دراسة جديدة تظهر مدى التباعد الحقيقي بين الجيل Z ورؤسائهم
أظهرت دراسة حديثة أجرتها سوزي ويلش، أستاذة كلية ستيرن للأعمال في جامعة نيويورك، وجود فجوة كبيرة بين جيل Z ومديري التوظيف في ما يتعلق بالقيم الأساسية التي تحدد النجاح والعمل.
الدراسة التي شملت أكثر من 45 ألف مشارك في الولايات المتحدة، بينهم 7,500 من جيل Z، كشفت أن أولويات الجيل الجديد تختلف جذريًا عن تلك التي يعتمدها أرباب العمل.
بحسب الدراسة، يضع أصحاب العمل النجاح المعترف به اجتماعيًا في المرتبة الأولى، بينما يأتي في المرتبة الحادية عشرة لدى جيل Z، الذي يُفضل قيم الرفاهية الشخصية، والعناية الذاتية، والمتعة في العمل.
كما صنف أصحاب العمل “التحفيز المهني والعمل الدؤوب” في المرتبتين الثانية والثالثة، في حين اعتبرها جيل Z أقل أهمية، مانحًا الأولوية لـ التعبير عن الذات والمساهمة المجتمعية.
اقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي ليس السبب! جيل Z يواجه أزمة توظيف حقيقية
توضح ويلش أن هذا التباين يعكس اختلافًا في النظرة إلى معنى “النجاح”. فبالنسبة للمديرين التقليديين، يرتبط النجاح بالإنجاز والمكانة، أما بالنسبة لجيل Z، فهو تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وعدم التضحية بالصحة النفسية أو المتعة في سبيل الترقي المهني.
الفرق بين جيل Z ومدرائه
خلصت الدراسة إلى أن 2% فقط من جيل Z يتشاركون القيم نفسها مع مديري التوظيف، وهي نسبة ضئيلة تفسر سبب التوتر المتزايد بين الجيل الجديد وأصحاب العمل.
وتقول ويلش: “نحن أمام مفترق طرق. يمتلك جيل Z منظومة قيم جديدة بالكامل، بينما ما زال أصحاب العمل متمسكين بمعايير القرن الماضي.”
وتضيف أن جذور هذا التباين تعود إلى التحولات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية التي شكّلت وعي جيل Z، بدءًا من أزمات الجائحة إلى صعود الذكاء الاصطناعي وتقلبات الاقتصاد.
فقد نشأ هذا الجيل في بيئة فقد فيها كثيرون وظائفهم، ما جعله يبحث عن الاستقرار النفسي قبل المالي، في حين يرى أرباب العمل أن “الاجتهاد والانضباط” هما السبيل الوحيد للحفاظ على الربحية.
تأتي هذه الفجوة في وقت يواجه فيه جيل Z صعوبات متزايدة في العثور على وظائف. فبحسب بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بلغ معدل البطالة بين خريجي الجامعات الجدد 4.8%، مقابل 4% لجميع العمال.
كما ساهمت ظاهرة “التمسك بالوظائف”، حيث يرفض العاملون الأكبر سنًا ترك مناصبهم، في تضييق فرص الجيل الجديد، بحسب وزارة العمل الأمريكية.
من جانب آخر، يعاني أصحاب الشركات من نقص في الكفاءات المتوافقة ثقافيًا مع متطلبات العمل.
وتوضح ويلش أن "غياب التواصل الصريح بين الجانبين" يعمّق سوء الفهم — فجيل Z يتوقع نموًا سريعًا وترقيات مبكرة، بينما يعتمد المديرون على معايير زمنية أكثر صرامة.
كيف يمكن سد الفجوة بين جيل Z ومدرائه؟
يقول جيريمي شيفيلينج، مستشار التوظيف في وادي السيليكون، إن الحل يبدأ من المقابلات نفسها: “بدلاً من الحديث عن الذات، على المتقدمين من جيل Z أن يُظهروا كيف يمكنهم تحقيق أهداف الشركة. فذلك يُعيد بناء الثقة بين الجيلين.”
من جانبهم، يرى الخبراء أن أرباب العمل بحاجة أيضًا إلى التكيف مع واقع القوى العاملة الجديدة، سواء عبر تعديل معايير الأداء أو إدماج قيم الرفاهية والتوازن في ثقافة العمل المؤسسية.
تحذر ويلش من التمسك بالماضي قائلة: “لا يمكنك توظيف 98% من جيل Z ثم فرض قيمك القديمة عليهم وتتساءل لماذا يشعر الجميع بعدم الرضا.”
وبينما يستمر الجدل حول “الجيل الأكثر صعوبة في الإدارة”، يرى الباحثون أن هذه الخلافات ليست مجرد صراع أجيال، بل مرحلة انتقالية تعيد تعريف معنى العمل ذاته في عصرٍ يتغير فيه كل شيء — من أدوات الإنتاج إلى مفهوم النجاح.
