رحلات ما بين الوعي والعدم.. العلم يفسر ما يحدث لحظة الموت
كشف فريق من العلماء عن نتائج جديدة تسلط الضوء على ما يختبره الإنسان في لحظاته الأخيرة، بعد أن بيّنت دراسة حديثة شهادات نادرة لأشخاص عاشوا تجربة الاقتراب من الموت وعادوا منها بروايات مدهشة تكشف تعقيد ما يحدث للعقل عند حدود الحياة.
أجرى باحثون في معهد العلوم الرياضية والتطبيقات في بكين مقابلات مع 48 شخصًا خاضوا تجارب «الاقتراب من الموت»، وكشفت نتائج الدراسة عن تباين كبير في رواياتهم بين مشاهد ذات طابع روحي وأخرى أقرب إلى الخيال العلمي، ما يرجّح أن هذه الظاهرة تمثل تفاعلاً معقدًا بين نشاط الدماغ وإدراك الإنسان في اللحظات الفاصلة بين الحياة والموت.
وصف بعض المشاركين مشاهد ذات طابع ديني وروحاني، إذ تحدث أحدهم عن «درج حجري يصعد نحو ضوء ساطع في الأعلى»، فيما أشار آخر إلى أنه رأى «نورًا قويًا يغمر الأفق ويبعث شعورًا بالسكينة».
اقرأ أيضا: إيطالي ينهض من الموت بعد نصف ساعة على وفاته (ما قصته؟)
وذكر آخرون أنهم التقوا بملائكة أو بأقارب متوفين، بينما تحدّث البعض عن مشاهد غير مألوفة تمامًا؛ مثل المرور عبر ثقوب سوداء أو رؤية مصفوفات كونية تمتد في أبعاد متعددة.
وفي روايات أخرى، تحدّث مشاركون عن شعورهم بأنهم أصبحوا «جزءًا من الضوء»، أو أنهم «اندمجوا في فقاعة مضيئة لا نهاية لها».
وتُظهر هذه المشاهد، وفق الباحثين، أن كل تجربة من تجارب الاقتراب من الموت تختلف عن الأخرى، حتى بين الأشخاص ذوي الخلفيات الثقافية أو الدينية المتشابهة.
كيف يصنع الدماغ مشاهد الموت؟
أوضح فريق البحث أن تجارب الاقتراب من الموت يمكن تصنيفها إلى أربعة أنماط بصرية رئيسة، تبدأ بما يُعرف بـ«الرؤية المخروطية» الناتجة عن تراجع تدفق الدم إلى الدماغ، وهي ما يصفه كثيرون بظاهرة «النفق المضيء».
ومع تدهور الوعي، تتسع الرؤية تدريجيًا لتتحول إلى مشاهد بيضاوية أو محيطية، وصولًا إلى ما يُسمى بـ«المجال الكامل» الذي يملأ الإدراك تمامًا.
وترى الدراسة أن هذه المشاهد لا تمثل بالضرورة تجربة روحية، بل هي استجابة عصبية لانفصال الإشارات البصرية والحسية في الدماغ عندما تبدأ وظائفه الحيوية بالانهيار.
وذكرت الدكتورة فرانس ليرنر، الباحثة الرئيسة في الدراسة، أن الخلفية الثقافية والدينية لكل فرد تؤثر في طبيعة التجربة، موضحة أن بعض المشاركين سمعوا تلاوات دينية، بينما شاهد آخرون رموزًا روحانية أو أضواءً لامعة خالية من أي مضمون عقائدي.
وأضافت أن هذه النتائج لا تشير إلى وجود «روح منفصلة»، لكنها تبرز قدرة الدماغ على إعادة تشكيل الوعي الإنساني عند اقتراب الموت، مستندًا إلى مزيج من الذاكرة، والخبرة الثقافية، والعواطف العميقة.
وشدّد العلماء على أن تجارب الاقتراب من الموت ما تزال لغزًا معقدًا يستدعي مزيدًا من الدراسة، كونها تمسّ التقاء العلم بالوعي الإنساني في أكثر لحظاته غموضًا.
