في عمر الـ83.. ما الذي يدفع هاريسون فورد للاستمرار في التمثيل ورفض التقاعد؟
في عمر الثالثة والثمانين، لا يزال الممثل الأمريكي هاريسون فورد (Harrison Ford) يعمل بنفس الحماسة التي بدأ بها مسيرته قبل أكثر من ستين عامًا، ففي حديثه مع مجلة Variety، أوضح فورد أنه لا يضع فكرة التقاعد ضمن حساباته، مشيرًا إلى أن التمثيل لا يقتصر على الشباب، بل يحتاج أيضًا إلى من يجسّد أدوار المسنين.
وقال: "من الأمور التي جعلتني أحب مهنة التمثيل أنها تحتاج إلى الكبار في السن أيضًا لأداء أدوارهم"، ويبدو أن هذه الرغبة العميقة في الاستمرار ليست بدافع المجد أو المال، بل نتيجة حب أصيل لحرفة التمثيل وسرد القصص.
فورد الذي صنع بصمته في أفلام خالدة مثل Star Wars وIndiana Jones وBlade Runner، لا يزال يبحث عن طرق جديدة ليُفاجئ الجمهور، وهو ما أثبته مؤخرًا في انتقاله لعالم التلفزيون من خلال مسلسل Shrinking على Apple TV+، حيث يؤدي دور معالج نفسي يعاني مرض باركنسون.
مسلسل Shrinking وتحديات تمثيل المرض
بعيدًا عن أدواره السينمائية الكبرى، يخوض فورد تجربة جديدة عبر مسلسل "Shrinking"، إذ يلعب شخصية "بول رودس"، وهو طبيب نفسي يكافح مع مرض باركنسون.
المسلسل، الذي يجمع بين الكوميديا والدراما، نال إشادة النقاد، وحصل فورد بفضله على أول ترشيح في مسيرته لجائزة إيمي، إلا أنه عبّر عن عدم اكتراثه كثيرًا بالجوائز، قائلًا: "أنا ممتن، لكنني كنت سأقوم بما أقوم به سواء اعتُبر مهمًا أم لا. لأن هذا ما أفعله، وهذا ما أحب فعله".
ويُظهر فورد حسًا عاليًا بالمسؤولية في أدائه، خاصة في ما يتعلق بتمثيل حالة مرضية حساسة مثل باركنسون، مؤكدًا: "مرض باركنسون ليس مضحكًا، ومن الضروري أن نقدمه بشكل دقيق ومحترم".
حتى زميله في العمل، جيسون سيغيل، أثنى على التزام فورد، مشيرًا إلى أن الأخير لا يعتمد على تاريخه الفني، بل يخلق شخصية جديدة من الصفر بكل إبداع وتفانٍ.
كيف ينظر هاريسون فورد إلى مسيرته اليوم؟
خلال مسيرته الطويلة، أدى فورد شخصيات أيقونية لا تزال محفورة في ذاكرة المشاهدين، بدءًا من المهرب الفضائي هان سولو، وصولًا إلى عالم الآثار الشجاع إنديانا جونز، والرئيس الأمريكي، والمحقق الغامض.
وقد عاد لتجسيد بعض هذه الأدوار بعد مرور عقود، مثل عودته إلى Blade Runner في نسخته الحديثة، وStar Wars بعد 40 عامًا من النسخة الأولى.
وبالنسبة له، كان الدافع وراء العودة إلى تلك الشخصيات ليس ماليًا بل فنيًا، إذ قال: "أردت أن أرى كيف تغيّرت تلك الشخصيات بمرور الزمن... كيف تؤثر فيها اختياراتها وكيف يتغير الإنسان حتى لو كان بطلًا".
أما عن بداياته، فيقول فورد إنه دخل عالم التمثيل مصادفةً بعدما التحق بمادة المسرح في الجامعة معتقدًا أنها ستكون سهلة، ولم يكن يعلم أنه سيتوجب عليه التمثيل أمام جمهور، لكن تلك التجربة منحته إحساسًا فريدًا بالحرية، كما صرّح: "منحني التمثيل شعورًا بأني غير مرئي، وكنت أختبئ خلف الشخصية. كان ذلك أول إحساس حقيقي بالحرية".
ورغم التقدّم في العمر، لا يفكر فورد بالتوقف، ولا يزال يتعلّم نصوصًا جديدة، ويصوّر أعمالًا، ويغوص في عوالم مختلفة كل مرة، وعندما سُئل مؤخرًا إن كان سيعتزل قريبًا، أجاب ببساطة: "لا. أحب أن أروي القصص. أحب أن أكون شخصًا آخر"، وهي عبارة تختصر مسيرة فنية استثنائية لرجل لم يعد يكتفي بلعب الأدوار... بل أصبح هو من يمنحها الحياة.
