براءة اختراع جديدة من فيراري تُحدث ثورة في تصميم المحركات
كشفت شركة فيراري عن توجه هندسي غير مسبوق، قد يعيد رسم مستقبل محركات الاحتراق الداخلي، بعد تسجيلها براءة اختراع لتصميم مكابس بيضاوية الشكل، بدلًا من المكابس الدائرية التقليدية، في خطوة تهدف إلى تقليص حجم المحركات، وتحسين كفاءتها، ورفع مستويات الأداء في الجيل القادم من المحركات العاملة بالوقود.
ووفقًا لبراءة اختراع أوروبية نشرتها فيراري، تعتمد الفكرة على مكابس ذات شكل يُعرف هندسيًا باسم «شكل الملعب» أو «الشكل الكبسولي»، أي مستطيل بنهايتين نصف دائريتين، بدل الشكل الأسطواني المألوف.
ويعكس هذا التوجه، بحسب مراقبين، جدية فيراري في إعادة التفكير في البنية الأساسية لمحركات البنزين، بدل الاكتفاء بتعديلات محدودة على التصاميم التقليدية.
منذ ظهور محركات الاحتراق الداخلي، ظلت المكابس دائرية الشكل، ليس لأنها الخيار الأمثل من حيث الأداء، بل لأنها كانت الأسهل تصنيعًا والأقل تكلفة باستخدام تقنيات الماضي، ورغم التطور الهائل في تقنيات التصنيع والهندسة الدقيقة، لم يشهد تصميم المكابس تغييرًا جذريًا حتى الآن.
كيف تغيّر المكابس البيضاوية قواعد اللعبة؟
تكمن الفكرة الأساسية في طريقة توجيه المكبس داخل المحرك، إذ توضح براءة الاختراع أن الجانب الطويل للمكبس البيضاوي يكون عموديًا على عمود المرفق (الكرنك)، بينما يمتد الجانب الأقصر بمحاذاته، ويسمح هذا الترتيب بتقليص طول المحرك بشكل ملحوظ من الأمام إلى الخلف.
وتكتسب هذه النقطة أهمية كبيرة في المحركات متعددة الأسطوانات، مثل محركات V12 الشهيرة لدى فيراري، التي تتطلب طولًا كبيرًا لاستيعاب عدد الأسطوانات باستخدام المكابس الدائرية.
أما مع المكابس البيضاوية، فيمكن ضغط المحرك ضمن مساحة أصغر، مع الحفاظ على السعة اللترية نفسها وعدد الأسطوانات ذاته، وربما دمجه بسهولة أكبر مع أنظمة هجينة مستقبلية.
كما تشير البراءة إلى إمكانية استخدام أذرع توصيل مشتركة، عبر نظام متعدد الوصلات بين مكابس الضفتين، ما يسهم في تقليل الحجم الكلي للمحرك بشكل أكبر.
وليست فيراري أول شركة تفكر في المكابس البيضاوية؛ فقد سبقتها هوندا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عبر محركها الشهير NR500 للدراجات النارية، إلا أن هوندا اعتمدت توجيهًا مختلفًا للمكبس، مع تعقيدات كبيرة في تصنيع حلقات المكبس وإحكام غرفة الاحتراق، ما أدى إلى مشاكل في الاعتمادية عند السرعات العالية.
فوائد المكابس البيضاوية تتجاوز تقليص الحجم
لا تقتصر مكاسب المكابس البيضاوية على تقليل الأبعاد فقط، إذ تشير التقديرات إلى إمكانية خفض الفاقد الاحتكاكي، وتحسين كفاءة الاحتراق، وإدارة الحرارة بشكل أفضل.
كما يسمح السطح الأكبر للمكبس بزيادة مساحة الصمامات، ما يساعد المحرك على «التنفس» بكفاءة أعلى.
في المقابل، تبقى التحديات حاضرة، وعلى رأسها تعقيد التصنيع وارتفاع التكلفة، إذ يُعد الانتقال إلى هذا التصميم بمثابة إعادة اختراع كاملة لأحد أهم مكونات المحرك.
وفي حين لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه البراءة ستتحول إلى محرك إنتاجي فعلي، فإن مجرد تسجيلها يؤكد أن فيراري تواصل البحث عن حلول جذرية لإطالة عمر محركات الاحتراق الداخلي، وهو خبر يبعث على التفاؤل لعشاق السيارات الرياضية في عصر يتجه سريعًا نحو الكهرباء.
