لماذا يخسر المدراء أفضل الموظفين في المقابلات؟
في حديثه خلال منتدى الأعمال العالمي WOBI بمدينة نيويورك بتاريخ 5 نوفمبر، كشف آدم غرانت، عالم النفس التنظيمي والأستاذ في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، عن خلل شائع في أساليب التوظيف التقليدية قد يؤدي إلى استبعاد مرشحين مميزين دون قصد.
غرانت، الذي يُعد من أبرز المؤلفين في مجال الإدارة والسلوك التنظيمي، أشار إلى أن المقابلات التي تعتمد على سرد المرشح لمهاراته بدلًا من إظهارها عمليًا، قد تكون السبب في "تفويت جواهر غير مصقولة".
وأوضح أن الأداء الحقيقي لا يُقاس من المقابلة الأولى، بل من مدى التطور الذي يظهره المرشح بين المقابلة الأولى والثانية. لكن نظرًا لأن فرق التوظيف لا تمتلك دائمًا الوقت لإجراء مقابلة ثانية،
يقترح غرانت بديلًا عمليًا: إيقاف المقابلة مؤقتًا لتقديم ملاحظات للمرشح، ثم مراقبة استجابته لها، إلى جانب تكليفه بمهمة واقعية من صميم الوظيفة. ويقول غرانت: "إذا استطعت أن ترى كيف يتعامل مع تحدٍ حقيقي، فستكتشف قدرته على التعلم والتحسن، وهذا أهم من الانطباع الأول".
أخطاء التقييم في مقابلات التوظيف
شارك غرانت تجربة شخصية من حياته المهنية قبل أن يصبح عالمًا في السلوك التنظيمي، حين كان يقود فريقًا إعلانيًا ويبحث عن موظف مبيعات. أحد المرشحين بدا غير مناسب تمامًا، خاصة أنه لم يُجرِ أي تواصل بصري خلال المقابلة التي استمرت 45 دقيقة. غرانت استبعده فورًا، لكنه فوجئ برد رئيس الشركة الذي قال له: "أنت تدرك أن هذه وظيفة مبيعات هاتفية، أليس كذلك؟ لا يوجد تواصل بصري في هذه الوظيفة".
حينها أدرك غرانت أنه كان يحكم على المرشح بناءً على انطباعات سطحية، دون مراعاة طبيعة الوظيفة أو الفروق الفردية مثل التنوع العصبي. وقال: "كنت أبحث عن تأكيد لاعتقادي بأنه غير مناسب، ولم أكن أقيّم إمكاناته الفعلية"، مضيفًا أنه بعد تلك الحادثة قرر إعادة النظر في عملية التوظيف بالكامل.
الاختبارات العملية في مقابلات التوظيف
في محاولة لتصحيح المسار، قرر غرانت إعادة جميع المرشحين وطلب منهم أداء مهمة بسيطة: بيع تفاحة فاسدة. اختار هذا التحدي لأنه مألوف للجميع ويُظهر القدرة على الإقناع في ظروف غير مثالية. المرشح الذي استُبعد سابقًا قدّم عرضًا مدهشًا، وقال: "هذه ليست تفاحة فاسدة، بل تفاحة عتيقة غنية بالعناصر الغذائية. تأكل واحدة أسبوعيًا وتزرع بذورها في حديقتك".
ورغم أن غرانت مازحًا أبدى شكوكًا حول "الصدق والنزاهة"، إلا أنه وظّف المرشح، الذي أصبح لاحقًا أفضل بائع في الفريق.
واختتم غرانت بقوله: "ما تعلمته من هذه التجربة هو أنني كنت بحاجة لرؤية المرشح في موقف عملي، ومنحه فرصة ثانية. هذا هو السبيل الحقيقي لاكتشاف الإمكانات".
