سباق عالمي لبناء كمبيوتر فائق في الفضاء للذكاء الاصطناعي.. ما الدولة التي ستصل أولًا؟
في سباق تكنولوجي جديد يتجاوز حدود كوكب الأرض، تتجه الأنظار إلى الصين التي تمضي قدمًا نحو بناء نوع غير مسبوق من الحواسيب العملاقة في الفضاء، في خطوة قد تُحدث تحولًا جذريًا في مستقبل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للحوسبة العالمية، وسط منافسة محتدمة مع الولايات المتحدة وشركات التكنولوجيا الكبرى.
ولم تعد المنافسة الفضائية اليوم مقتصرة على استكشاف القمر أو المريخ، بل انتقلت إلى نشر مراكز بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي في المدار الأرضي المنخفض.
وتشير المعطيات الحالية إلى أن الصين تتقدم بخطوات واضحة في هذا المسار، مع مشاريع تهدف إلى تشغيل قدرات حوسبة فائقة خارج الغلاف الجوي.
الصين وخطط الحوسبة خارج الأرض
وفي معهد تكنولوجيا الحوسبة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، يعمل باحثون على تطوير مركز بيانات فضائي يضم نحو 10 آلاف بطاقة حوسبة عالية الأداء، تمهيدًا لإطلاقه إلى المدار.
ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره نواة لأول حاسوب فائق يعمل من الفضاء، قادر على تشغيل نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة بعيدًا عن القيود التقليدية للبنية التحتية الأرضية.
وفي خطوة عملية، أطلقت الصين مؤخرًا 12 قمرًا صناعيًا إلى المدار الأرضي المنخفض ضمن تعاون بين شركة Guoxing Aerospace ومختبر Zhejiang Lab، لتشكيل أول كوكبة حوسبة فضائية.
ويعتمد هذا النظام على نموذج ذكاء اصطناعي بقوة 5 بيتا عملية في الثانية وبنحو 8 مليارات معلمة، ما يفتح الباب أمام تطبيقات تجارية مستقبلية، ويضع الأساس لبناء حاسوب عملاق مداري متكامل.
وفي المقابل، تسعى الولايات المتحدة وشركاتها العملاقة للحاق بالركب؛ إذ يعمل إيلون ماسك على تطوير أقمار Starlink لدعم مهام حوسبة الذكاء الاصطناعي، فيما تستثمر Blue Origin التابعة لجيف بيزوس في إنشاء مركز بيانات فضائي منذ أكثر من عام.
كما كشفت Google عن مشروع يعتمد على نشر وحدات حوسبة صغيرة داخل الأقمار الصناعية مع قابلية التوسع لاحقًا.
وبرزت أيضًا شركة Starcloud الناشئة، المدعومة من Nvidia، بعدما أطلقت قمرها الصناعي Starcloud-1 مزودًا بوحدة معالجة رسومية Nvidia H100 بسعة 80 جيجابايت، وهي الأقوى التي تصل إلى الفضاء حتى الآن.
وتمكنت الشركة من تدريب نموذج ذكاء اصطناعي في المدار، في سابقة تُعد الأولى من نوعها.
فوائد بيئية لبناء كمبيوترات فائقة في الفضاء للذكاء الاصطناعي
ويرى خبراء أن نقل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي إلى الفضاء قد يخفف الضغط عن موارد الأرض، إذ يسمح بالاعتماد على الطاقة الشمسية وتقليل استهلاك المياه والطاقة، إضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن مراكز البيانات التقليدية.
وتشير تقديرات أولية إلى أن مراكز البيانات المدارية قد تستهلك كهرباء أقل بعشرات المرات مقارنة بالمراكز الأرضية.
ورغم هذه الطموحات، تواجه الحوسبة الفضائية تحديات تقنية معقدة، تشمل الاهتزازات العنيفة أثناء الإطلاق، وانعدام الجاذبية، والتقلبات الحرارية، والتعرض للإشعاعات الشمسية.
ومع ذلك، يتوقع مختصون أن يصبح تشغيل حاسوب فائق متكامل في الفضاء واقعًا ملموسًا بحلول ثلاثينيات القرن الحالي.
وبين تسارع الاستثمارات وتقدم التجارب، يبقى السؤال مطروحًا: من سيكون أول من يشغّل حاسوبًا عملاقًا حقيقيًا خارج كوكب الأرض، ويقود الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي؟
