المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025: الرياض.. وجهة العالم في الصقارة
في مشهد يجسد التقاء الأصالة بالتطور، والهوية بالاحتراف، انطلقت فعاليات "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025" في مقر نادي الصقور السعودي بملهم شمال العاصمة الرياض، لتعيد المملكة العربية السعودية تأكيد موقعها كمركز عالمي متقدم في عالم الصقارة، وتفتح آفاقًا اقتصادية ومعرفية جديدة، في واحدة من أبرز الفعاليات الدولية المتخصصة، التي أصبحت تمثل محطة سنوية محورية في أجندة عشاق الصقور والمستثمرين في هذا المجال.
وتحول هذا الحدث السنوي إلى محفل عالمي يجمع مزارع الإنتاج والمهتمين بالصقارة من شتى أصقاع العالم، ليضع المملكة العربية السعودية في طليعة الدول الرائدة في هذه الصناعة التراثية المتجددة.
مزاد 2025: نخبة سلالات الصقور تتجه إلى الرياض
ويُقام "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025" هذا العام في الفترة من 5 إلى 25 أغسطس 2025، بمشاركة نخبة من المزارع المحلية والعالمية من أكثر من 14 دولة، من بينها: كندا، النمسا، التشيك، ألمانيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وغيرها. فضلاً عن نخبة المزارع السعودية الرائدة، في حدث يُعد الأكبر من نوعه عالميًا.
ويعرض خلال المزاد عشرات الصقور المنتقاة وراثيًا، والتي تمثل قمة الجودة والتفوق في الأداء الجيني والمظهري.
وبالإضافة إلى ذلك، يتضمن الحدث مزادات حية، ومنصة إلكترونية للبث المباشر، إلى جانب برامج تثقيفية وتفاعلية، وورش عمل، وعروض للصقارة التقليدية والحديثة.
واستقبلت الرياض منذ الأيام الأولى دفعات من نخبة الصقور المنتَجة خصيصًا لهذا الحدث، بينها أكثر من 58 صقرًا من مزرعة "جون لاجون" الكندية، و28 صقرًا من مزرعة "يورغن سيلبر" النمساوية، و14 صقرًا من مزرعة BG Falcons التشيكية، جميعها نُقلت عبر رحلات جوية خاصة بإشراف مباشر من نادي الصقور السعودي، لضمان تطبيق أعلى معايير السلامة والرفاهية للصقور.
بيئة مثالية واستقبال احترافي
فور وصول الصقور، جرى نقلها مباشرة إلى مربط نادي الصقور في ملهم، حيث تخضع لبرامج رعاية صحية متكاملة، بإشراف أطباء بيطريين وخبراء متخصصين، في بيئة محاكية لبيئتها الطبيعية، وبإجراءات دقيقة تبدأ من بلد الإنتاج وحتى وصولها إلى أرض المزاد.
وتحرص إدارة النادي على تأمين مسار موحد لجميع المزارع الدولية، يضمن سلامة الصقور وتنقلها بسلاسة، مما يعكس المستوى الاحترافي الذي يميز النسخة الحالية من المزاد، ويدعم جهود المملكة العربية السعودية في صون هذا الموروث العريق.
منصة موثوقة
على مدى 21 يومًا، يتحول "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" إلى منصة متكاملة لعرض وبيع الصقور، عبر مزاد مباشر تنافسي وسريع، بمشاركة صقارين ومربين ومستثمرين من داخل المملكة وخارجها.
وتعرض الصقور في أجنحة مخصصة لكل مزرعة، كما تبث وقائع المزاد مباشرة عبر القنوات التلفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي، لضمان أوسع وصول وتفاعل مع الجمهور العالمي.
ويتضمن المزاد أيضًا أجنحة لعرض مستلزمات الصقور، وجناح "صقار المستقبل" الموجه لتأهيل الجيل الناشئ، إلى جانب ورش تفاعلية توعوية حول حقوق الملكية والتربية، ما يعزز البُعد المعرفي والاحترافي للحدث، ويؤكد مكانته ليس كمزاد فحسب، بل كتجربة تعليمية وثقافية شاملة.
أرقام قياسية ومبيعات مليونية
شهدت النسخ السابقة من "المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور" صفقات بيع ضخمة تعكس النمو المتصاعد في السوق، حيث سجلت نسخة 2024 بيع 872 صقرًا من إنتاج 56 مزرعة من 19 دولة، وبلغت قيمة المبيعات أكثر من 10 ملايين ريال سعودي، فيما تجاوز عدد الزوار 18 ألف زائر.
أما نسخة 2023، فحققت نموًا بنسبة 218% مقارنة بالعام الذي سبقها، ببيع 642 صقرًا، بإجمالي تجاوز 8 ملايين ريال. بينما سجلت أول نسختين من المزاد مبيعات فاقت 10 ملايين ريال لأكثر من 800 صقر، ما يرسّخ مكانته كأضخم منصة عالمية متخصصة في بيع الصقور المنتجة.
قصة أغلى صقر
"مليون و750 ألف ريال"!
الصقر الأغلى من نوعه في العالم.. مواصفات استثنائية ومزايا نادرة.
المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور
فعاليات الصقور 2025
نادي الصقور السعودي 𓅃 pic.twitter.com/IUYd4FUKqI— نادي الصقور السعودي Saudi Falcons Club (@SaudiFalconClub) August 4, 2025
يبقى الحدث الأبرز في تاريخ المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور هو بيع أغلى صقر "جير" في العالم في العام 2021، حيث شهدت الليلة الختامية للمزاد بيع صقر من نوع "قرموشة جير - ألترا وايت" بمبلغ 1.75 مليون ريال سعودي، تعود ملكيته لمزرعة "باسيفك نورث ويست" الأمريكية، والتي تُعد من أشهر مزارع الصقور عالميًا.
ويتميّز هذا الصقر بمواصفات استثنائية، إذ يبلغ طوله 16.5 إنشًا، ووزنه 980 غرامًا، ويُعد من أندر سلالات "جير" في العالم. وقد شهد المزاد تنافسًا شديدًا من كبار الصقارين على هذا الصقر الفريد، ما يجسد التحول الكبير الذي يشهده السوق من هواية تراثية إلى صناعة عالمية متخصصة وواعدة.
مزاد 2025: حضور متنوع ووجهة استثمارية
في نسخته الجديدة، يستقطب المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور مشاركة أوسع من المزارع العالمية، لا سيما من أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، كما يواصل جذب المستثمرين من أنحاء المملكة العربية السعودية والمنطقة، مدفوعًا بنتائج المزادات السابقة التي أثبتت جدواها الاقتصادية وفرصها التجارية الحقيقية.
وتُبرز الأرقام ذلك، فقد سجل المزاد في العام 2024 بيع صقر من نوع "مثلوث جير فرخ - ألترا وايت" بمبلغ 400 ألف ريال من مزرعة "باسيفيك نورث ويست"، بينما بيع صقر إنتاج محلي من نوع "حر" من مركز العرادي بمبلغ 210 آلاف ريال، ما يعكس نمو مشاركة المزارع السعودية ومنافستها في السوق الدولي.
موروث ثقافي وهوية وطنية
ولا تنفصل الصقارة عن الهوية الثقافية للمملكة العربية السعودية، فهي تمثل جزءًا أصيلاً من تاريخها وتراثها، وتمارس منذ آلاف السنين على أراضي الجزيرة العربية. وقد كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، من أبرز عشاق الصقور، وكان يُلقب بـ"صقر الجزيرة"، حيث استخدم الصقارة كرمز للفروسية والوحدة.
واليوم، يسعى نادي الصقور السعودي، عبر فعالياته المختلفة، إلى ترسيخ هذا الموروث العريق، وتحويله إلى رافد اقتصادي وثقافي مستدام، يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تمكين الثقافة والصناعة والاستثمار البيئي.
وقد بادرت المملكة العربية السعودية، إلى جانب 10 دول أخرى، بتسجيل الصقارة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، في اعتراف دولي بأهميتها ودورها الإنساني والتاريخي.
منظومة وطنية متكاملة
ويأتي المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور ضمن خطة الفعاليات السنوية لنادي الصقور السعودي، والتي تشمل ست فعاليات كبرى خلال عام 2025، أبرزها:
_ معرض الصقور والصيد السعودي الدولي (2-11 أكتوبر).
_ سباق الملواح (5-10 أكتوبر).
_ مزاد نادي الصقور السعودي المحلي (1 أكتوبر - 30 نوفمبر).
_ بطولة كأس نادي الصقور السعودي (23-30 نوفمبر).
_ مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور (25 ديسمبر 2025 - 10 يناير 2026).
وتؤكد هذه الفعاليات مدى التزام المملكة بتطوير قطاع الصقور، وتعزيز دوره اقتصاديًا وثقافيًا وسياحيًا، إلى جانب الحفاظ على البيئة والهوية الوطنية.
أنواع الصقور في المملكة: مفخرة طبيعية وتراثية
الصقر الحر: يُعد من أندر وأغلى أنواع الصقور، ويتميز بسرعته الفائقة التي قد تصل إلى 200 ميل في الساعة، وبقوة مخالبه ومنقاره.
كما يتمتع الصقر الحر بجمال شكله وريشه الكثيف وألوانه المتنوعة. وتاريخيًا، كانت الجزيرة العربية ممرًا رئيسيًا لهجرته.
الصقر الشاهين: المعروف بـ"جوهرة السماء"، يتميز بانقضاضه الخاطف وسرعته التي تتجاوز 320 كيلومترًا في الساعة.
كما أن لديه حاسة بصر قوية تصل إلى ثمانية أضعاف العين البشرية. وتُعد إناثه أكبر حجمًا من الذكور، وتستخدم بكثرة في مسابقات الصقارة.
الصقر الوكري: رغم حجمه الصغير، يُبدي الوكري قوة ومهارة عالية، ويتميز بتعاونه المذهل بين الذكر والأنثى أثناء الصيد.
ويُعد كذلك من السلالات النادرة في الجزيرة العربية، ويتحمّل ظروفًا مناخية قاسية.
صقر الجير: وهو الأكبر حجمًا في فصيلته، ويعرف أيضًا باسم السنقر، ويستوطن المناطق الباردة والقطبية.
وتختلف ألوانه بين الأبيض والرمادي مع علامات سوداء. وتستخدمه المزارع العالمية بكثرة في التهجين والإنتاج.
بين الماضي والمستقبل
لم يعد المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور مجرد فعالية تجارية، بل تحول إلى علامة فارقة في قطاع الصقور العالمي، ومنصة اقتصادية وثقافية تجمع بين التراث والابتكار، بين الشغف بالهوية والحرص على الاستدامة، وبين تاريـخ طويل من العراقة ومستقبل واسع من الفرص.
وبينما تتواصل فعاليات المزاد حتى 25 أغسطس، يترقب الصقارون من جميع أنحاء العالم ما ستسفر عنه صفقاته، وقصصه، ومفاجآته، التي تعكس روح الصقارة العربية المتجددة برؤية سعودية رائدة، جعلت من الرياض عاصمة للصقور وعاصمة للموروث الحي.
