تحت مياه قيرغيزستان.. ظهور بقايا المدينة الغارقة التي أذهلت العلماء
عثر فريق بحثي من الأكاديمية الروسية للعلوم على بقايا مدينة غارقة يُعتقد أنها أتلانتس الأسطورية، مدفونة تحت مياه بحيرة إيسيك كول في قيرغيزستان، في اكتشاف علمي استثنائي يرى فيه الخبراء أحد أهم الاكتشافات الأثرية في آسيا الوسطى، لما يحمله من احتمالات لإعادة كتابة تاريخ الحضارات القديمة في المنطقة.
وتوقع البحيرة المالحة الضخمة على ارتفاع يزيد على 1600 متر فوق سطح البحر وتصل أعماقها إلى نحو 668 مترًا، مما يجعلها ثامن أعمق بحيرة في العالم.
ورغم عمقها الكبير، فإن الآثار المكتشفة تقع على أعماق ضحلة للغاية تراوحت بين متر إلى أربعة أمتار عن السطح، وفق تقارير الأكاديمية الروسية والجمعية الجغرافية الروسية التي موّلت البعثة.
اقرأ أيضًا: بحيرات تتمتع بجمال ساحر أكبر بحيرات العالم
الأبحاث الميدانية بيّنت وجود مجمع معماري واسع يُعتقد أنه كان مركزًا تجاريًا ضخمًا خلال العصور الوسطى، على امتداد طريق الحرير التاريخي الذي ربط الصين بأوروبا.
ووفقًا لرئيس البعثة فاليري كولتشينكو، الباحث في الأكاديمية الوطنية للعلوم في قيرغيزستان، كانت المدينة تحتوي على مساجد ومدارس دينية وحمّامات عامة وربما مطاحن للحبوب، مما يؤكد ازدهارها الاقتصادي والثقافي.
وفي المنطقة الشمالية الغربية من البحيرة، عند موقع تورو-أيغير، أجرى علماء الآثار مسحًا لعدة مناطق مغمورة، من بينها أربع مناطق رئيسية قريبة من الشاطئ.
وفي المنطقة الأولى، عُثر على هياكل مصنوعة من الطوب المحروق وأخرى حجرية منهارة، إلى جانب رحى ضخمة كانت تُستخدم لطحن الحبوب، وأعمدة خشبية متآكلة بفعل الزمن.
اكتشافات أثرية في آسيا الوسطى
في المناطق الثلاث الأخرى، كشفت الحفريات عن بقايا مقبرة إسلامية تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، وهياكل طينية دائرية ومستطيلة متنوعة.
ووفق الباحثين، فإن وضعية الهياكل العظمية المكتشفة، وُجهت فيها الوجوه نحو القبلة بما يتوافق مع الطقوس الإسلامية، ما يدل على أن المستوطنة كانت مأهولة بمسلمين وأحكامها المعيشية كانت متأثرة بالحضارة الإسلامية.
وتعمل الفرق العلمية حاليًا على تحليل العينات التي جُمعت باستخدام تقنية قياس الطيف الكتلي المتقدمة لتحديد عمر المواد العضوية بدقة عالية، تمهيدًا لتأريخ المراحل الزمنية لتطور المدينة قبل غرقها.
وفقًا لكولتشينكو، دُمّرت المدينة في القرن الخامس عشر بفعل زلزال هائل أدى إلى غرقها جزئيًا تحت البحيرة، في حادثة شبهها العلماء بكارثة بومبي الإيطالية.
وأضاف أن السكان غادروا الموقع قبل الكارثة، لكن الدمار الكامل للمنطقة تسبب في اختفاء حضارتها المزدهرة وترك فراغ سكاني كبير أعقبه ظهور المجتمعات الرُّحّل التي استوطنت المنطقة لاحقًا.
ويُعتقد أن التغيرات الجيولوجية في قاع البحيرة وارتفاع منسوب المياه عبر القرون ساهمت أيضًا في غمر أطراف المدينة، لتتحول مستوطنة نابضة بالحياة كانت مركزًا للتجارة والعلم إلى موقع أثري مغمور يحمل أسرار التاريخ القديم لآسيا الوسطى.
اليوم، تحيط بحيرة إيسيك كول بسلسلة جبال تيان شان المهيبة، فيما تبدو مياهها الزرقاء الخلابة من الفضاء وكأنها فوهة سماوية ضخمة تخفي أسفلها ذاكرة مدينة غارقة تشبه أتلانتس الأسطورية.
ويأمل الباحثون أن تسهم مواصلة التنقيب في الكشف عن تفاصيل أكثر حول الحياة اليومية لسكانها وصلاتها الثقافية والتجارية ببقية مدن العالم القديم.
