رالي داكار السعوديّة 2026 يعود بمسار استثنائي وحضور تاريخيّ
مع اقتراب لحظة انطلاق رالي داكار السعودية 2026، تتجه أنظار محبي سباقات التحمل حول العالم نحو المملكة التي تستعد لاستقبال النسخة السابعة من هذا التحدي العالمي.
812 متسابقًا، و69 جنسية، و433 مركبة يستعدّون لخوض أحد أشد الراليات قسوةً وإثارة، في سباق يعبر التضاريس السعودية الوعرة خلال الفترة من 3 إلى 17 يناير.
هذا الحدث العملاق، يأتي ضمن منظومة عمل دقيقة تتصدرها وزارة الرياضة والاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، فيما تتولى شركة رياضة المحركات إدارة الجانب التسويقي بلمسة تحوّل السباق من مجرد تحدٍ رياضي إلى منصة تستعرض فيها السعودية قدرتها على صناعة أحداث عالمية بمعايير استثنائية.
مسار النسخة الجديدة: رحلة تكشف وجه المملكة المتنوع
لا يقدّم رالي داكار السعودية 2026 مجرد سباق عابر للصحراء، بل يفتح مسارًا واسعًا يروي تنوع المملكة الطبيعي والتراثي عبر كل مرحلة.
فالمتسابقون هذا العام ينتقلون من مشاهد ساحلية إلى جبال وأودية وفضاءات أثرية نادرة، في تجربة تتجاوز مفهوم التحدي الرياضي إلى اكتشاف جغرافي وتاريخي على حد سواء.
ولا يقتصر التنوع على جغرافيا المملكة فحسب، بل يشمل أيضًا تنوعًا لافتًا في فئات المشاركة، إذ تحضر فئة داكار كلاسيك بـ97 مركبة تاريخية من حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، تضم سيارات وشاحنات تحمل روح البدايات الأولى للرالي.
كما تتقدم الفئات الحديثة بقوة، من الشاحنات والدراجات النارية وحتى السيارات الإنتاجية، فيما تبرز فئة "المهمة 1000" التي تجمع بين الابتكار والحفاظ على البيئة بوجود سبع دراجات كهربائية وشاحنة هجينة تعمل بالهيدروجين والديزل الحيوي، في خطوة تعكس توجه الرالي نحو مستقبل أكثر استدامة.
تنطلق المغامرة مع المرحلة الاستعراضية في ينبع يوم 3 يناير لمسافة 23 كيلومترًا، وهي بداية قصيرة لكنها كافية لتضع المتنافسين أمام الإيقاع السريع الذي سيصاحبهم طوال السباق.
وفي اليوم التالي تبدأ أولى المراحل الفعلية من ينبع وإليها بمسافة 305 كيلومترات، قبل أن يتجه الرالي شمالا نحو العُلا في المرحلة الثانية لمسافة 400 كيلومتر.
داخل العُلا، تتعمق المنافسة إلى المرحلة الثالثة التي تمتد 422 كيلومترًا بين أودية وتضاريس صخرية تتطلب دقة عالية في الملاحة، لتليها المرحلة الرابعة نحو مخيم المبيت بمسافة 451 كيلومترًا، بحيث يبدأ المتسابقون مواجهة أصعب اختبارات التحمل.
وتتواصل الرحلة عبر قلب المملكة، فاليوم الخامس يقود المشاركين إلى حائل لمسافة 372 كيلومترًا، يعقبه الانتقال في المرحلة السادسة نحو الرياض بمسافة 336 كيلومترًا، قبل أن يتوقف الجميع ليوم راحة في العاصمة يوم 10 يناير، استعدادًا للنصف الثاني من التحدي.
بعد محطة الرياض ويوم الراحة الذي يلتقط فيه السائقون أنفاسهم، يبدأ النصف الثاني من الرالي بإيقاع مختلف تمامًا.
يوم الأحد 11 يناير يدخل المشاركون واحدة من أطول رحلاتهم هذا العام. مسار يمتد من الرياض إلى وادي الدواسر بطول 876 كيلومترًا، تتخلله 462 كيلومترًا من المراحل الخاصة التي تعيد اختبار قدرة كل متسابق على التحمل والتركيز لساعات متواصلة.
وتتواصل المنافسة في المرحلة الثامنة يوم الاثنين 12 يناير، مع حلقة دائرية داخل وادي الدواسر لمسافة 717 كيلومترًا، بينها 481 كيلومترًا من التحديات الخاصة التي تجمع بين الكثبان الرملية المفتوحة والمسارات السريعة.
بعد ذلك، تنطلق المركبات من وادي الدواسر إلى مخيم المبيت لمسافة 531 كيلومترًا، منها 410 كيلومترات خاصة، ليعود المتسابقون إلى أجواء العزلة والاعتماد الكامل على الذات داخل المخيم.
ثم تأتي المرحلة العاشرة لتحمل مسارًا متغير الإيقاع يقودهم من المخيم باتجاه بيشة. مسافة 469 كيلومترًا تبدو قصيرة نسبيًا، لكن وجود 421 كيلومترًا من المراحل الخاصة يجعل اليوم أشبه باختبار تقني دقيق على مسارات جبلية تحتاج سرعة محسوبة.
مع اقتراب خط النهاية، تمتد الرحلة عبر طريق طويل يصل إلى الحناكية بطول 882 كيلومترًا. وفي اليوم التالي، 16 يناير، يتجه الرالي نحو ينبع عبر 718 كيلومترًا تمزج بين المسارات الشاطئية والحجرية، مع 310 كيلومترات خاصة قد تغيّر شكل الترتيب في اللحظات الأخيرة
أما المشهد الختامي فيُرسم يوم 17 يناير داخل ينبع نفسها، في مرحلة قصيرة نسبيًا بطول 141 كيلومترًا، لكنها تحمل وزنًا كبيرًا، فهي اللحظة التي تُحسم فيها النتائج وتُكتب أسماء الفائزين في سجل داكار.
وفد سعودي قوي يتصدّر المنافسة
يدخل الوفد السعودي رالي داكار 2026 بثقة واضحة وبحضور فني يعكس تطوّر خبرات السائقين السعوديين على مختلف الفئات.
في مقدمة هذا الوفد يبرز يزيد الراجحي، بطل النسخة الماضية، الذي يستعد لبدء مشاركته الثانية عشرة في داكار وهو يحمل لقب فئة "ألتيمِت"، الفئة الأهم في الرالي.
يخوض الراجحي السباق هذه المرة بتركيز أعلى بعد موسم استثنائي في بطولة العالم للرالي‑ريد، جعله أحد أبرز الأسماء المتوقع لها المنافسة على الصدارة مجددًا.
إلى جانب الراجحي، يدخل خالد الفريحي إلى ساحة “ألتيمِت” للمرة الأولى، واضعًا نفسه أمام اختبار كبير مع نخبة سائقي العالم، في خطوة تعبّر عن جاهزية جيل جديد لاقتحام مستويات أعلى داخل الرالي.
فيما يأتي ماجد الثنيان ليُكمل حضور السعوديين في الفئات الإنتاجية عبر عودته إلى فئة ستوك بخبرة واسعة تراكمت عبر مشاركاته السابقة، ما يعزز اتساع رقعة المنافسة السعودية داخل داكار هذا العام.
بالانتقال إلى السائقين أصحاب الخبرة الطويلة، يواصل ياسر بن سعيدان رحلته في داكار من خلال مشاركته التاسعة، مستندًا إلى منصة التتويج التي حققها في فئة سايد باي سايد عام 2024، إلى جانب تتويجه ببطولة العالم للرالي‑ريد.
وفي خط موازٍ، تبرز دانية عقيل في فئة تشالنجر المخصصة للمركبات النموذجية خفيفة الوزن، وتدخل عقيل السباق بثقة مبنية على سجل لافت يشمل المركز الثامن في نسخة 2022 ولقب كأس العالم للباها T3 عام 2021، ما يمنح حضورها بعدًا تنافسيًا مهمًا في إحدى أكثر الفئات سرعة وتنوعًا.
إلى جانبها، يخوض صالح السيف سباقه السابع وهو محمّل بانتصارين في باها الأردن، ليعود هذه السنة بطموحات أكبر داخل فئته، مستفيدًا من خبرته في إدارة مراحل الرالي ذات المسارات المتغيرة.
أما على صعيد الفئات الثقيلة، فيواصل طارق الرماح مشاركته السادسة في فئة الشاحنات، فيما يدخل إبراهيم المهنا تجربته السابعة بعد منصة المركز الثالث في فئة ستوك خلال نسخة 2024، في حضور يعكس تصاعد خبرة السائقين السعوديين في فئة تتطلب قدرة عالية على التحكم والتحمل.
ويكتمل المشهد السعودي مع مشاركة عدد من المتنافسين في فئة الدراجات النارية، ليظهر الوفد السعودي في صورة بعيدة عن أحادية الفئات، حضور يمتد عبر السيارات والشاحنات والدراجات، مؤكدًا انتشار الخبرة السعودية على خارطة داكار في جميع اتجاهاتها.
