كيف يعمل مزيل العرق؟ وما الفرق بينه وبين مضاد التعرّق؟
يحوي جلد الإنسان الملايين من الغدد المسؤولة عن العرق؛ والمعروفة بالغُدد العَرَقية Sweat glands، والتي تعمل على خفض درجة حرارة الجسم وتهدئته في الحالات التي تتطلب ذلك مثل التوتر، أو النشاط البدني، أو بالطبع في الحالات التي ترتفع فيها درجة حرارة أجسادنا. ولك أن تتخيل أن متوسط كمية العرق التي نُفرزها في اليوم الواحد تصل إلى لترٍ كامل! تزيد أو تنقص حسب الظروف التي نتعرض لها.
إذن نُلاحظ أن العرق مفيد لجسمنا لأنه يهدئ من روعه، ولكنه كما نعلم جميعًا، يتسبب في رائحةٍ لا تُطاق قد تُسبب لنا الحرج وتزعزع ثقتنا بأنفسنا، ومن هنا يظهر مزيل العرق "الديودرنت" كحلٍ سحري يساعدنا على التخلص من هذه الكارثة التي لا تليق بنا نحن معشر الرجال. ولكن مهلاً، كيف يُخلّصنا مزيل العرق من الرائحة الكريهة، أي ما هي طريقة عمله؟ وتُرى ما الفرق بينه وبين مُضادات التعرق antiperspirants؟ وهل هُما آمنان؟
ما سبب الرائحة الكريهة للعرق؟
هناك نوعان أساسيان من الغدد العرقية؛ الغدد العرقية المفرزة Eccrine sweat gland وهي المنتشرة بأعدادٍ ضخمة في الجسم، والمسؤولة عن تنظيم درجة حرارته عن طريق تبخير العرق عند الحاجة، والغُدد العرقية المفترزة Apocrine sweat gland وهي التي "تتسبب" -وستعرف لاحقًا لماذا وضعت الكلمة بين علامتي تنصيص بوجود الرائحة المُنفّرة التي نريد التخلص منها، والتي -كما توقعت- تُوجَد بمنطقة الإبطين والمناطق الغائرة في الجسم بشكلٍ عام.
الغريب أن عدد الغُدد المسؤولة عن رائحة العرق النتنة التي نُعاني بسببها، والتي تُوجد بمنطقة الإبطين، هو 25-50 ألف غدة عرقية فقط، وهذا بالنسبة لعدد الغدد العرقية الكلي بالجسم، الذي يصل إلى 2-4 ملايين غدة عرقية، هو لا شيء تقريبًا، أو بالتحديد 1.25% إذا تحرينا الدقة.
المُفاجأة أن الغُدد العرقية، أو العرق ليس له رائحة بحد ذاته، ويمكننا أن نختبر صحة ذلك بأنفسنا من العرق الموجود بالمناطق المفتوحة. أما عن سبب رائحة العرق الكريهة بالمناطق الغائرة -مثل الإبطين-، فيرجع إلى أن الغدد المفترزة تفرز العرق بشكل كبير مما يُمثل بيئة رطبة وخصبة للبكتيريا لتنمو وتتكاثر عليها، خصوصًا إذا وُجِدَ الشعر بتلك المناطق، والبكتيريا هي المسؤول الرئيس لوجود الرائحة الكريهة، ومن ثم فإن التخلص منها يعني التخلص من "رائحة العرق" المستعصية، وهذا يأخذنا إلى آلية عمل مزيل العرق أو "الديودرنت".
كيف يعمل مزيل العرق؟ وما الفرق بينه وبين مضاد التعرق؟
اقرأ أيضًا:أفضل مستحضرات الريتينول.. الشباب الدائم ليس مستحيلاً
تتمثل وظيفة مزيل العرق الرئيسة في القضاء على الرائحة التي تتسبب بها البكتيريا الموجودة بالمناطق المُتوارية في الجسم، وهذا على عكس وظيفة مضادات التعرق antiperspirants، التي كما يشير اسمها، تساعد على التخفيف من كمية العرق في المقام الأول، وسنأتي على ذكر مضادات التعرق مرة أخرى.
قلنا إن سبب "رائحة العرق" الكريهة يعود إلى البكتيريا، ولكن كيف؟ أو ما الذي تفعله البكتيريا بالضبط لتتسبب بأذية أحد أهم الحواس التي نمتلكها وهي الشم؟
عندما نعرق، خصوصًا في المناطق ذات التركيز العالي من الغدد العرقية المفترزة Apocrine glands مثل الإبطين، فإن البكتيريا الموجودة بهذه المنطقة تستغل الظروف الرطبة وتعمل على استقلاب Metabolize "أي تفكيك المركبات العضوية المعقدة مثل الطعام إلى وحداته البسيطة" المركبات العضوية الموجودة من بروتينات ودهون إلى جزيئاتها البسيطة، وذلك بإنتاج مركبات متطايرة يُعزى إليها سبب وصول الرائحة الكريهة إلى أنوفنا.
بفضل مضادات الميكروبات الموجودة بمزيل العرق، والتي يأتي الإيثانول على رأسها، يتم القضاء على البكتيريا ما يحد من عواقبها، والإيثانول هذا بالمناسبة هو المُستَخدم في معقم اليدين ليحمينا من البكتيريا والجراثيم. ولكن، تظل مشكلة الرائحة موجودة، إذ لا يكفي القضاء على البكتيريا وحدها؛ بل يجب القضاء على مخلّفاتها "الرائحة الكريهة التي أنتجتها بالفعل" أيضًا. هُنا يأتي دور المواد الأخرى المُعطّرة fragrances الموجودة بمزيلات العرق والتي تُحاوط الرائحة الكريهة وتعمل على تغطيتها مما يحل المشكلة.
وقبل أن ننتقل إلى الجزئية الأخيرة التي سنناقش فيها عمّا إذا كانت مزيلات العرق، ومضادات التعرق، مُضرة أم لا، نريد أن نلفت انتباهكم إلى أن هذه الأخيرة تعمل على التقليل من كمية العرق عن طريق سد المسام لفترة مؤقتة بفضل احتوائها على مركبات كيميائية مبنية على عنصر الألومنيوم.
هل مزيل العرق ومضاد التعرق آمنان؟
هناك شائعات مُنتشرة تربط كلًا من مزيلات ومضادات التعرّق بسرطان الثدي، وأمراض الكلى، والحساسية، وإن كانت هذه الشائعات مُثارة وبشدة حول علاقة مضادات التعرّق بالتحديد بسرطان الثدي. يرجع سبب وجود هذه الشائعات إلى مركبات الألومنيوم التي يُعتقد بأنها قد تُؤثر على مستقبلات خلايا الثدي وتحويلها إلى خلايا سرطانية.
وفقًا لجمعية السرطان الأمريكية، فإن هذه الشائعات ليست سوى محض هراء، وذلك لسببين رئيسين هُما: أن أنسجة المصابين بسرطان الثدي لا تحتوي على نسبة أكبر من الألومنيوم مقارنة بأنسجة الأشخاص المُعافين، إضافة إلى أن كمية الألومنيوم الموجودة بمضادات التعرق تكاد لا تُذكر "حوالي 0.0012% فقط". وبالفعل، تدعم الكثير من الدراسات ادعاءات جمعية السرطان الأمريكية، ويمكنكم الاطلاع عليها في المصادر.
نستنتج مما سبق أنه لا غنى عن مزيلات العرق ومضادات التعرق على حد سواء، ويمكننا أن نستخدمها دون القلق على صحتنا، وهذا لأن كل الشائعات -تقريبًا- المثارة حول أضرارهما ليست سوى ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة.