العُلا تحتفي باليوم العالمي للعربية.. صخور تروي تاريخ الحروف الأولى (فيديو)
تحتفي اليوم العُلا باليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر، لتتصدر المشهد الثقافي بوصفها شاهدًا حيًا على مسيرة تطوّر اللغة العربية.
فقد حفظت صخورها عبر آلاف السنين مراحل التعبير الإنساني من الرسوم والرموز الأولى إلى بدايات الحروف العربية، مجسِّدة سجلًا مفتوحًا لتاريخ اللغة ومسيرة تطورها.
تاريخ اللغة العربية في العُلا
تضم العُلا آلاف النقوش والكتابات الصخرية الممتدة عبر عصور متعاقبة، تُظهر انتقال الإنسان من التعبير بالرموز التصويرية التي جسّدت تفاصيل الحياة والمعتقدات اليومية، إلى مرحلة التدوين المنظّم بالحروف.
وتتنوع هذه الشواهد ما بين النقوش اللحيانية والنبطية والنماذج العربية المبكرة، التي مثّلت حلقات متصلة في رحلة تشكّل اللغة من أشكالها الأولى إلى صورتها العربية الحالية.
وتبرز هذه النقوش المكانة الحضارية للعُلا باعتبارها محطة استراتيجية على طرق القوافل القديمة بين الشمال والجنوب، حيث التقت الحضارات وتداخلت الثقافات، فوثّق الإنسان على صخورها ملامح الحياة ومظاهر الفكر والعقيدة، تاركًا إرثًا لغويًا وإنسانيًا فريدًا يعكس عمق التاريخ الثقافي للعربية.
وتحظى هذه الكنوز الأثرية بعناية متزايدة من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، التي تبذل جهودًا بحثية وميدانية لتوثيق النقوش ودراستها وحمايتها لما تحمله من قيمة علمية وثقافية عالمية.
ويُعد هذا الاهتمام امتدادًا لرؤية تهدف إلى تعزيز مكانة العُلا كمركز رئيس لدراسة اللغات القديمة وتاريخ الكتابة العربية.
من نقشٍ على الحجر تتكشّف بدايات الحروف، ومن أثرٍ تركه الإنسان تنشأ لغةٌ تُعبّر عنه وترافقه عبر الزمن وفي #العلا، حيث ما زالت الصخور تحفظ تفاصيل تلك البدايات، تمتدّ رحلة العربية من علامة بسيطة إلى لغةٍ حيّة تحمل المعرفة والهوية، وتوثّق ذاكرة الإنسان جيلاً بعد جيل.#نفخر_بها… pic.twitter.com/3hETysFVAv
— الهيئة الملكية لمحافظة العلا (@RCU_SA) December 18, 2025
وفي هذا السياق، يضطلع معهد العُلا للغات بدور محوري من خلال تعليم اللغة العربية وإطلاق برنامج "إحياء اللغات القديمة"، الذي يهدف إلى رفع الوعي بالتراث اللغوي الغني للمحافظة، وتمكين الأهالي والزوار من استكشاف التاريخ اللغوي العريق للمنطقة عبر الدورات والبرامج المتخصصة.
ويشمل البرنامج تدريس لغات قديمة ارتبطت بتاريخ العُلا مثل الآرامية، والثمودية، والدادانية، واللحيانية، والمسند الجنوبي، والنبطية، إضافة إلى ورش عمل في فنون النقش على الصخور، تجمع بين الجانب المعرفي والتطبيق العملي لربط المشاركين بتجربة الكتابة الأولى التي عرفها الإنسان على أرض العُلا.
ويمثّل هذا الزخم التراثي واللغوي أحد أعمدة الهوية الثقافية للعُلا، ويؤكد ارتباط اللغة العربية بجذورها التاريخية العميقة وبفضاءاتها الحضارية الأولى.
ويأتي هذا الإرث متزامنًا مع اليوم العالمي للغة العربية ليجدد الاعتزاز بعراقة اللغة وأصالتها، ويبرز دور العُلا كموقعٍ استثنائي يوثق رحلة الكتابة والتعبير من الرموز الأولى إلى الحروف التي خطّت بها العربية سجلاتها الخالدة.
