت من السجن، رسالةً كتبتها "فرجينيا" إلى القنصل.
اقرأ أيضًا:هل قامت الحرب العالمية الأولى بسبب شطيرة؟
آنا تشابمان
كانت "آنا تشابمان" جزءًا من حلقة الجواسيس الذين يعيشون في منطقة نيويورك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. حقق معها مكتب التحقيقات الفيدرالي لسنوات قبل أن يعتقلها المكتب مع 10 آخرين عام 2010، ويقايضهم بأربعة روس مدانين بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.
"آنا تشابمان" في الأساس ابنة دبلوماسي روسي، وقد اشتهرت في وسائل الاعلام منذ عودتها الى روسيا ونُشرت لها صور مثيرة في إحدى المجلات الروسية، ولبت دعوة غداء في مركز إطلاق مركبات الفضاء الدولية "سويوز" في كازاخستان. كما سبق أن التقت برئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى اختيارها مندوبة لشركة إدارة أصول مالية غير معروفة اسمها "فاندزسيرفيس بانك".
والجدير بالذكر أن كل الجواسيس العشرة المقبوض عليهم في نيويورك حصلوا على أوسمة الدولة الروسية من الرئيس ديمتري مدفيديف مقابل خدماتهم لبلادهم، في حفل أُقيم في الكرملين في أكتوبر الماضي.
ورشحها الحزب الحاكم الروسي لتكون المسؤولة عن جناح الشباب فيه وعضوة في مجلس "مولودايا غفارديا" أو الحراس الشباب. ودعت "تشابمان"، في كلمة أمام التجمع نقلها التلفزيون الروسي، الجميع إلى تبني نظرة إيجابية متفائلة للحياة مصرحة: "علينا أن نغير مستقبلنا، وأن نبدأ أولاً بأنفسنا، فلو كان كل واحد منا مبتهجًا وفرحًا، سيكون بالإمكان فعل شيء مفيد وجديد".
جون ووكر
أدار جون ووكر، ضابط البحرية الأمريكية، حلقة تجسس لسرقة شيفرات الإرسال المتبادلة للبحرية الأمريكية وبيعها للاتحاد السوفييتي، ما ساعد على مراقبة تحركات القوات الأمريكية، ما تسبب في أضرار جسيمة للأمن القومي الأمريكي.
المعلومات التي أمد "ووكر" السوفييت بها مكّنتهم من فك تشفير الاتصالات العسكرية، والعثور على الغواصات الأمريكية في أي وقت.
واشترك شقيق "جون ووكر" وابنه معه في أعمال التجسس في الفترة ما بين 1968 و1985. واعتقله مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 1985 بعد وصول معلومة إليهم من زوجته السابقة، وتوفى "ووكر" وشقيقه في السجن بينما أُطلق سراح ابنه عام 2000 بعد أن قضى 15 عامًا في السجن.
وقال مدير قسم التجسس للاتحاد السوفييتي "سولوماتين" إن "المعلومات التي وفرها ووكر، لم تزودنا فقط بمعلومات استخباراتية كانت جارية حينها، بل أيضًا ساعدتنا بمرور الوقت على تفهم نمط تفكير العسكرية الأمريكية ودراسته".
