الهواتف في 2026: ما الأسباب الخفية وراء الزيادة المتوقعة في الأسعار؟
يتجه عام 2026 ليكون محطة فارقة في سوق الأجهزة الإلكترونية، حيث يُتوقع أن يدفع المستهلكون أسعارًا أعلى للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ليس بسبب طفرة في الطلب، بل نتيجة تحولات هيكلية عميقة في سلاسل توريد أشباه الموصلات عالميًا، وفقًا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة IDC الرائدة في الخدمات الاستشارية حول السوق والإرشادات في مجالات التكنولوجيا.
ويشير التقرير إلى أن صناعة شرائح الذاكرة، التي اعتادت تاريخيًا على دورات انتعاش وتراجع منتظمة، دخلت مرحلة جديدة تتسم بضغوط طويلة الأمد. فالتوسع الهائل في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بات يستحوذ على الحصة الأكبر من إنتاج الذاكرة، ما يترك كميات أقل مخصصة للأجهزة الاستهلاكية مثل الهواتف والحواسيب، مع آثار قد تمتد حتى عام 2027.
كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق الذاكرة؟
تكمن جذور الأزمة في طريقة توزيع الطاقة الإنتاجية. فخوادم الذكاء الاصطناعي تستهلك كميات من الذاكرة تفوق بكثير ما تحتاجه الهواتف أو الحواسيب المحمولة، في وقت لا تتردد فيه شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون وميتا في دفع أسعار أعلى لضمان الإمدادات.
وأمام محدودية الاستثمارات ومساحات التصنيع النظيفة، تفضّل شركات الذاكرة الكبرى مثل سامسونج وSK هاينكس وميكرون توجيه إنتاجها نحو شرائح HBM وDDR5 عالية السعة والمخصصة للذكاء الاصطناعي، نظرًا لهوامش أرباحها المرتفعة، بدلًا من شرائح LPDDR وNAND المستخدمة في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر.
تُعد الهواتف الذكية، خصوصًا الفئات المتوسطة والمنخفضة من أجهزة أندرويد، الأكثر تأثرًا بهذه التحولات. إذ تمثل الذاكرة نحو 15–20% من تكلفة تصنيع الهاتف المتوسط، ما يقلّص قدرة الشركات على امتصاص ارتفاع الأسعار.
ونتيجة لذلك، تجد الشركات نفسها أمام ثلاثة خيارات صعبة: رفع الأسعار، تقليص المواصفات، أو التضحية بالهوامش الربحية.
ومن المتوقع ألا يكون التأثير متساويًا على جميع العلامات التجارية. فالشركات التي تعمل بهوامش ربح محدودة مثل شاومي وريلمي وفيفو وأوبو وترانسيون قد تضطر إلى تمرير التكاليف الإضافية مباشرة إلى المستهلكين.
في المقابل، تتمتع شركات مثل آبل وسامسونج بمرونة أكبر بفضل اتفاقيات توريد طويلة الأجل وقدرات مالية قوية، إلا أن التقرير يرجح لجوءها إلى تجميد زيادات الذاكرة في أجهزتها خلال 2026 بدلًا من تحسين المواصفات.
ماذا ينتظر المستهلكين في 2026؟
وتقدّر IDC أن تنخفض شحنات الهواتف الذكية عالميًا بين 2.9% و5.2% في 2026، في حين قد ترتفع متوسطات الأسعار بنسبة تصل إلى 8%، وهو ما قد ينعكس بشكل خاص على الأسواق الحساسة للأسعار مثل الهند، مع إطالة دورات استبدال الأجهزة وضعف الطلب.
يؤكد التقرير أن ما يحدث ليس اضطرابًا مؤقتًا، بل تحول طويل الأمد في مركز ثقل صناعة الذاكرة نحو البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وهو تحول يتطلب سنوات واستثمارات ضخمة لعكسه.
وبالنسبة للمستهلكين، يعني ذلك أن عصر تحسن المواصفات مع انخفاض الأسعار قد دخل مرحلة توقف مؤقت.
ومع اقتراب عام 2026، يبدو أن التكنولوجيا ستواصل التطور، لكن تكلفة الوصول إلى هذه التحسينات ستكون أعلى، في وقت تُعاد فيه صياغة موازين العرض والطلب داخل واحدة من أهم الصناعات في العالم.
