دراسة تكشف أصول صينية لتمثال أسد البندقية
بالتزامن مع انطلاق مهرجان البندقية، كشفت دراسة حديثة أن تمثال أسد البندقية الشهير، الذي يتربع على عمود سان ماركو في ساحة المدينة منذ أكثر من سبعة قرون، لم يكن صناعة محلية كما اعتُقد طويلًا، بل جاء من آسيا، وتحديدًا من الصين، على بُعد نحو ستة آلاف ميل.
التحليل الذي اعتمد على فحص نظائر الرصاص في التمثال أثبت أن النحاس المستخدم في سبكه جرى استخراجه من حوض نهر اليانغتسي في الصين، ما يفتح بابًا جديدًا لفهم العلاقات التجارية والثقافية في العصور الوسطى.
تمثال عاجي عمره ألف عام يغير صورتنا عن الفايكنغ
أصول رمز فينيسيا
الأسد المجنح، رمز القوة السياسية لجمهورية البندقية، والذي يظهر حتى على علمها التاريخي، كان يُعتقد أنه مستوحى من تماثيل بلاد ما بين النهرين وفارس القديمة.
إلا أن الدراسة أوضحت أن تصميمه أقرب بكثير إلى تماثيل (zhènmùshòu) من عهد أسرة تانغ الصينية، حيث تشير الفحوص إلى أن التمثال كان يحمل قرونًا وأن أذنيه عُدلت لاحقًا، ما يعزز فرضية أنه خضع لتغييرات ليتناسب مع صورة "الأسد المجنح" التي أرادها الفينيسيون.
ورغم غياب الوثائق المكتوبة حول أصل التمثال أو وقت وصوله إلى فينيسيا، رجّح الباحثون أن يكون قد نُقل من مدينة خانبالق (بكين حاليًا) على يد نيكولو بولو والد المستكشف ماركو بولو أو عمّه مافيو، اللذين زارا البلاط المغولي عام 1262.
ووفق هذه الرواية، قد يكون التمثال شق طريقه حتى وصل إلى البندقية، ليعاد تشكيله ويثبت لاحقًا فوق عمود سان ماركو.
تمثال Giacometti يفشل في العثور على مشترٍ بسعر 70 مليون دولار
تشير السجلات التاريخية إلى أن أول ذكر موثق لتمثال الأسد كان في عام 1293، حيث أُشير وقتها إلى أنه كان بحاجة إلى ترميم، ما يعني أنه وُجد في مكانه بالفعل في ذلك التاريخ.
هذه المعلومة تضيف مزيدًا من الغموض حول الفترة التي دخل فيها التمثال إلى المدينة وكيفية تثبيته كأيقونة بارزة.
الدراسة المنشورة في مجلة Antiquity تؤكد أن "تحليل نظائر الرصاص في البرونز يثبت الأصل الصيني للتمثال"، وأن "اللوجستيات وراء نقله إلى فينيسيا ما تزال غامضة".
لكن الباحثين يرون أن وجود التمثال في المدينة لم يعد مجرد رمز سياسي دفاعي، بل أصبح شاهدًا على ترابط العالم في العصور الوسطى عبر التجارة والثقافة.
بهذا الاكتشاف، يتحول أسد البندقية من مجرد رمز محلي للقوة إلى دليل تاريخي على أن العولمة لم تكن حكرًا على العصر الحديث، بل كانت حاضرة منذ قرون عبر طرق التجارة التي ربطت أوروبا بآسيا.
