بين الحريات والرقابة.. قرار OpenAI بشأن محتوى البالغين يُثير تساؤلات
أشعل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، جدلًا عالميًا، بعد إعلانه أن تطبيق ChatGPT سيُتيح قريبًا إنشاء محتوى إباحي للمستخدمين البالغين الذين تم التحقق من أعمارهم.
الخطوة، التي وصفها ألتمان بأنها تهدف إلى "معاملة المستخدمين البالغين كبالغين"، تأتي في وقت تواجه فيه الشركة تدقيقًا متزايدًا بشأن سلامة منتجاتها وتأثيرها النفسي، بعد تقارير عن حالات "ذهان الذكاء الاصطناعي" بين المستخدمين المفرطين في الاعتماد على الروبوتات الذكية.
تأتي هذه الخطوة في ظل تنامي الطلب على روبوتات الدردشة ذات الطابع الرومانسي أو الجنسي، وهي سوق بدأت شركات مثل xAI التابعة لإيلون ماسك في استهدافها منذ بداية العام.
وأشارت دراسة لمجلة هارفارد بيزنس ريفيو، شملت 6000 مستخدم منتظم، إلى أن "الرفقة والعلاج" هما أكثر الاستخدامات شيوعًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بينما وجدت شركة Ark Invest أن منصات الذكاء الاصطناعي الموجهة للبالغين استحوذت على 14.5% من السوق العام الماضي، مقارنة بـ1.5% فقط في العام الذي سبقه.
كما أطلقت xAI مؤخرًا ما يُعرف بـ"وضع المرافق" في روبوت الدردشة Grok، الذي يتيح للمستخدمين التفاعل مع شخصيات افتراضية متنوعة، بينها شخصية أنمي ذات طابع جنسي تُدعى "Ani".

وبينما رحّب بعض المستخدمين بهذه الخطوة بوصفها توسيعًا للحريات الرقمية، أعرب آخرون عن قلقهم من احتمالية وصول القُصّر إلى هذا النوع من المحتوى رغم أنظمة التحقق.
وقالت جيني كيم، الشريكة في شركة المحاماة Boies Schiller Flexner، إن OpenAI "تستخدم الناس كفئران تجارب"، متسائلة عن فعالية أنظمة الحماية المزعومة.
وفي المقابل، أكدت الشركة أنها تطور نظامًا متقدمًا للتنبؤ بالعمر يمكنه تحديد ما إذا كان المستخدم فوق 18 عامًا، مضيفة أن النظام سيُقيّد تجربة المستخدمين غير المتحقق من أعمارهم تلقائيًا.
تحديات سام وإطلاق GPT-5
وأثار القرار ردود فعل من مشرّعين أمريكيين وهيئات رقابية، بينهم لجنة التجارة الفيدرالية التي فتحت تحقيقًا حول كيفية تفاعل روبوتات الدردشة مع القاصرين، كما دعا عدد من الولايات الأمريكية إلى تشديد القواعد الخاصة بالمحتوى الجنسي المولّد بالذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضا: كيف يرى سام ألتمان تأثير الذكاء الاصطناعي على ريادة الأعمال؟
من جانبه، دافع ألتمان عن القرار قائلاً: "لسنا الشرطة الأخلاقية المنتخبة للعالم. سنواصل حماية المراهقين، لكن سنمنح البالغين حرية الاستخدام الكاملة".
يتزامن الإعلان مع جدل آخر حول استبدال نموذج GPT-4o بنموذج GPT-5، ما أثار احتجاجات من المستخدمين الذين قالوا إنهم فقدوا "العلاقات العاطفية" التي ربطتهم بالنموذج السابق، وأطلقت حملة عبر Change.org طالبت بالإبقاء على GPT-4o، وجمعت أكثر من 6 آلاف توقيع خلال أيام.
ويرى محللون أن إعلان OpenAI حول المحتوى للبالغين قد يكون محاولة لطمأنة قاعدة المستخدمين الذين يرغبون في تفاعل أكثر حرية مع ChatGPT، مع الحفاظ في الوقت نفسه على رقابة جزئية.
وفي تعليق أخير، قال ألتمان إن الشركة لن تتراجع عن التزاماتها تجاه السلامة الرقمية، لكنها ستواصل تطوير تجربة "أكثر نضجًا" للبالغين.
وبينما يرى البعض أن OpenAI تخاطر بسمعتها في سبيل جذب أسواق جديدة، يؤكد آخرون أن هذه الخطوة تمثل بداية حقبة جديدة من “الذكاء الاصطناعي التفاعلي الواقعي”، حيث تتداخل الحرية الرقمية مع أسئلة الأخلاق والمسؤولية المجتمعية.
