من الأزهر إلى هيئة العلماء.. محطات مضيئة في حياة أحمد عمر هاشم
أعلنت الصفحة الرسمية للإمام الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، صباح الثلاثاء، وفاته فجر اليوم عن عمر يناهز 84 عامًا، بعد رحلة طويلة من العطاء العلمي والدعوي.
وجاء في بيان النعي المنشور على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”:“بقلوب يملؤها الإيمان والرضا بقضاء الله، ننعى إلى العالم العربي والإسلامي وأحبائه وتلاميذه وفاة فقيدنا الحبيب الإمام الشريف الدكتور أحمد عمر هاشم، نسأل الله أن يبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وأن يجعل الجنة مثواه.”
أقرأ أيضًا: وفاة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله
وأوضح البيان أن صلاة الجنازة ستُقام عقب صلاة الظهر اليوم في الجامع الأزهر الشريف، على أن يُشيّع الجثمان إلى مدافن العائلة في الساحة الهاشمية بقرية بني عامر مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية عقب صلاة العصر.
نشأة وسيرة أحمد عمر هاشم
وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم في 6 فبراير عام 1941 بقرية بني عامر التابعة لمحافظة الشرقية، وتلقى تعليمه في الأزهر الشريف حتى تخرج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1961، وحصل على الإجازة العالمية عام 1967، واصل دراساته العليا ليحصل على الماجستير في الحديث وعلومه عام 1969، ثم الدكتوراه في التخصص نفسه، قبل أن يُعين معيدًا بقسم الحديث بكلية أصول الدين، ويتدرج في السلك الأكاديمي حتى أصبح أستاذ الحديث وعلومه عام 1983.
وفي عام 1987 تولى عمادة كلية أصول الدين بالزقازيق، ثم شغل منصب رئيس جامعة الأزهر عام 1995، ليصبح أحد أبرز القيادات الأكاديمية في تاريخ الجامعة.
جمع الدكتور أحمد عمر هاشم بين الخطاب الدعوي الوسطي والإدارة الأكاديمية، وكان من الأصوات الأزهرية التي تمثل الاعتدال والتوازن في مواجهة التيارات المتشددة.
المناصب العلمية والقيادية
على مدى مسيرته، تولى الدكتور أحمد عمر هاشم العديد من المناصب الدينية والعلمية والإدارية، أبرزها:
عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
عضو مجمع البحوث الإسلامية منذ عام 1990.
رئيس جامعة الأزهر الشريف (1995-2003).
رئيس قسم الحديث وعلومه بجامعة الأزهر.
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
عضو المجلس الأعلى للثقافة والمجالس القومية المتخصصة.
عضو مجلس الشعب ومجلس الشورى المصري بالتعيين الجمهوري لعدة دورات.
رئيس لجنة البرامج الدينية بالتلفزيون المصري.
عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
رئيس المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية.
كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1992، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرًا لإسهاماته في خدمة الفكر الإسلامي.
مؤلفات وإسهامات فكرية خالدة
ترك الدكتور أحمد عمر هاشم إرثًا علميًا ضخمًا يضم أكثر من 100 مؤلف في علوم الحديث والسيرة والتفسير والدعوة، تُدرّس في جامعات ومعاهد إسلامية داخل مصر وخارجها. ومن أبرز مؤلفاته:
السنة النبوية وعلومها
قواعد أصول الحديث
فيض الباري في شرح صحيح البخاري (15 جزءًا)
في رياض السيرة النبوية
الدفاع عن الحديث النبوي
وسطية الإسلام
الإسلام ومكارم الأخلاق
الأمن في الإسلام
منهج الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق
من الشمائل النبوية
قصص السنة
ديوان شعر: نسمات إيمانية
الإسلام والشباب
الإسراء والمعراج
رمضان والصيام
الإسلام وبناء الشخصية
الدعوة الإسلامية: منهجها ومعالمها
فيض النبوة
مكانة الحرمين الشريفين
كما ساهم في تحقيق عدد من أمهات الكتب الإسلامية مثل:
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي (جزآن)
الكفاية للخطيب البغدادي
فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي (خمسة أجزاء)
مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي
كتاب العلم للإمام الغزالي (تحقيق)
نشاطه الأكاديمي والدولي
لم تقتصر مسيرة الدكتور أحمد عمر هاشم على المجال المحلي، بل مثّل الأزهر الشريف في عشرات المؤتمرات والمنتديات الفكرية حول العالم.
شارك في مؤتمرات الفكر الإسلامي في الجزائر، باكستان، السعودية، الكويت، الأردن، وألمانيا، وكان له حضور بارز في مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي بروما، ومؤتمر الإسلام والغرب بباريس الذي ترأس جلساته عام 1989.
اقرا أيضًا: خطوات تسجيل الأسرة في حساب المواطن بعد وفاة العائل
كما مثّل الأزهر في توقيع اتفاقيات تعاون أكاديمي مع جامعات في ماليزيا والإمارات، وألقى محاضرات في الولايات المتحدة بدعوة من الكونغرس الأمريكي.
وشارك في مناقشة أكثر من 200 رسالة ماجستير ودكتوراه، وكان أستاذًا زائرًا بجامعة أم درمان الإسلامية وجامعة مكة المكرمة في السبعينات والثمانينات.
عُرف الدكتور أحمد عمر هاشم بخطابه الديني الهادئ الذي جمع بين التحليل العلمي للنصوص الشرعية والرؤية الواقعية للمجتمع، فكان أحد أبرز دعاة الوسطية الأزهرية في مواجهة الغلو والانغلاق الفكري.
كما ارتبط اسمه ببرامج التلفزيون والإذاعة المصرية التي تناولت قضايا العقيدة والحديث النبوي والأخلاق الإسلامية، وكان يُعدّ من أبرز وجوه الخطاب الديني في الإعلام الرسمي لعقود.
وبرحيله، يفقد الأزهر الشريف والعالم الإسلامي أحد أبرز علمائه الذين جمعوا بين العلم الراسخ والمنهج الوسطي المعتدل، تاركًا خلفه مكتبة فكرية غنية ستظل مرجعًا للأجيال القادمة من العلماء والباحثين.
