الفخامة المسؤولة: نهج جديد للموضة المستدامة في المنطقة العربيّة
مع تزايد الوعي العالمي، والعربي على وجه الخصوص، بالمخاطر البيئية التي تسبّبها صناعة الموضة، بدأت المنطقة العربية في تبنّي ثقافة الموضة المستدامة من خلال خطوات صغيرة لكنها هادفة، تجمع بين الفخامة والمسؤولية البيئية. هذه المبادرات تؤكد أن العودة إلى الطبيعة لم تعد خيارًا فحسب، بل أصبحت ضرورة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، لتشكّل أسلوب حياة يجمع بين الأناقة والاستدامة الأخلاقية.
خطوات عربية نحو موضة أكثر استدامة
خلال السنوات الماضية، شهد العالم العربي تزايدًا في المبادرات الخاصة بـ الموضة المستدامة، التي تركز على دعم البيئة وتعزيز إعادة الاستخدام، بأساليب تبدو بسيطة لكنها تؤثر بعمق مع مرور الوقت، كما يفعل العشب الذي يجد مكانه بين الصخور الصلبة.
ومن أحدث الأمثلة على ذلك، قمة Fashion Futures التي أُقيمت في فبراير 2025، حيث ناقش خبراء الموضة أهمية الجودة في الملابس، وضرورة إعادة استخدام المنتجات الفاخرة، كما تناول المؤتمر دور قطاع التجزئة في تبنّي نماذج عمل أكثر استدامة وحرصًا على البيئة.
ولا يقتصر اهتمام الموضة المستدامة على العلامات الكبرى فحسب، بل بدأت العلامات الصغيرة في الشرق الأوسط تسلك هذا النهج بثقة وإبداع. من أبرز هذه العلامات، UP-Fuse المصرية، التي أثارت الانتباه من خلال إعادة تدوير البلاستيك – أحد أهم مصادر التلوث – وتحويله إلى منتجات مبتكرة تشمل الحقائب، الملابس، الإكسسوارات المتنوعة، وحتى الأحذية. بهذه الطريقة، تُثبت UP-Fuse أن الأناقة والفخامة يمكن أن تتوافقا مع احترام البيئة، لتصبح مثالًا حيًا على قدرة التصميم المبتكر على دمج المسؤولية البيئية مع الموضة العصرية.
ولا تُعدّ هذه الفكرة جديدة من نوعها. إليكم في الآتي جولة للتعرّف إلى علامات أخرى، سواء الفاخرة أو التقليدية، التي تسعى من خلال تصاميمها ومبادراتها إلى المزج بين الأناقة والمسؤولية البيئية، لتُثبت أن الفخامة يمكن أن تكون مستدامة وواعية في آن.
علامات رائدة جمعت بين الموضة والوعي البيئي
المصمم Roni Helou
واحدة من أبرز مبادرات الاستدامة في عالم الموضة العربية تأتي من المصمم روني حلو (Roni Helou)، الذي كرّس علامته لاستخدام أقمشة الـ Deadstock أو الأقمشة القديمة في تصاميمه، متجنّبًا الاعتماد على أي نوع آخر من القماش. ولا يقتصر التوجّه المستدام على التصاميم فحسب، بل يمتد ليشمل المواد المستخدمة في تغليف المنتجات والشمّاعات الخاصة بالملابس، ليقدّم بذلك نموذجًا متكاملًا للموضة الفاخرة الصديقة للبيئة.
اقرأ أيضًا: إطلالة أنيقة في طقس متقلّب.. موضة الطبقات الذكية
علامة The Giving Movement
تتربّع علامة ذا جيفينج موفمنت The Giving Movement على عرش العلامات العربية صديقة البيئة وذات الدافع القوي نحو إحداث تغيير، حيث تقوم العلامة باستخدام المواد المستدامة والبامبو في صناعة الملابس الخاصّة بها، بالإضافة إلى التبرّع بـ 10 بالمئة أو ما يُعادل مليون دولار سنويًا للمنظمات الخيرية كمبادرة إيجابية.
المصمم Ziyad Buainain
يُعتبر زياد بوعينين من أبرز المصممين السعوديين الذين تبنّوا نهج الموضة المستدامة. فقد حرصت علامته Ziyad Buainain على اعتماد تقنية Zero Waste Cutting التي تتيح قصّ الأقمشة دون أي هدر. كما تستخدم العلامة الأصباغ النباتية لتقليل تأثيرها البيئي، وتعتمد مزيجًا متوازنًا من الأقمشة الجديدة عند الحاجة والأقمشة المُعاد تدويرها، لتقدّم بذلك أزياء تجمع بين الابتكار والفخامة والمسؤولية البيئية.
مستقبل الموضة المُستدامة في المنطقة العربية
لا يقتصر الاهتمام بالموضة المستدامة في العالم العربي على تقنيات الإنتاج الصديقة للبيئة فحسب، بل يشمل أيضًا تحوّل العقليات والسلوكيات الاستهلاكية لدى الجمهور العربي. فالمستهلكون اليوم أصبحوا أكثر وعيًا بأثر اختياراتهم على البيئة، ويبحثون عن أزياء تجمع بين الأناقة والفخامة والمسؤولية الأخلاقية. هذا التحوّل يعكس كيف تنساق الثقافات العربية المتنوعة في الشرق الأوسط نحو مشهد موضة مستدام يأخذ البيئة بعين الاعتبار في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتصميم، من اختيار المواد الأولية إلى طرق التغليف، وصولًا إلى التجربة النهائية للمستهلك. وبذلك، تُصبح الموضة أكثر من مجرد أسلوب حياة، فهي رسالة ثقافية تعكس القيم والتوجّهات الحديثة للمنطقة.
